قصر القبة.. أحد أهم القصور الرئاسية الآن، كما كان من أهم القصور الملكية قبل ثورة 32يوليو، شهد القصر العديد من الأحداث السياسية المهمة والصراعات داخل أسرة محمد على على الحكم، ولكن قبل أن نتعرض لهذه الصراعات والأحداث نلقى نظرة على تاريخ القصر وتركيبته المعمارية. بداية كانت المنطقة التى أنشئ فيها القصر «حى القبة» فى الجهة الشمالية من محافظة القاهرة عبارة عن مجموعة من الحدائق والبساتين منذ عصر المماليك وكان المكان أحد أماكن التنزه للملوك والأمراء وكبار القوم فى ذلك الوقت لذلك أنشأ به الأمير يشبك بن المهدى أحد امراء دولة المماليك البحرية قبتين، الأولى كانت تعرف بقبة الفداوية وكان موقعها بين العباسية والحسينية، أما الثانية وهى التى لا تزال قائمة حتى اليوم وإليها ينسب اسم الحى، وهذه القبة الأخيرة تعرف خطأ بقبة الغورى السلطان المملوكى لأنه كان دائم التردد عليها للنزهة والنزول فيها ولذلك عرفت باسمه. وإذا كانت هذه المنطقة قاصرة على أمراء المماليك فى هذا الوقت، فإن العامة بدأت البناء فيها منذ العصر العثمانى ولكنها احتفظت برونقها ولذلك وقع عليها اختيار إبراهيم باشا ابن محمد على الكبير ليبنى بها قصره الكبير عام 2481. ويتكون القصر من مبنى السراى الكبرى المعروفة بسراى الحرملك والسلاملك، وكانت ملحقة بها دور للزراعة وعصارة عنب ومنزلاً خاصاً بالعساكر والعبيد ومنزلين آخريين بالاضافة إلى اسطبل للخيول كان يعرف باسطبل المهارة، وتحيط بالقصر مساحة شاسعة من الأراضى الزراعية وسواقى الرى. ولو نظرنا إلى جناح السلاملك سنجده يتكون من أماكن الخدم والأوفيسات الخصوصية والمطابخ الملكية، إلى جانب جناح نوم الملك وحجرة الطعام والمكتب الخاص ومكتب التشريفات، كما يضم متحفاً خاصاً يحتوى على طوابع البريد والعملات الأثرية ومجموعة من مجوهرات العائلة المالكة وبعض التحف المرصعة بالاحجار الكريمة. أما الحرملك ففيه نوم الملكة والأميرات، والمكتبة وصالة الجمانيزيوم، بالاضافة إلى مخازن الخاصة الملكية. ولو تتبعنا التاريخ السياسى للقصر سنجد انه بعد وفاة إبراهيم باشا ورث القصر ابنه الأمير مصطفى فاضل، وظلت الأمور عادية حتى عصر الخديو سعيد حيث كانت ولاية العرش وفقاً للمرسوم السلطانى تعود للأكبر سناً من ابناء وأحفاد محمد على، وكانت ولاية العرش للأمير أحمد رفعت، واثناء عودة الأمير أحمد من الاسكندرية بالقطار الملكى سقطت العربة التى كان يستقلها فى النيل اثناء عبور القطار كوبرى كفر الزيات فأدى الحادث لوفاة الأمير غرقاً، وبذلك عادت ولاية العرش للأمير إسماعيل «الخديو إسماعيل فيما بعد»، وبعد أن تولى إسماعيل العرش كانت ولاية العهد للأمير مصطفى فاضل وريث قصر القبة، ولكن الخديو إسماعيل سعى لدى السلطان العثمانى بالوسطات والهدايا والرشاوى حتى استطاع الحصول على مرسوم سلطانى جديد يجعل وراثة العرش لابنائه فقط، وبذلك انتقلت ولاية العرش من الأمير مصطفى فاضل إلى الأمير توفيق الابن الأكبر للخديو إسماعيل، وهو ما أدى للحرب بين الأمير مصطفى فاضل والخديو إسماعيل، الذى اعتبر مغتصباً للعرش وبعدها سافر الأمير مصطفى إلى الاستانة هربا من بطش الخديو إسماعيل ولكنه سرعان ما توفى هناك وعادت زوجته وابنائه إلى القاهرة حيث اقنعهم الخديو إسماعيل بشراء كل أملاك أبيهم فوافقت الأسرة رضوخاً لأمر واقع ودفع الخديو إسماعيل مبلغ 2مليون و008 ألف جنيه ثمنا لأملاك الأمير مصطفى فاضل ومن بينها قصر القبة وما حوله من أراض، وبذلك أصبح القصر من أملاك الخديو إسماعيل والذى قام باهدائه إلى ابنه الأكبر وولى عهد الأمير محمد توفيق. وعندما تسلم الخديو إسماعيل القصر أمر بتجديد بناء القصر، وكان ذلك عام 8681 حيث أعاد ترميم القصر وطلائه كما بنى دوراً جديدا للقصر ليصبح القصر أربع أدوار، وأقام سورا حول الحديقة بالحجر بدلا من الطوب اللبن الذى كان مستخدما من قبل. وعندما تولى الملك فؤاد عرش مصر اهتم بالقصر وقام ببناء البوابات الرئيسية للقصر والتى تطل على جهة كوبرى القبة، وأعاد بناء السور المحيط بالقصر وقام بتعليته على الوضع الذى هو عليه الآن وتكلف وقتها 02 ألف جنيه أيضاً اهتم به الملك فاروق وأعاد تنسيق حدائق القصر وأقام بها ملاعب للتنس وجدد المتنزهات بها خاصة حدائق الزهور والتى كان فى وسطها بركة صغيرة للماء كان فاروق يمارس بها رياضة التجديف كما شرع فى بناء حمام سباحة وحفرت الأرض بالفعل لذلك ولكن لم يتم بناءه بسبب قيام ثورة 32يوليو. وعن أهم الأحداث السياسية التى شهدها القصر فهى : - الزفاف الأسطورى لأربعة من ابناء الخديو إسماعيل وهم الأمراء توفيق وحسين كامل وحسن ومعهم الأميرة فاطمة عام 3781 والذى استمر 04 ليلة وليلة وعرف باسم افراح الانجال. - ميلاد الأمير محمد على توفيق عام 5781 ولى عهد الملك فاروق قبل أن يولد الأمير أحمد فؤاد الثانى، كما كان فى لجنة الأوصياء على العرش بعد الثورة وقبل اعلان الجمهورية. - وفاة الملك أحمد فؤاد عام 6391، وتشييع جنازته من داخل القصر. - الملك فاروق أقام فيه زفافه الأول على الملكة فريدة عام 8391، وأقام فيه عام 7491 مأدبة عشاء ملكية لشاه أفغانستان محمد زاهير. - فى عام 4591 قرر مجلس قيادة الثورة بيع مقتنيات أسرة محمد على فى المزاد العام، وأقامت الحكومة المزاد بالفعل فى عدة أماكن كان من بينها قصر القبة، ولكن سرعان ما تم العدول عن المزاد بعد انتقادات عالمية كثيرة. - عقب وفاة الرئيس جمال عبدالناصر عام 0791 تم نقل جثمانه إلى القصر تمهيدا لخروج جنازته، وتجمعت الجماهير خارج أسوار القصر مما حال دون خروج الجنازة، فتم نقل الجثمان بطائرة هليكوبتر. - أما آخر الأحداث التى شهدها القصر فى عهد الرئيس مبارك كان الاستقبال الرسمى للرئيس الأمريكى باراك أوباما فى شهر يونيه 9002 عندما جاء إلى مصر ليلقى خطابه الشهير للعالم العربى والإسلامى من قلب جامعة القاهرة، وكان القصر مقراً لإقامته فى مصر.