سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دعوة "أوجلان" تنهى الصراع التركى - الكردى.. "آپو" درس العلوم السياسية وتأثر بالقومية الكردية.. حزبه قام بعمليات عسكرية فى أنقرة والعراق وإيران لإنشاء وطن قومى للأكراد.. وكانت عودته للأضواء مستبعدة
منذ عقود طويلة، يعيش الجنوب التركى على وقع الصدامات المسلحة الدامية بين الجيش والمتمردين الأكراد.. قائمة طويلة من ضحايا هذه الحرب جعلت من الصعب على أى من الطرفين تقديم تنازلات، خاصة بعد اعتقال وسجن عبد الله أوجلان الزعيم التاريخى لحزب العمال الكردستانى. ولد أوجلان فى 4 إبريل عام 1948 فى منطقة أورفة بجنوب شرق تركيا، واشتهر بكلمة "آپو" بين مريديه وتعنى بالكردية العم.. درس أوجلان لفترة العلوم السياسية بجامعة أنقرة ولكنه لم يكمل دراسته بها وعاد إلى مدينة ديار بكر.. تأثر بالقومية الكردية ونشط فى الدعوة لها وقام بتأسيس حزب العمال الكردستانى عام 1978، وفى عام 1984 قام حزبه بعمليات عسكرية واسعة فى تركيا والعراق وإيران بغرض إنشاء وطن قومى للأكراد. هناك عدد من الدول والمنظمات الدولية اعتبرت حزب أوجلان حزبًا إرهابيًا مجاملة لتركيا بالإضافة إلى أن تركيا تمنع أى مواطن كردى من تسمية مولوده باسم كردى أو حتى التحدث باللغة الكردية حتى وقت سابق، وتم الاعتراف باللغة الكردية فى تركيا عام 2010. بدأ أوجلان رحلته الأولى إلى روسيا أولًا ومن هناك توجه إلى عدة دول من ضمنها إيطاليا واليونان، وفى عام 1998 وأثناء تواجد أوجلان فى إيطاليا تقدمت الحكومة التركية بتقديم طلب إلى إيطاليا للمطالبة بتسليم أوجلان، وكانت محاميته فى هذا التوقيت الألمانية بريتا بوهلر. فى عام 1999 تم إلقاء القبض عليه فى كينيا بعملية مشتركة بين قوات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووكالة الاستخبارات الوطنية التركية والموساد الإسرائيلي، ليتم نقله بعدها جوا إلى تركيا للمحاكمة بطائرة خاصة، وتم وضعه فى الحجز الانفرادى بجزيرة إمرالى حيث تم الحكم عليه بالإعدام وبالرغم من هذا الحكم إلا أنه لم ينفذ وحول إلى حبس مدى الحياة بعد إلغاء تركيا لعقوبة الإعدام عام 2002. وكانت عودة أوجلان إلى الأضواء مستبعدة، فهو ملعون فى معظم أنحاء تركيا لكن القوميين الأكراد يبدون ولاء كبيرا له وهو مسجون فى عزلة فعلية بجزيرة إمرالى القاحلة التى تقع على بعد 50 كيلومترًا جنوبى إسطنبول حتى محاموه لم يستطيعوا مقابلته. لكن بعد الصيف الأكثر دموية فى صراع تركيا مع المتمردين الأكراد ومع وجود مخاوف من انتشار التمرد الكردى فى سوريا المجاورة إلى الأراضى التركية يخرج أوجلان من عزلته الفعلية فى إمرالى وحين أصبح مئات المتمردين الأكراد الذين بدأوا إضرابًا عن الطعام فى سجون تركيا على شفا الموت هذا الشهر لجأت السلطات التركية إلى أوجلان الرجل الذى وصفته الصحف التركية وقت اعتقاله بأنه "جزار" "وقاتل الأطفال". وبالفعل انصاع المضربون على الفور إلى أمر أوجلان بعد أن نقل شقيقه رسالة منه دعا فيها لإنهاء الإضراب وهو ما كشف بوضوح نفوذ الزعيم الكردى الذى افترض البعض أنه تلاشى بفعل سنوات نفيه فى إمرالى. أطلق أوجلان دعوة لوقف إطلاق النار فى عام 2006 فى مسعى للمصالحة مع تركيا طلب أوجلان فى هذه الدعوة من حزبه عدم استخدام السلاح إلا فى الدفاع عن النفس وركز على ضرورة إنشاء علاقات جيدة مع الشعب الكردى التركى والحكومة التركية، وبعد عامين من المفاوضات السرية والعلنية تخللتهما إخفاقات كثيرة، أمكن للزعيم الكردى التركى عبد الله أوجلان أن ينتهز فرصة "عيد النوروز" ليعلن وقف إطلاق النار وسحب مقاتلى حزب العمال الكردستانى إلى قواعدهم فى العراق، ويعد ذلك بداية عملية سياسة لا تخلو من الصعوبات والإشكالات لدى الأتراك والأكراد على السواء لحل ما يعرف بالمسألة الكردية التى شكلت على الدوام صداعا لساسة تركيا، وقليلون منهم تجرأوا على الشروع فى معالجتها والبحث عن تسوية تاريخية لها.