* في حرب الاستنزاف وجاءت الأوامر بالانسحاب ولم نقاتل * شاركت في الإغارة على النقطة الحصينة ببور توفيق مرتين لا ينسى أحد الجهد الكبير الذي بذله رجال الصاعقة المصرية في كل الحروب المعاصرة وخصوصا حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر المجيد، وسطر هؤلاء الأبطال أسمى معاني التضحية وكانت عملياتهم خلف خطوط العدو ناجحة، لدرجة أن سيناء كانت كتابا مفتوحا أمام المخططين للعبور وتدفق القوات شرق القناة وظلوا بعد وقف إطلاق النار مرابطين أماكنهم خلف خطوط العدو للإبلاغ عن تحركاته وتمركزاته. وبمناسبة الذكرى ال 34 لتحرير سيناء، حاورت "فيتو" اللواء معتز الشرقاوي، أحد أبطال الصاعقة المصرية في حرب يونيو 67 وحرب الاستنزاف ونصر أكتوبر. *كيف ترى هزيمة مصر في جولة 5 يونيو 67؟ فور تخرجي في مايو 1967 انضممت إلى قوات الصاعقة على الفور، تحديدا في الكتيبه 43 صاعقة، وكانت الكتيبة 43 متواجدة في سيناء على أعلى درجات الاستعداد، وكان تمركز كتيبتي منذ فترة في عدد من المناطق منها الشيخ زويد شرق العريش وأخرى بوادي ماعين ووادي لصان جنوبالعريش بدون وجود أوامر واضحة بعمليات محددة. وتحديدا يوم 5 يونيو 1967 سمعنا أن الحرب بدأت لكننا لم نر طائرات العدو أو دباباته، لكننا كنا نسمع صوت الاشتباكات والقصف المدفعي، وبعد أيام من حرب يونيو جاءت الأوامر بالانسحاب، من شمال سيناء وذهبنا إلى بورسعيد وتمركزنا في المدينة نفسها. ما حدث في يونيو 1967 لم يكن هزيمة بل كانت جولة من جولات الحرب لم نستطع تحقيق أي نصر فيها لظروف خارجة عن إرادة الجنود، ولكن بعد عدة أيام قليلة من حرب يونيو، تمكنت عناصر القوات المسلحة من القيام بعمليات واسعة أرهقت العدو الإسرائيلي. وقمنا بالعبور المستمر للضفة الشرقية للقناة للقيام بعمليات مستمرة لاستنزاف العدو ورفع الروح المعنوية لدى الجنود المصريين وبعد أيام قليلة من الحرب تمكنت قوات من الصاعقة لا تتعدى 25 فردًا بالأسلحة الخفيفة من تدمير "كول" أو طابور دبابات وعربات مدرعة تجاوز عددها 19 عربة ودبابة كانت في بور فؤاد فيما عرف بموقعة رأس العش. * ما ذكرياتك عن معركة رأس العش؟ بعد أيام من حرب يونيو، تلقينا أوامر بالدفاع عن بورفؤاد من هجوم أكيد من قبل العدو الإسرائيلي، فتم دراسة الموقف والبحث عن خرائط لمعرفة طرق اقتراب العدو المحتملة، لكن ما حدث في معركة رأس العش أثرت بشكل إيجابي كبير على معنويات الجيش المصري، حيث قامت فصيلة صاعقة بوقف القوة الإسرائيلية المدرعة وكبدتها خسائر كبيرة وصلت إلى 8 دبابات و11 عربة مجنزرة. وتعتبر معركة رأس العش هي الفيصل الذي أدى لإعادة النظر في الجندي المصري، وأكدت أنه بالإمكان مواجهة العدو من خلال هذه التحضيرات والتجهيزات، فيما كان يسمى بحرب الاستنزاف حيث كانت تدريبًا عمليًا للحرب واحتكاكا مباشرًا. *ما المهام التي قمت بها في سيناء عقب 67؟ عبرت إلى عمق سيناء أكثر من 9 مرات خلف خطوط العدو، وذلك للقيام بمهام حربية قتالية واشتباك مباشر مع العدو الإسرائيلي، ومن أبرز تلك العمليات كانت الإغارة نهارا على "لسان بور توفيق" وتدمير النقطة الحصينة به، حيث قمنا بالإغارة على الموقع نهارًا، بتشكيل يتكون من 140 فردًا بالزوارق المجهزة بالمواتير، وهذا يمثل تحديا لقوات العدو بعد أيام قليلة من نكسة يونيو 67 وكانت النقطة الحصينة هدفا لأنها كانت موقع إطلاق للنيران ضد السويس والإغارة نهارا كانت بهدف تحقيق عنصر المواجهة والاشتباك المباشر وكان ذلك في الساعة الخامسة بعد الظهر. واستطعنا أن ندمر للعدو خمس دبابات ونسفنا ملجأ به ما لا يقل عن 25 فردا تم تدميره تماما وتحولت جثث اليهود إلى أشلاء متناثرة، وفي نهاية المعركة لوحظ حركة غير طبيعية في أحد جوانب الملجأ، حيث كان إسرائيلي يعمل حكمدارا لطاقم دبابة من الدبابات التي دمرها وعدنا به أسيرا إلى غرب القناة * أروِ لنا قصة الجنرال الإسرائيلي «جافيتش»؟ وردت معلومات للقيادة تؤكد على أن هناك زيارة للضفة الشرقية لقناة السويس، لمسئول إسرائيلي كبير في الجيش وهو قائد القطاع الجنوبي الجنرال «جافيتش»، وقمت مع مجموعة قتالية بعمل كمين نهاري لقتل قائد القطاع الجنوبي في الجيش الإسرائيلي أثناء زيارته للمواقع الإسرائيلية في أصعب وأكبر عملية صاعقة في قلب سيناء من حيث الصعوبة والهدف منها واضطررنا للعبور في منتصف الليل يوم 15 و16 ديسمبر 1969 مع تسعة من زملائي بمركبين إلى الشط الشرقي، ومنها انطلقنا سيرا على الأقدام في الجبال حتى لا يرصدنا أي شخص وقمنا بعمل كمين على الطريق الذي سيسير عليه القائد الإسرائيلي، وقمنا بزرع المتفجرات يمينا ويسارا، وبعدما مرت السيارة "الجيب" الخاصة به بدأ التعامل بعد الانفجار بالأسلحة وتم التعامل مع القائد والاثنين الحراس والسائق بعد التأكد من قتل الجنرال، ذهبت لأخذ شارة ورتبة والمحفظة الشخصية وحقيبة الوثائق الخاصة به، وبدأت المدفعية المصرية تطلق النيران على الموقع لتعطي انطباعًا بأن الانفجار ناتج عن قصف مدفعي وليس عملية قتالية حتى لا يشتبكون معنا، لكن الوقت لم يسعفنا وبدأونا بالانسحاب عدوا بالأقدام وعدنا في أقل من نصف ساعة ليبدأ الطيران في التعامل مع الموقف بعدما وصلوا إلى الضفة الغربية *حدثنا عن ذكرياتك عن نصر أكتوبر73؟ حرب أكتوبر كانت حصيلة كل الحروب التي سبقتها وكانت أيضا حصيلة تدريب غير عادي وإعادة تنظيم للجيش تم على أسس نظرية وعملية وميدانية، وشحن معنوي وديني وكان لدينا إيمان عميق بالنصر نتيجة ما حققه الجيش المصري خلال حرب الاستنزاف، وهذا أعطاه القوة والثقة والقدرة على تحقيق النصر. *وما المهام التي كلفت بها أثناء الحرب؟ كانت مهمتي الهجوم والإغارة وتحرير لسان بور توفيق، وهو نفس الموقع الذي سبق وأغرت عليه ودمرته حينما كنت برتبة رائد، لكن نقطة لسان بور توفيق في حرب أكتوبر كانت مجهزة ومتطورة بشكل حديث وكبير، وعندما بدأنا العبور في الرابعة مساء، انضمت للنقطة قوات مظلات إسرائيلية وهي من أقوى القوات لدى العدو الإسرائيلي، واستطعت الهجوم على النقطة الحصينة من خلال سرية مواجهة إضافة إلى سريتين واحدة من اليمين وأخرى من اليسار للهجوم الخلفي واحتلال جنوب وشمال النقطة ومنع أي انسحاب للقوات وهناك سريتان للتحرير خلف سرية المنتصف التي عبرت في المواجهة وهي التي شهدت مواجهة كبيرة لأن المدفعية التي كانت تطلق النيران كانت مخفية ولا يعرف مصدرها أحد ولكن السريتين الأخريين هجمتا من الخلف بعد العبور واستمرت الاشتباكات حتى تم التعامل مع الهدف وتم تدمير 3 دبابات من 6 وتم قتل 20 جنديًا إسرائيليًا وهربت سيارتان نصف جنزير وتبقت باقي القوة 37 منهم 7 ضباط وكانوا على اتصال بالقيادة حتى أمروه بالاتصال بالصليب الأحمر بعدما اشتدت الهجمات واستسلموا وتم تحرير النقطة واللسان. *كيف ترى سيناء الآن في ظل العمليات الإرهابية التي تقوم بها عناصر تريد احتلال سيناء مرة أخرى ؟ الجيش المصري لديه عقيدة ثابتة وهي عدم التفريط في أي حبة رمل من الأرض ولكن الجماعات المسلحة ليس لديها دين ولا انتماء وأبناء الجيش لن يتركوهم أبدا مهما تكلف ذلك من استشهاد وإصابة في صفوف أبنائنا هناك، ولكن الحرب على الإرهاب ليست محددة لأنها حرب شوارع وعصابات وأرى أن قوات الجيش والشرطة يقومون بأعمال ناجحة هناك وسيتم تطهيرها قريبا بالتوازي مع تنميتها لأن العمران يقتل ويحارب الإرهاب بالطبيعة وسيناء ربنا حباها بكافة المميزات التي تؤهلها لتكون منطقة جذب صناعي وزراعي وسياحي عندما تستغل الاستغلال الأمثل وأرى أن القيادة السياسية لديها الفكر والإرادة الآن في تنميتها وتطهيرها تماما.