الحراك الاجتماعي والسياسي أصبح ظاهرة واضحة كشفت عنها وبوضوح الأحداث الأخيرة في مصر، ولو تأملنا لوجدنا أنها تحمل بين طياتها الصحة والمرض، ولكنه حراك ضد السلطة. الكتلة الصامتة في المجتمع المصري بدأت تتحرك بعد أن "عَز" عليها الكلام، وبعد أن وصل ألمها والضغط عليها إلى مراكز الأعصاب، سواء بسبب الغلاء أو تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أو الفساد في كل مستويات الحياة، أو بسبب السياسات الاقتصادية والخصخصة وتحكم أقل من 1% في حياة الملايين دون أدنى شعور بالمسئولية. المحزن أن احتجاجات الناس على ظواهر واضحة ملموسة وموجعة يقابلها استخفاف، بل تآمر، من جانب بعض المسئولين الذين تراوحت ردود أفعالهم بين المواجهة الأمنية القاسية وتزوير الحقائق وإطلاق المزيد من الوعود وتقديم جرعات عاجلة من حلول وقتية كاذبة. أظن أن السلطة يجب أن تدرك أن احتجاج المجتمع المصري بأكمله له أسباب مباشرة وغير مباشرة، أما المباشرة فهي تضييق الخناق على سبل الحياة كالبطالة وارتفع الأسعار بصورة كبيرة والأمراض الاجتماعية وانهيار معظم مظاهر الحياة في مصر، بما لا يتناسب مطلقا مع قدرات مجتمع يستطيع أن يدير نفسه بكفاءة. وعن الأسباب غير المباشرة لهذا الغليان فتتلخص في انعدام كفاءة بعض المسئولين وفسادهم واستمرارهم وإصرارهم على معالجة الأمور بنفس الطريقة العقيمة، مما أدى إلى تفاقم ظواهر المرض، وإني لأعجب من بعض المثقفين والمسئولين الذين يكتبون ويدلون بتصريحات لطمأنة الناس بالباطل، بينما الكارثة تحل بالمجتمع، حيث إنهم لا يتجهون لعلاج المرض في حد ذاته، إنما يتجهون لأسلوب آخر وهو إعطاء المسكنات لتخفيف الألم وترك المرض يتفشى في جسدنا.. لله الأمر.