* أساليب الرى الحديثة تزيد المساحة المزروعة ل 80 مليون فدان بدلا من 8 ملايين * إدارة الاقتصاد شعارها «إن الله لا يغير ما بقوم إلا بالمستثمر الأجنبي» * لدينا أزمة اسمها «عدم توافر إرادة التغيير» * مبادرات تخفيض الأسعار لن تنجح * تفعيل مشروع قرى الظهير الصحراوى يستوعب 10 ملايين نسمة * أساليب الرى الحديثة تضاعف المساحة المزروعة ل 80 مليون فدان الدكتور رضا حجاج، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، أكد أن مصر تمتلك الموارد الطبيعية والبشرية التي تؤهلها لتحقيق نهضة اقتصادية وعمرانية شاملة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن البلاد لا تعانى من كثافة وزيادة سكانية، لكن الأزمة الحقيقية التي تواجهنا تكمن في سوء توزيع السكان، حيث نعيش فقط على 6.3% من إجمالى مساحة مصر، على حد قوله. "حجاج" في سياق الحوار معه، تحدث أيضًا عن أزمة تزايد أعداد العشوائيات في مصر، وأوضح أن حلها سيكون من خلال تفعيل مشروع قرى الظهير الصحراوى، والذي أطلق في عام 2005 لإنشاء 400 قرية لم ينفذ حتى الآن، ويستوعب المشروع نحو 10 ملايين نسمة، ويحقق نهضة زراعية وصناعية لمصر، وطالب باستخدام أساليب الرى الحديثة في الزراعة أسوة بدول العالم، والتي ستضمن لمصر زيادة المساحة المزروعة ل 80 مليون فدان بدلا من 8 ملايين فدان. وفيما يتعلق بالدعوات المطالبة بالاستعانة بالمستثمرين الأجانب لرفع كفاءة الاقتصاد المصرى، أكد أن الاقتصاد المصرى لن ينهض بالاستثمار الأجنبى، ولكن بسواعد أبنائه والمستثمرين الوطنيين، وإقامة نهضة صناعية وطنية خالصة.. وإلى نص الحوار: هناك حلول يمكن حال تنفيذها التقليل من آثار "الزيادة السكانية التي تعانى منها مصر؟ مساحة مصر تقدر بما يزيد على مليون متر مربع، ونحن نعيش فقط على 6.3% من المساحة الإجمالية لمصر بما يوازى 12.9 مليون فدان، نزرع منها 8.3 ملايين فدان، ويتبقى 4.5 ملايين فدان نعيش عليها، بما يعنى أن 20 فردًا موزعًا على الفدان، في حين أن قانون التخطيط العمرانى يسمح ب150 فردًا للفدان، وذلك ينفى تمامًا ما تردده الحكومة عن الكثافة السكانية. ووفقًا لما سبق أريد التأكيد هنا أننا لا نعانى من زيادة سكانية، لكننا نعانى من سوء توزيع للسكان، ولا نجيد استغلالهم بشكل جيد، الصين مثلا مساحتها 9 ملايين متر مربع وتعداد سكانها 1.4 مليار نسمة، وهى تعادل مساحة مصر نحو 9 مرات، ولكن تعداد سكانها يفوقنا بأكثر من 10 مرات، وألمانيا تقريبا مساحتها مقاربة لمساحة مصر، ولكن تعداد سكانها أكبر، علاوة على أنها تستوعب 2 مليون لاجئ، لأنها تعانى من نقص العمالة، وكل ذلك يشير إلى أننا لا نعانى من زيادة سكانية لكن أزمتنا في كيفية استغلالها والاستفادة منها وتعمير باقى المساحات الشاسعة في مصر. لكن هناك أصواتا تشير إلى أن استصلاح وتعمير الصحراء لن يكون بالأمر السهل.. إلى أي مدى تتفق وهذا الرأى؟ هيئة المساحة الجيولوجية أكدت أن مصر تمتلك من الموارد الطبيعية والمائية ما يكفى لتعمير الصحراء، لكن لابد من الاستعانة بالعلم والعلماء، وإسرائيل على سبيل المثال تستهلك 600 متر مياه لزراعة الفدان الواحد، في الوقت الذي نستهلك نحن لزراعة الفدان الواحد نحو 6 آلاف متر مياه، وفى حال تطبيق نظم الرى الحديثة في العالم أسوة بإسرائيل سنرفع حجم المساحة المزروعة لأكثر من 10 مرات، وبدلا من زراعة 8.5 ملايين فدان ستصل المساحة المزروعة ل 80 مليون فدان، وقتها سنصدر لجميع دول العالم السلع الغذائية وهناك مساحات شاسعة من الأراضى الصالحة للزراعة، وهناك أراض صحراوية صالحة لسياحة الصحراء وهى قادرة على جذب وفود سياحية من شتى بلاد العالم وهذه النوعية من السياحة أفضل من سياحة الشواطئ. من وجهة نظرك.. ما المطلوب لتنفيذ هذه المشروعات؟ تنقصنا الإرادة من الحكومة والتخطيط لتحقيق التنمية المستدامة، وعلى الحكومة مشاركة المواطنين وأهالي المناطق المختلفة في مشروعات التنمية واتباع الأسلوب العلمى والاستعانة بالمتخصصين والعلماء، كما أرى أنه يجب التخلى عن مبادئ الرأسمالية المتوحشة التي تخلت عنها الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها، في ظل ارتفاع معدلات الفقر في مصر، ونحن نردد نغمة التصدير للخارج دون فهم ودراية للواقع المحلي، فيجب أن يكون التصدير للداخل لتلبية احتياجات السوق المحلية والحد من الاستيراد من الخارج ووضع المخططات الملائمة للتنمية، ومن غير المعقول استيراد فانوس رمضان وسجادة الصلاة وغيرها. هل هناك إجراءات أخرى ترى أهمية وجودها لتحسين مناخ الاستثمار في مصر؟ للأسف.. نحن نعمل حاليا في مصر وفقا لمبدأ "إن الله لا يغير ما بقوم إلا بالمستثمر الأجنبي"، وهذا لن ينجح تماما، لأن المستثمر الأجنبى لن يحقق نهضة حقيقية لمصر، وبدراسة التجربة الروسية والصينية والبرازيلية نجد أنهم حققوا نهضة اقتصادية وصناعية دون الاستعانة بسيناريو المستثمر الأجنبي، من خلال اعتمادهم على أنفسهم وإقامة صناعات كبرى في الداخل والتصدير للخارج. ومادمنا ننتظر المستثمر الأجنبى لن نحقق أي شىء، والمستثمر الأجنبى ذهب للصين عندما وجد أنها سوق كبيرة، وبعد تحقيقها نهضة اقتصادية، والصين بدأت بمصانع "تحت السلم" والصناعات الصغيرة والتي نحاربها في مصر، و"بدلة حمادة" الشهيرة بالسوق المصرية تم إنتاجها بالصين بالقطن المصرى ويتم بيعها بالسوق المصرية ب 10 جنيهات، في حين يتم بيع المصرية منها ب 30 جنيهًا..! حدثنا عن موقفك من مبادرات تخفيض الأسعار التي أطلقتها الحكومة؟ مبادرات تخفيض الأسعار لن تنجح، حيث إن الحكومة حاليا تدعم الطاقة بنحو 128 مليار جنيه سنويا، 59 مليار جنيها منهم للمصانع الكبرى، منها 38 مليار جنيه لمصانع الأسمنت والحديد، ورغم ذلك يتم بيعه عالميا ما يوازى 130 جنيها، ومع مصاريف النقل يصل إلى 300 جنيه، لكن يتم بيعه بأكثر من 700 جنيه للطن بالسوق المصرية، وكذلك أسعار الحديد المغالى فيها نتيجة سياسات سيئة تقوم على الاحتكار. وما الإجراءات المطلوبة لضمان نجاح مبادرات تخفيض الأسعار؟ تخفيض الأسعار بالسوق المصرية يتطلب اتخاذ عدة قرارات وهى زيادة الإنتاج، ووضع نظم للتحكم في الأسعار، وكذلك إيجاد توازن حقيقى بين العرض والطلب، ووضع منظومة رقابية جيدة، وقد سبق أن واجهت كندا ارتفاع الأسعار في سبعينيات القرن الماضى، حيث وضعت سياسة للسيطرة على الأسعار والأجور وتم تثبيتها لفترة معينة، ونحن قادرون على تطبيق هذه للحد من موجة ارتفاع الأسعار. هذا بجانب أن الواقع يؤكد وجود خلل ما بالسوق المصرية نتيجة ارتفاع الأسعار، وتشدق البعض بشعار البيع بالسعر العالمى رغم أن تكلفة الإنتاج محليا أقل بكثير من تكلفة الإنتاج بالأسواق الخارجية، وعلى الحكومة ألا تمن على الشعب بالدعم المقدم للمواطنين الفقراء، لأن مهمتها إحداث توازن اجتماعى بين جميع الأطراف وليس الاهتمام بالأغنياء فقط. بعيدا عن مبادرات خفض الأسعار.. كيف يتم التخلص من أزمة العشوائيات في مصر؟ مشكلة العشوائيات يمكن القول إنها نتيجة طبيعية لتحول قاعدة الإنتاج من الزراعة للصناعة، حيث وجد الفلاح فرصة أفضل للعيش بالمدينة بدلا من القرية، وهى أزمة واجهت الكثير من دول العالم وليس مصر فقط، ولكننا متأخرون عن العالم بقرابة 100 عام، وحل أزمة العشوائيات سيكون من خلال وقف نموها عبر خلق فرص عمل جديدة بالريف، وتنفيذ مشروع القرية المنتجة صديقة البيئة ومنخفضة التكلفة، ولذلك يجب تفعيل مشروع قرى الظهير الصحراوى والذي أطلق في عام 2005 لإنشاء 400 قرية لم ينفذ حتى الآن. وكيف أن يتم تحقيق الأمر على أرض الواقع ؟ تم التخطيط لإنشاء القرية المنتجة على مساحة 3 آلاف فدان نزرع منها 2500 فدان، ومع إنشاء 400 قرية على مستوى مصر بالظهير الصحراوى وهو ما يساوى مشروع المليون فدان، وأماكنهم والمساحات الزراعية محددة أيضا، وتستوعب القرية نحو 25 ألف نسمة بما يعنى 10 ملايين نسمة في إجمالى المشروع وهى الزيادة السكانية المتوقعة خلال 10 سنوات المقبلة، وتضمن توفير 11 ألف فرصة عمل في كل قرية بما يصل ل 41.100 ألف فرصة عمل في 400 قرية، علاوة على إنشاء وحدات سكنية بتكلفة 25 ألف جنيه؛ لأن الشباب سيقومون ببنائها بأنفسهم وفقا لمعايير عمارة الفقراء دون حديد أو أسمنت، ومشروع قرى الظهير الصحراوى كفيل بحل مشكلات مصر كلها، خلاف المشروعات الحرفية الأخرى والتي ستوفر 4.8 ملايين فرصة عمل. الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية ل "فيتو"