يحتاج المفكر والمبدع إلى مساحة كبيرة من الحرية كي يطرح أفكاره ويعبر عن آرائه بمنتهى المصداقية والبعد عن الخوف والقلق والخروج من حيز العقاب الذي فرضه النظام الاستبدادي السابق على حرية التعبير، والذي ظل يمارس الحصار على آراء الأدباء والمفكرين وابداعاتهم ومؤلفاتهم ويضيق الخناق عليهم حتى ضاع الإبداع في النهاية وتقلص دور المفكرين والمبدعين في المشاركة في أحداث المجتمع . وهذا ما يؤكده الشاعر حلمي سالم حيث قال إن المفكرين والمبدعين يحتاجون لقدر كبير من الثقة والطمأنينة والشعور بالأمان حينما يعبرون عن آرائهم وأضاف للأسف لم تكن كل هذه الأشياء متوفرة للمبدعين وأصحاب الرأي في مصر في فترة حكم المخلوع و ذلك جعل الكثير من المبدعين يبتعدون عن نشاطاتهم الفكرية والإبداعية خوفا من بطش الحكومة بهم وما كانت تتخذه حيالهم من سجن واعتقال وما إلى ذلك وأن نتيجة لهذا شهد الإبداع عملية انحصار أدبي فني وثقافي وتراجع وفي كل المجالات الإبداعية الأخرى ومازال يعاني من ذلك حتى الآن . وأكد سالم أن المثقفين والمبدعين في مصر لديهم حالة من القلق الآن من سيطرة التيار الإسلامي على مجريات الأمور مشيرا إلى أن هذا القلق لم يأت من فراغ وأنه نتاج ما تفعله القوى الإسلامية ضد أصحاب الرأي واستخدامهم البرلمان وسلطة تشريع القوانين كفزاعة لكل من يقول رأيه فيهم بصراحة ومنها يصدرون القوانين التي تحجم وتقيد كل من يريد التعبير عن رأيه بحرية بالتلويح بالعقوبات والسجن مشيرا إلى أنه يتم كل ذلك بالتعدي على النصوص الدستورية التي تكفل حرية الرأي والإبداع . وتقول الكاتبة فتحية العسال إنه كانت هناك العديد من محاولات التوجيه والإقصاء للمفكرين والمبدعين في فترة النظام السابق والسيطرة عليهم لحماية مصالحهم لأنهم كانو ضمير الشعب ولسانه إلا أن هذه المحاولات كان مصيرها الفشل لعدم استجابة المفكرين والمبدعين لهم وإن كانت حركة إصدار الإبداعات والمؤلفات قد تأثرات بسبب الحرب القائمة بين الحكومة والمفكرين والأدباء ومحاولة إقصاء أفكارهم وتقييدهم . وأشارت إلى أن هناك محاولة للمد الرجعي في مصر بسبب التطرف الديني الذي تعيشه الساحة السياسية الآن أولها الاعتداء على الإبداعات والحريات فيما يرونه متنافيا مع الإسلام من وجهة نظرهم مضيفة أن القوى الإسلامية الآن تستخدم طريقة ( اضرب المربوط يخاف السايب ) مع من يحاول التعبير عن رأيه بما يخالف منهجهم السياسي ونفذت ذلك على بعض رموز الإبداع في مصر لجس نبض المفكرين وأصحاب الرأي ككل وكيف سيكون رد فعلهم تجاه هذا القمع مضيفة أن ذلك يتم عن طريق تلفيق التهم للتحايل على النصوص والقوانين التي تكفل الحريات وتدوير القضية لتأخذ شكلها النهائي أنها ضد الإسلام وأنه يجب محاكمة صاحبها . وأكدت الكاتبة سكينة فؤاد إن حرية الرأي والإبداع كانت من إحدى ضحايا نظام مبارك على مدار ال 30 عاما الماضية والتي دائما ما كانت الحكومة تحاول السيطرة عليها وقمعها من خلال وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة. وأضافت أن المبدعين لم يجدوا المناخ السليم لظهور ابداعاتهم كما كان في فترة الستينات والسبعينات بسبب هذا القمع في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المؤلمة رغم وجود العديد من الأدباء والمفكرين والمبدعين في كل أنحاء مصر وأقاليمها مشيرة إلى أنه حتى حينما كان يحدث ترويجا بعض الشيء للمبدعين والمثقفين يكون من نصيب الأجيال الكبيرة فقط دون النظر أو الالتفات للأجيال الصاعدة مما أدى بعد ذلك لتقليص حجم الإبداع في مصر وتراجع مستواه . وحذرت من محاولات الإسلاميين هم الآخرين لاستخدام نفس طريقة النظام السابق في قمع الحريات بالتحايل على النصوص الدستورية التي تكفل حرية الإبداع والرأي من خلال ثغرات القوانين وإحالة القضية المستندة على النص الدستوري للجهة المختصة وبذلك تكون أولى خطوات تثبيت التهمة على المبدع والمثقف مؤكدة أن وقوف الإسلاميين عند حدهم لن يأت إلا برد فعل قوي من الأدباء والمفكرين ضد هذه المحاولات .