الثقافة الحرة دائمًا ما تساعد على تطور عقل الشعوب والمجتمعات، لكن عندما يأتى اليوم وترمى بنا فى وابل من السموم وتساعد على انحلال أخلاقى وفوضوى، فلابد من وجود وقفة. وعندما نتكلم عن التحرش الجنسى، كسلوك ساد مؤخرًا فى مجتمعنا نرى أن ثقافتنا هى من أقوى الأسباب التى اتخذها شبابنا اليوم كمبرر لما يفعله حتى ولو بينه وبين نفسه، فإنها تعطى لشبابنا أسباب ومبررات وهمية وهزيلة، ولكن دعونا نرى ما نوعية هذه الثقافة التى نتحدث عنها وندخل ونتعمق فى نوع واحد من الأسباب التى اكتسبها الشباب من هذه الثقافة ونريهم مدى تفاهة الأسباب وهزليتها. عندما أدخل الإعلام منذ فترة قصيرة شكل الموديلز(الفتاة العارية) وبدأ سيل عارم من التفاف الشباب حول هذا الشكل من الفتيات وكأنه الشكل المثالى للفتاة الموديرن والوضع المناسب وأيضا بدأت تتشكل أحلام وغرائز الشباب للموديلز، فكان المعتاد بمثل هذا، أن المعاكسات تتجه نحو هذا الشكل، أنا لا أعطى لهم الحق ولكنى بصدد شرح المسار الذى اتجه أغلب الشباب نحوه. لكن بدأت المعاكاسات تتجه نحو المحجبات بل والمنقبات أحيانا فى الشوارع وانتشرت ظاهرة التحرش بالمحجبات أكثر من غير المحجبة. فكان لابد من تفسير لهذه الظاهرة وللأسف اكتشفت ما لا أتوقعه أبدا، انتشار ثقافة حرة نعم ولكن مسمومة؛ شبكات ومواقع غربية تدعم ثقافة غريبة من نوعها، لتلويث صورة المحجبات، وأشياء أخرى من قبيل هذا بل أصبحت مطلوبة وأصبح شيئًا غريزيًا فى الأذهان، فاتجه الشباب حتى يساير الموضة فى المعاكسات وبدأت ترسخ مثل ما ترسخ صور الموديلز فى الإعلان كما وضحت فى بداية الحديث، بل وأصبح للأسف أشياء مثل ذلك على التليفونات وما شبيه ذلك وأيضا ابتدت تظهر صور ملابس محجبات (ليس بزى محجبات أو غير محجبات ). لست أدرى هل لنا عقول نحن الشباب حتى ندرك بها فى هذا الزمن، لا أعرف من أين أنهى الحديث ولكن تلك السطور الأخيرة سوف تظهر لنا غيبة وهزلية أسباب التحرش فلا فرق الآن بين محجبة وليست محجبة، الكل معرض للتحرش، أصبحنا ذى عقول خاوية، والمشكلة ليست مشكلة محجبة أو غير، المشكلة فى الإنسان أو الشخص نفسه الذى يتخلى عن إنسانيته ويصبح أسيرًا لمرضه وأسيرًا لثقافة مجتمعه المريض التابع له.. أتساءل كثيرًا هل أصبحت فعلا عقولنا خاوية من الأحلام.. الطموح..الهدف..الأمل..هل أصبحت حياتنا مليئة بكل هذا الفراغ حتى نتفنن فى فساد مجتمعنا وعقولنا أتساءل كل يوم..ماذا لوأصبحنا جميعا هكذا؟....إلى أين سوف نذهب.. وإلى أين سوف ترسى بنا ثقافتنا؟.