بعد فتح مكة عام 8 هجرية بدأت القبائل تتوافد إلى رسول الله لمبايعته على الإسلام ، وفى عام 9 هجرية جاء إلى المدينة وفود كثيرة من أنحاء الجزيرة تعلن إسلامها أمام الرسول صلي الله عليه وسلم , وكان من هذه الوفود وفد عظيم مكون من سبعة عشر رجلا يمثلون مائة ألف من بنى حنيفة (وفد اليمامة) وعندما دخل القوم لرسول الله وأعلنوا إسلامهم أعطاهم الرسول صلي الله عليه وسلم الهدايا , فقال له الوفد:(يا رسول الله إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا) فقال لهم رسول الله: (وقال أما إنه ليس بشركم مكانا) ، وأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم. أي ما دام يحرس متاعكم إذن فهو ليس بأسوأكم ، و أعطاهم الهدايا له فخرجوا لمسيلمة وقالوا له ما قاله رسول الله عنه , فقال لهم مسيلمة: انظروا مدحنى محمد..ثم بعد ذلك ذهب مسيلمة لبيت النبى ، فقال له القوم : متى تُسلم يا مسيلمة ؟فقال لهم مسيلمة: أُسلم على أن يعطينى محمدا الأمر من بعده.. فسمعه الرسول صلي الله عليه وسلم, فأمسك بعرجون صغير من الأرض العرجون، جزع نخلة يابس) وقال: والله يا مسيلمة لأن سألتنى هذا العرجون ما أعطيته لك ووالله ما آراك إلا الكذاب. وفى يوم آخر أرسل مسيلمة صحيفة إلى رسول الله جاء فيها (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله . آلا إنى أوتيت الأمر معك فلك نصف الأرض ولى نصفها . ولكن قريشا قوم لا ينصفون) فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة كتبها له أبي بن كعب ، نصها (بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد النبي الى مسيلمة الكذاب ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين ، والسلام على من اتبع الهدى) وعندما فض مسيلمة كتاب رسول الله ازداد ضلالا وغرورا ، فجمع قومه ليشاهدوا يوما من الأيام المشهودة... وجيء بمبعوث رسول الله وتم تعذيبه حتي فاضت روحه شهيدا في سبيل الله . وكان من أعظم ما فتن به قومه شهادة أحد رجاله يدعى (الرجّال بن عنُفُوة) له بإشراك النبي صلى الله عليه وسلم إياه في الأمر ، وكان « الرجّال» من الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقرأ القرآن وتعلم السنن ، فبعثه رسول الله إلى مسيلمة ليخذل عنه الأتباع، وليوضح حقيقة الأمر للناس في هذه الفتنة الغاشية ، فما كان منه عندما وصل إليه ، إلا أن انقلب على وجهه وأخذ يشهد لمسيلمة أمام الناس أن رسول الله أشركه معه في النبوة ، ففتن قومه ، وكان هذا الرجل أشدّ فتنة على الناس من مسيلمة نفسه..وبعد وفاة الرسول وخلافة أبي بكر الصديق له قام أبو بكر بارسال جيوش المسلمين لمحاربة الفتن والردة والمرتدين ومدعى النبوة التى حدثت بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم. وقد أرسل جيشا بقيادة خالد بن الوليد إلى اليمامة والي مسيلمة الكذاب فلما سمع مسيلمة بقدوم خالد ، عسكر بمكان يقال له عقرباء في طرف اليمامة ، واستدعى الناس وحثَّهم على لقاء خالد ، فأتاه أهل اليمامة وجعل على جانبى جيشه: المحكم بن الطفيل والرّجّال بن عنفوة, ولما تواجه الجيشان قال مسيلمة لأتباعه وقومه قبيل المعركة الفاصلة: اليوم يوم الغيرة ، اليوم إن هزمتم تستنكح النساء سبيّات ، وينكحن غير حظيات ، فقاتلوا على أحسابكم ، وامنعوا نساءكم.. وتقدم خالد بن الوليد ، وسار لقتال مسيلمة ، وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله ، ثم رجع ثم وقف بين الصفين ودعا إلى المبارزة وقال: انا ابن الوليد العود ، أنا ابن عامر وزيد ، ثم نادى بشعار المسلمين-وكان شعارهم يومئذ «يامحمداه»- وجعل لايبرز له أحد إلا قتله ، ولايدنو منه شيء إلا أكله وقد ميز خالد المهاجرين ، من الأنصار ، من الأعراب ، وكل بني أب على رايتهم ، يقاتلون تحتها ، حتى يعرف الناس من أين يؤتون. وقد أشار عليهم مُحَكَّم اليمامة وهو محَكّم بن الطفيل بدخولها ، فدخلوها وفيها مسيلمة ، وأدرك عبدالرحمن بن أبي بكر ، محكَّم بن الطفيل فرماه بسهم في عنقه وهو يخطب فقتله ، وأغلقت بنو حنيفة الحديقة عليهم ، وأحاط بهم الصحابة, وخلص المسلمون إلى مسيلمة ، وكان اذا اعتراه شيطانه أزبد حتى يخرج الزبد من شدقيه، فتقدم إليه (وحشي بن حرب) مولى جبير ابن مطعم -قاتل حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه يوم أحد وذلك قبل دخول وحشي فى الإسلام- فرماه بحربته فأصابه وخرجت من الجانب الآخر ، وسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة ، فضربه بالسيف فسقط ،وقتل الكذاب فى العام الثالث والعشرين من الهجرة النبوية .