«نجم» و«إمام» أشهر الضحايا.. وأعمالهم تحولت إلى شعارات ثورية المونولوج لا يعتبر منتجا ترفيهيا في كل الأحيان، بل أحيانًا يكون له بُعد سياسي، يطيح بصاحبه في غياهب السجون، !ذا ما عارض السلطة وكشف عوراتها، ويدر عليه المال، ويرفعه لأعلى المراتب إذا ما نافقها وسار في ظلها، ومن أشهر أصحاب المونولوجات السياسية الذين اكتووا بنار مونولوجاتهم، يأتي الشاعر أحمد فؤاد نجم ورفيق دربه الشيخ إمام، اللذان التقيا في عام 1962،، وحين تم التعارف بينهما سأل نجم إمام لماذا لا تلحن؟، فأجابه الشيخ إمام بأنه لا يجد كلاما يشجعه، ليفاجئه نجم ويشجعه بكلمات قصائده وتبدأ ثنائية بينهما، وشراكة دامت سنوات طويلة، عارضوا فيها كل الأنظمة ليُعتقل نجم نحو 19 عامًا، ويتم التضييق على الشيخ إمام كفيف البصر. «هما بياكلوا حمام وفراخ..واحنا الفول دوخنا وداخ».. تحول هذا المقطع من مونولوج بعنوان «هما مين واحنا مين»، إلى الشعار الرئيسي الذي استخدمه المتظاهرون في انتفاضة الخبز، وهي انتفاضة ومظاهرات شعبية ضد الغلاء، جرت في أيام 18 و19 يناير 1977 في عدة مدن رفضا لمشروع ميزانية يرفع الأسعار للعديد من المواد الأساسية. ومن أشهر المونولوجات التي قدمها الثنائي نجم وإمام، يأتي مونولوج (الفول واللحمة)، الذي قدماه ردأً على تصريحات أحد الوزراء بان الفول المدمس مفيد جدًا للشعب المصري واللحوم مُضرة، وقالت كلمات المونولوج: عن موضوع الفول واللحمة صرح مصدر قال مسئول إن الطب اتقدم جدا والدكتور محسن بيقول إن الشعب المصري خصوصا من مصلحته يقرش فول حيث الفول المصري عموما يجعل من بني ادم غول تاكل فخدة في ربع زكيبة والدكتور محسن مسئول يديك طاقة وقوة عجيبة تسمن جدا تبقى مهول ثم أضاف الدكتور محسن أن اللحمة دي سم أكيد بتزود أوجاع المعدة وتعود على طولة الايد واللي بياكلوا اللحمة عموما حيخشوا جهنم تأبيد يادكتور محسن يامزقلط يامصدر ياغير مسئول حيث إن انتو عقول العالم والعالم محتاج لعقول مارأى جنابك وجنابهم فيه واحد مجنون بيقول احنا سيبونا نموت باللحمة وانتو تعيشوا وتاكلوا الفول ومن أشهر المونولوجات التي عبر فيها الثنائي نجم وإمام عن حالة التضييق الأمنية عليهم بسبب أغانيهم، المعارضة للنظام، تأتي أغنية «الممنوعات»، التي تقول: ممنوع من السفر..ممنوع من الغنا..ممنوع من الكلام..ممنوع من إلاشتياق..ممنوع من إلاستياء ..ممنوع من إلابتسام..وكل يوم في حبك..تزيد الممنوعات..وكل يوم باحبك..أكتر من اللى فات ..حبيبتي يا سفينه..متشوقه وسجينه..مخبر في كل عقده..عسكر في كل مينا..يمنعني لو أغير ..عليكي أو أطير..إليكي واستجير..بحضنك أو أنام..في حجرك الوسيع..وقلبك ألربيع..أعود كما الرضيع..بحرقه الفطام ..حبيبتي يا مدينه..متزوقه وحزينه..في كل حاره حسره..وف كل قصر زينه..ممنوع من إني أصبح بعشقك أو أبات ..ممنوع من المناقشه..ممنوع من السكات..وكل يوم في حبك..تزيد الممنوعات..وكل يوم باحبك..أكتر من اللى فات ولم يسلم إسماعيل بس من الأذى السياسي، فكانت مونولوجاته، وخفة دمة سببًا في احتجازه في مستشفى الأمراض العقلية لمدة عشرة أيام، وتعود القصة إلى ذلك اليوم الذي دعا فيه الملك فاروق الفنان إسماعيل يس إلى استراحته الملكية، من أجل تقديم مجموعة من النكات والمونولوجات، وبدأ إسماعيل يس رواية أول نكته قائلا: "مرة كان في واحد مجنون زيك"، فأثارت الجملة غضب الملك كثيرا، ورد عليه قائلا: "أنت بتقول إيه يا مجنون؟"، فارتبك إسماعيل وسقط على الأرض متظاهرا بالإغماء، بعدها غادر الملك القاعة غاضبا، وأرسل لإسماعيل طبيبه الخاص يوسف رشاد، وقرر الملك إرساله إلى مستشفى الأمراض العقلية، وبالفعل مكث إسماعيل بالمستشفى لمدة عشرة أيام، والطريف في الأمر، أن صباح اليوم الثانى من الحادث، كانت جميع الصحف تحمل مانشيتات عريضة تتحدث عن طيبة قلب جلالة الملك الذي لم يتحمل أن يرى إسماعيل يس بهذه الحالة، وأرسله لمستشفى الأمراض العقلية والعصبية للعلاج على نفقته الخاصة. هذا الموقف لم يمر بسلام على إسماعيل يس، حيث ظل لمدة عامين بمنزله يخشى من العمل مرة أخرى متأثرا بما حدث، وبعد مرور العامين قامت ثورة يوليو، وبعدها عاد يس إلى الفن بادئا أعماله بأغنية للثورة بعنوان «عشرين مليون وزيادة»، مهاجمًا فيها عهد الملك فارق قائلًا: عشرين مليون وزيادة كانوا عايشين هنا أموات علشان حضرات السادة البهوات والباشوات كان الفلاح.. إجرى يا مشكاح.. لأجل المرتاح وأبو كرش كبير.. عامل بنكير.. في أوروبا فشر سواح وما بعد سعادته سعادة..أصله وجيه وإبن ذوات ووراه حضرات السادة.. البهوات والباشوات عشرين مليون وزيادة الغنى من دول كان قد القول كذا ألف وكذا فدان كان هو السْيد والباقى عبيد وكلامه مالوش قولان سجن وترابيس..أحرار محابيس والعجل أبيس نازل تهليس يسرق ويقولوا آمين.. يكفر ويقولوا آمين ويقولوا ده شيخ سجادة وولي وصاحب كرامات خدعوه حضرات السادة البهوات والباشوات كان عهد فساد إسود وسواد على شعب أصيل وكريم والمولى أراد كان بالمرصاد وسمع شكوى المظاليم كان فرجه قريب وسميع ومجيب والجيش ونجيب عملوا الترتيب وبفضل المولى عليه.. سعدنا تم على أيديه والشعب بقت له إرادة هزت كل الشنبات وبقينا كلنا سادة ولا بهوات ولا باشوات