التسول.. من أقدم المهن التى ظهرت منذ آلاف السنين، إلا أن أشكال التسول تتعدد بحسب المكان والزمان، ففى أوروبا يشترى المتسول آلة موسيقية ويجيد العزف بها، ثم يتخذ لنفسه مكاناً بارزاً فى أحد الميادين، ليعزف مقطوعات موسيقية واضعاً قبعته ليضع فيها المحسنون هباتهم، والأمر يختلف من دولة إلى أخرى، حتى فى نفس الدولة، ففى مصر نجد ازدهاراً للتسول فى شهر رمضان، فالصائمون يريدون زيادة حسناتهم بالصدقات على الفقراء والمساكين، فيقوم المتسول بارتداء ملابس ممزقة، بالية، ليستدر عطف الناس، وهناك فئة تحترف التسول، بطرق مختلفة ليمارس الجميع «بيزنس الشحاتة». ففي المناطق الراقية تجد شاباً أنيقاً، معطراً، يستوقف شاباً أو فتاة فى مثل سنه، ليدعى أن لصوصاً سطوا على سيارته ونهبوا أمواله، وهو غريب عن هذه المنطقة، ويريد «مساعدة» حتى يصل إلى فيلته، وبالطبع «تنطلي» الحيلة على هؤلاء الأثرياء، من الطبيعى أن ينشط المتسولون فى شهر رمضان، بهذا تقول د.سهير عبد المنعم - أستاذ القانون الجنائى - فهذه المناسبة الدينية تجمع المتسولين بجميع أطيافهم، وبحكم طبيعة الشعب من تكافل اجتماعى ومساندة إنسانية، فمن يمنح المال يدرك أن هذا واجب دينى وسبب للحصول على الأجر والثواب من الله، وفى الأيام العادية يحصل المتسول يومياً من 03 إلى 05 جنيهاً يومياً، أما فى رمضان فتتضاعف حصيلته من كثرة عطاء الناس. د سهير أضافت: أن هناك «بيزنس خاص» بين المتسولين والبلطجية، إذ يفرض كل بلطجى إتاوة يومية على منطقة نفوذه التى تضم عدداً من المتسولين، فيحصل البلطجى على «ربع» إيراد كل متسول وإلا طرده من المنطقة وربما سبب له عاهة مستديمة. وأنماط التسول متعددة، وفقاً لما أوضحت د. سهير منها الاستجداء وابتزاز الاحسان، وقد يكون المتسول لحوحاً فيتخلص الشخص منه بدفع جنيهات بسيطة لكى يتخلص من «زنه» وهؤلاء يشكلون 87٪ من المتسولين، وغيرهم يتسول بعاهته، والمتسولات بأطفال رضع وبدموع ساخنة مدعية أنها مطلقة والأطفال جياع ومرضى يحتاجون إلى علاج، نوع آخر هو التسول بالسلع التافهة كأكياس المناديل أو تقديم خدمة كتنظيف زجاج السيارة فى اشارات المرور، وعلى أى حال فاحتراف التسول هو الباب الملكى لدخول عالم الجريمة والاحتراف فيها، فهى مهنة ذات مكسب سريع، ويتوارثها الأبناء عن الآباء. د.سهير تؤكد أنه لا توجد احصائية رسمية عن عدد المتسولين فى مصر، لكن المؤكد أن حصيلة التسول تبلغ المليارات كل عام. 100 جنيه يتحصل عليها المتسول يومياً فى رمضان، وترتفع تلك القيمة كلما زاد إحساس من يستدر عطفهم بأهمية الصدقة فى رمضان، وتختلف حيل المتسولين باختلاف المناطق التى يستهدفونها، فالثياب البالية والوجه الكالح لوازم التسول على أبواب الجوامع، وأمام الڤيلل والقصور التسول يكون بمنتهى الشياكة.