لا تبدو الصورة في مصر قاتمة بشكل كامل.. فكما يوجد أناس باعوا ضمائرهم وتنازلوا عن مبادئهم بحثًا عن مزيد من الأموال ولو على حساب الفقراء والمهمشين، هناك على الجانب الآخر أناس ما زالوا قابضين على الجمر ويرفضون التراجع قيد أنملة عن القيم التي تربوا عليها، ويضربون أروع الأمثلة في الأمانة والتفانى في العمل ولو مقابل جنيهات قليلة يتقاضونها كراتب شهري ويؤمنون بأن بيت النتاش واللص وآكل المال الحرام كبيت العنكبوت وإن أهون البيوت لبيت العنكبوت. عمال الإسعاف أبرز هذه النماذج الإيجابية، تسليم طاقم سيارة إسعاف بالشرقية مبلغ مالى يقدر ب100 ألف جنيه مصرى و12 ألف ريال سعودي، عثروا عليها في حادث تصادم بالمدينة في شهر مارس الماضي، للجهات المختصة حيث تلقى المسعف عادل عبد العزيز، والسائق محمود حمدي، والسائق صلاح محمد فتحي، التابعان لإسعاف الشرقية، إشارة بالتوجه لموقع حادث سير وقع في نطاق مدينة القرين، وعند وصولهم وجدوا صاحب سيارة ملاكى قد لفظ أنفاسه الآخيرة، وعثروا بحوزته على حقيبة بها مبلغ 12 ألف ريال سعودى وحقيبة أخرى بها مبلغ 108 آلاف جنيه مصري، و2 هاتف محمول ومتعلقات شخصية أخرى، فحافظوا عليها حتى تم تسليمها لذويه، الأمر الذي دفع الدكتور أحمد الأنصاري، رئيس هيئة الإسعاف لتكريم الطاقم تقديرًا لأمانتهم بعد أن ضربوا مثلًا يحتذى في احترام مهنتهم، بمنحهم شهادات تقدير ومكافأة مالية. عند التحدث عن نماذج الأمانة، لا يمكن نسيان رفض موظفة بقصور الثقافة بجنوب سيناء تدعى إيمان المنياوي"، مبلغ 400 ألف جنيه فوجئت بها زيادة في راتبها في فبراير الماضي، اعتادت الموظفة أن يكون راتبها متغيرا منذ تطبيق قانون 18 في يوليو 2015 فلم تستطع تحديد الراتب الفعلي، ولكنها بعد أن صرفت جزءا من راتبها وأعطت ابنها الفيزا كارد لصرف الباقى من البنك الأهلي فرع طور سيناء، فوجئ الابن بأن الرصيد المتبقى بالحساب 400 ألف و207 جنيهات فرفض استلام المبلغ، وأبلغ صديقا له بالبنك الأهلي فرع طور سيناء بالواقعة، والذي طلب منه الانتظار لحين بداية العمل، حيث إجازة العيد، بعد انتهاء إجازة العيد وبدأ العمل وذهبت السيدة إلى البنك الأهلي للاستفسار ومراجعة الحسابات بالبنك الذي اتصل بالبنك المركزى لمعرفة أسباب هذه المبالغ، وبعد المراجعات بالبنك المركزى والبنك الأهلي فرع الطور لحساباتهما اليومية، جاء رد البنك الأهلي والبنك المركزى بالقاهرة أن هذه المبالغ غلطة من موظف الحسابات بهيئة قصور الثقافة وليس غلطة مسئول البنك، الأمر الذي دفع المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والتنمية بجنوب سيناء لتكريمها بمنحها شهادة تقدير ومبلغ مالي. مضيفة مصر للطيران ولم تختلف آية محمد سليم، مضيفة بشركة مصر للطيران إكسبريس عن سابقتها، بتكريمها بمنحها شهادة تقدير في فبراير الماضى من قبل شركة مصر للطيران، لأمانتها وحرصها على رد متعلقات الركاب المفقودة لأصحابها، فبعد عثورها على حافظة نقود بها مبلغ من المال قدره 1300 دولار و700 جنيه مصري، بالإضافة إلى عدة كروت ائتمانية فقدها أحد الركاب العرب على رحلة مصر للطيران رقم 702 القادمة من العاصمة الأردنية "عمان" إلى مطار القاهرة الدولي، أبلغت المضيفة رئيس الطاقم، ليتم التنويه من خلال الإذاعة الداخلية عن المفقودات وتمكن الراكب من استعادة متعلقاته على الفور. عامل مطار وعلى رأس قائمة الأمناء يتربع عامل مطار، بتكريمه وتسليمه شهادة تقدير وصرف مكافأة من قبل مدير مطار سوهاج الدولى في 23 أبريل الماضي، بعد عثوره على حقيبة بها 168 ألف ريال سعودى وخمسمائة دولار ومشغولات ذهبية وسلمها لأمن الطيران المدني، وبعد تسليمها لصاحبتها التي فوجئت بموقف العامل وحاولت مكافأته ولكنه رفض قائلا لها: "هذا عملى". رافضو الرشاوى لا يمكن أن ننسى ونحن نتحدث عن الأمانة، رافضى الرشاوى، وما لهم من مواقف عدة، يكفى ذكر أبرزها مع الموظف بمديرية تموين كفر الشيخ "حسنى عبد العزيز"، والذي رفض رشوة بأكثر من 300 ألف جنيه لتفعيل عدد من البطاقات الذكية الخاصة بمديرية تموين كفر الشيخ وتواصل مع الأمن للقبض على الراشي، بالرغم من أن راتبه لا يتجاوز 800 جنيه، فهو مثال للموظف الشريف، خصوصًا في ظل وجود أصحاب مخابز وتجار تموين متخصصين في التلاعب برغيف العيش.