ليس هناك من يعارض الرئيس أو الحكومة في مصر، سواءً كان ذلك مؤسسيا عن طريق الأحزاب الشرعية، فأغلبها ضعيف وهش أو كرتونيا مصنوعا من ورق التزلف للسلطة.. أما الأفراد الذين صنعوا مجدهم وتاريخهم كمعارضين في حقبتي مبارك الطويلة الممتدة لثلاثين سنة سوداء، أو في عهد اليمين الدينى الذي استمر يداعب السلطة والنظام لمدة ثلاث سنوات، فأغلبهم اختار أن يؤمن مستقبله أو ما تبقى له من عمر، ماليا أو سياسيا بالتأييد الدائم أو بالصمت الرهيب.. تجد من كان اشتراكيا أو(لامؤاخذة ) ناصريا حتى، يؤيد كل السياسات الرأسمالية المناقضة تماما لما كان يدعو له ويصفق له منذ عهد ناصر حتى قبيل انتخاب الرئيس ! أما أشباه الليبراليين في مصر فلا يعنيهم سوى وجود حرية محدودة في الأمور الشخصية أو التعبير (الأدبى) أو الفنى ودمتم... أما السادة السلفيين ومن تبعهم بلحية أو بفتوى غريبة فهم دوما في ركاب أي حاكم وفي ذيل أي نظام قانعين بالأمن والأمان الشخصي وبالمال أيضا الذي يتربحونه من التجارة دعويا بالدين في الفضائيات وغيرها.. يحدث هذا مع انهيار جماعة الإخوان التي لم تكن يوما ثورية ولا معارضة بحق، والتي كشفت عن عشقها للدوله العتيقة وتحالفها معها منذ أول يوم ثورة حتى الإطاحة بها من قبل نفس الدولة.. إذن لا يوجد كيان مؤسسى أو أهلي معارض لمصر.. فقط هناك بعض الأصوات المتناثرة من أقصى اليسار وأغلبهم ثلة من المثقفيين غير الرسميين، والذين لا يتبعون لواء الدولة ! إذا كان ذلك كذلك وهو أمر واقع وواضح للجميع بما فيهم الرئيس والحكومة.. من أين إذن تخرج تلك الأصوات الكثيرة التي تعارض الرئيس وسياسات الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعى، والتي دعت الرئيس يوما أن يقول أن بإمكانه أن يجعل حوارهم دائرة مغلقة بكتيبتين من أجهزة سيادية ! بكل بساطة.. تلك هي أصوات الناس العاديين الذين لا يتبعون نسقا أيدولوجيا معينا أو تنظيما سياسيا موحدا.. فقط هم من يشعرون بكثير من الظلم والإجحاف والغبن والتمييز السلبى ضدهم من سياسات الحكومة.. هؤلاء وحدهم فقط الفقر أو بتعبير أدق الإفقار الذي صار حدث متكرر يومي من خلال التخضم الهائل وغير المسبوق في أسعار كل شيء في مصر.. أضف إلى ذلك تضاؤل الحلم يوميا في مستقبل أفضل لأبنائهم مع وجود الثانوية العامة وشاومينج والغش المميز لأبناء الأكابر والوظائف المحجوزة مسبقا والأماكن المحظور على أبناء الأغلبية من الاقتراب منها ولو حتى في الحلم ! ، ومع ذلك تصور بروباجندا الحكومة كل تلك الكوارث على أنها إنجازات غير مسبوقة مما يلقى بمزيد من الحقد والحنق على النظام بأكمله ! ثم نجد الرئيس في كلمته أمام إفطار ما يسمى بالأسرة المصرية يدعو التجار للرفق بالمصريين! كيف هذا يا ريس!... هل مهمة الحاكم أن يدعو التجار للرفق أم يلزمهم بقوانين صارمة ترفق به هو أولا وليس بالشعب، لأن غضب الشعب يصب بأكمله على من يحكمه.. فعندما يخطىء موظف صغير أو كبير موكل بخدمة المواطن تجد الناس بكل تلقائية ترجع اللوم على من يحكمها وخاصة في مصر.. ذلك لأننا منذ عهد الفراعنة والحكومة عندنا هي الرئيس والرئيس هو الحكومة.. يعمق ذلك الشعور دعاية فجة تلصق اسم مصر الكبير بكل حاكم مهما كان حجمه، فلقد كانت مصر مبارك وقبلها مصر السادات وقبل قبلها مصر ناصر.. والآن يعمقون الشعور بذلك ويجعلون ممن يفكر في معارضة الرئيس خائن لمصر ! كان أولى بالرئيس أن يدعو حكومته للرفق بالمصريين، وهى ترفع عنه الدعم يوميا وتقول إنها تنفذ سياسات الرئيس وتوجيهاته !!! كيف يقوم التجار بالرفق بالشعب وحكومته لا ترفق به.. هل هناك خدمة واحدة أو سلعة واحدة رفقت بها الحكومة بالشعب.. اذكر لى واحدة فقط ! [email protected]