منذ 34 عامًا.. وتحديدًا في الخامس والعشرين من يونيو 1982 كانت الدولة المصرية على موعد مع قرار جمهورى للرئيس الأسبق حسنى مبارك بإعادة تشكيل مجلس هيئة الرقابة الإدارية عقب تجميد نشاطها لمدة عامين بقرار من الرئيس الراحل محمد أنور السادات لأسباب لا يزال الغموض يحيط بها، وينتظر إزاحة الستار عنها بوثائق من الممكن أن يلعب الحظ دورًا في الكشف عنها خلال الفترة المقبلة. غير أن الأهم والمختلف في احتفال هذا العام بذكرى عودة الروح لجسد الهيئة وتفعيل دورها في المجتمع هو جلوس اللواء محمد عرفان على رأس هرمها ورئاسته لها فقد تولى الرجل مهام منصبه في أبريل من العام الماضي، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تتبع الهيئة نظمًا وأساليب لم تشهدها إداراتها المتنوعة على مدى أكثر من نصف قرن هي عمرها الفعلى ضمن الكيانات الرسمية بالدولة. "عرفان" صاحب الستين عاما قضى نصف عمره بالعمل بهيئة الرقابة ما يجعله مختلفا عمن سبقوه في قيادة أحد أقوى أجهزة مقاومة الفساد بالدولة، فالبداية من التدرج والخبرة التي اكتسبها من 30 سنة خدمة في الهيئة تمتع خلالها بمعرفة ودراية لم تتح لغيره ممن تعاقبوا على قيادة كرسى الرقيب الأول على المال العام، إضافة إلى حصوله على العديد من الدورات التدريبية في مجال مكافحة الفساد، منها "دورة بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1995، ودورة في فيتنام عام 2000، وأخرى بمعهد العلوم الجنائية التابع للأمم المتحدة عام 2002"، وكلها أسهمت في توسيع أفق الرجل بالتعامل مع القضايا، كما كان له نصيب من التنقل بمحافظات مختلفة ما أسهم في إلمامه بطبيعة كل منطقة من الناحية الاستثمارية والعملية، ويتضح ذلك بتوليه رئيس مكتب الرقابة الإدارية بالأقصر عام 2001 وشغله منصب نائب رئيس مكتب الرقابة الإدارية بالإسكندرية ثم رئاسة الإدارة المركزية للرقابة على وزارة المالية والضرائب والجمارك والتأمينات الاجتماعية عام 2009، وبعدها عمل رئيسًا لقطاع الأمانة العامة عام 2013 وآخر منصب شغله رئيسًا لقطاع العمليات الخاصة، وعمل خلال منصبه الأخير على تفعيل أعمال اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، وتطوير أداء قطاع العمليات الخاصة، وإعداد خطة عمل لتفعيل دور هيئة الرقابة الإدارية إلى أن قرر الرئيس السيسي اختياره لرئاسة الرقابة. اعتماد رئيس الجمهورية وثقته في "عرفان" لم تكن وليدة اللحظة أو نتيجة تقارير وجدت لنفسها مكانا على طاولة العمل بالرئاسة، بل كانت المعرفة الشخصية البداية لها خاصة أن الأخير دفعة بكالوريوس العلوم العسكرية 1977 وهو ذات تاريخ تخرج الرئيس، ما يعنى أن التعامل عن قرب جمع شخصيتيهما وتعرف كل منهما على طباع زميله ما كان سببا أن يكون "عرفان" من أصحاب الثقة والكفاءة أيضا في نظام عبدالفتاح السيسي. ولم يخيب الرجل ثقة قائد الدولة فيه بل منذ اليوم الأول لقيادته الرقابة انتهج سياسة رشيدة اتضحت معالمها في طفرة إيجابية بالأداء تمثلت بالقول والفعل في تغيير اسم الهيئة التنسيقية لمقاومة الفساد لتصبح الهيئة التنسيقية للوقاية ومقاومة الفساد ليحكم ذلك التوسع في مجال التنسيق مع الوزراء لبحث حلول المشكلات التي تواجه العمل دون تصيد الأخطاء بل السعى لإزالة عقبات عديدة أمام المستثمرين وتفعيل نظام الشبابك الواحد في تخليص الأوراق والإجراءات التي تسهل انطلاق مشروعاتهم وأعمالهم. ويحسب له أيضا أنه طور الأداء بالرقابة من خلال تغيير أساليب العمل القديمة والتوسع في المرورات الميدانية على الخدمات المقدمة للمواطنين كالتموين والرى والكهرباء ومياه الشرب والصحة وتطبيق الشفافية مع وسائل الإعلام والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في بعض تطبيقات العمل بالهيئة وكلها أسس لم تجد لها مكانًا في أجندة من سبقوه برئاسة الهيئة. وفى مجال مكافحة الفساد كان النجاح حليف الرجل بضبطه أكثر من 100 قضية لكبار الموظفين تم الإعلان عنها خلال الأشهر القليلة الماضية من توليه مهام منصبه، والتي يأتى في مقدمتها واقعة ضبط وزير الزراعة السابق صلاح هلال بعد تورطه في قضية رشوة ومن بعده مساعد وزير الصحة.