«وتعاونوا على البر والتقوى».. مقولة لا تنطبق على الأزهر الشريف، الذي يناط به تدريس الإسلام الوسطي للعالم كله، وتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم.. فالمؤسسة الدينية ابتعدت عن الأهداف التي أنشئت من أجلها، بسبب سيطرة بعض الأشخاص ممن يسيرون طبقا لمصلحتهم الشخصية، على مجريات الأمور بداخلها. منذ إنشاء الأزهر الشريف، قبل ألف عام، كان علماؤه يضربون في الأرض، ويجوبون العالم شرقا وغربا، لدعوة الناس إلى عبادة الله، وكانوا يعملون تحت مظلة واحدة وهي الأزهر، الذي كان يقدم لهم الدعم المستمر، إلا أنه خلال الفترة الحالية، أصبح العلماء يحاربون من قبل مؤسستهم، "فيتو" تستعرض في التقرير التالي، «المطرودون من جنة المشيخة». سعد الهلالي يعد الدكتور سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه المقارن بكلية أصول الدين بالقاهرة، أبرز العلماء المغضوب عليهم داخل المشيخة، بسبب آرائه وفتاواه المثيرة للجدل، والتي كان آخرها خلال عيد الأضحى، إذ أفتى بجواز التضحية بالطيور؛ ما أغضب الكثير من العلماء، خاصة قيادات الأزهر الشريف. لم يحظ الهلالي بعضوية أي لجنة بالأزهر الشريف، أو هيئاته كمجمع البحوث الإسلامية، أو لجنة تجديد الخطاب الديني، برغم من أنه يعد من أكبر أساتذة الفقه المقارن، وله مؤلفات عدة، أثرى بها المكتبة الدينية. عقد مجمع البحوث الإسلامية، عدة اجتماعات من قبل، للرد خصيصا على فتاوى الدكتور سعد الهلالي، كان آخرها تشبيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، بسيدنا موسى، وأخيه هارون. «هذا الأمر لا يقلقني»؛ فعلماء الأزهر لا ينتظرون الدعوة من أحد ليواجهوا التطرف والعنف، بهذه الكلمات علق الهلالي على تهميشه من قبل الأزهر الشريف. وقال الهلالي ل«فيتو»: «لا أنتظر تعليمات من أحد، فأنا ماض في طريقي، وسأستمر في مواجهة التشدد، سواء كنت عضوا في لجنة أم لا، فالأمر لا يعنيني من قريب أو بعيد». صبري عبدالرؤوف هو أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، تربى الكثيرين على صوته من خلال برنامج «موسوعة الفقه الإسلامي»، عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، ويعد من أول المجددين في القرن العشرين. لم يستعن الأزهر الشريف يوما به، سواء كان في المؤتمرات أو الندوات أو حتى القوافل الدينية، بالرغم من أنه تتلمذ على يديه الكثير من علماء الأمة الآن، ولم يتم اختياره عضوا كذلك بأي لجان المشيخة، التي تذهب دوما لأصدقاء الإمام الأكبر ومحمد عبدالسلام مستشاره الدستورى والقانوني. أحمد كريمة وهو أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، وصفه الكثير من العلماء ب "الشخص الأكثر جرأة من بين أبناء الأزهر الشريف"، إذ إنه دائما ما يصدح بالحق، في وجه كل الحكام، وينقد طريقة إدارة العمل بالمشيخة. دائما ما يواجه الدكتور أحمد كريمة، مشكلات كثيرة بسبب آرائه، وأحيل للتحقيق ثلاث مرات من قبل الشئون القانونية بجامعة الأزهر، كان آخرها فبراير الماضي، بسبب انتقاده لمسئولي المشيخة، وعدم تمكنها من تجديد الخطاب الديني، وحديثه لوسائل الإعلام، إلا أنه يتم حفظ التحقيق، لعدم وجود أي دليل إدانة ضده. بكر زكي عوض يعد الدكتور بكر زكي عوض، أستاذ الثقافة الإسلامية، عميد كلية أصول الدين السابق بالقاهرة، أول من دعا إلى تجديد الخطاب الديني، بعد أن ألف كتابا يعرض لهذا الشأن في عام 2005، وشاركت به وزارة الأوقاف في أحد المؤتمرات الدولية. كان دائما ما يدلي بدلوه في الموضوعات المثارة على الساحة الدينية، بصفته من أكبر أساتذة الثقافة الإسلامية في الوطن العربي، وعادة ما يستعان به في الأمور الشائكة، بسبب آرائه الميسرة والبعيدة عن التشدد، لذلك اعتبره البعض من أوائل المجددين في العصر الحديث. وبرغم علمه الغزير، وآرائه الميسرة، لم ينل الدكتور بكر زكي، حظه من التقدير والعناية اللازمة من الأزهر الشريف، بسبب رفضه الخنوع والخضوع لسيطرة القائمين عليه، لدرجة أنه لم يتم التجديد له، بعد انتهاء مدته عميدا لكلية أصول الدين بالقاهرة، بالرغم من الإصلاحات التي قام بها داخل الكلية، وكونه أول عميدا منتخبا داخل الجامعة. أسامة الأزهرى كان اختيار الدكتور أسامة الأزهري، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بالزقازيق، عضوا في المجلس التخصصي للتنمية التابع لرئاسة الجمهورية، وتكليفه بتجديد الخطاب الديني، بمثابة صدمة لقيادات الأزهر الشريف، بسبب تهميشه وإقصائه من المشاركة في أي مؤتمرات، أو ندوات تعقدها المشيخة. يحظى الدكتور أسامة الأزهري بشعبية طاغية، بسبب بلاغته وفصاحة لسانه، وأسلوبه السهل السلس، الذي يصل إلى البسطاء، برغم من أن عمره لا يتجاوز 40 عاما، ويعد من أبرز الشباب المجددين في مصر. وكان اختيار الدكتور أسامة الأزهري، لإلقاء خطبة عيد الفطر المبارك الماضي، أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، في حضرة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بمثابة ضربة قاسمة لقيادات المشيخة، وأوقعهم ذلك في حرج بالغ، بسبب تهميشهم له، واهتمام الرئاسة به. الشيخ جعفر عبدالله هو رئيس قطاع المعاهد الأزهرية السابق، الذي أحيل للمعاش منتصف العام الدراسي قبل الماضي، ورفض الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، المد له حتى نهاية العام، طبقا للائحة، وتم ندب الدكتور محمد أبو زيد الأمير، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، ليتولى منصبه. يعد الشيخ جعفر عبدالله، أبرز من تولوا منصب رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، بعد أن استطاع بفضل جولاته المفاجئة إعادة الانضباط مرة أخرى إلى الفصول، وأجبر قيادات المعاهد على الالتزام بالزي الأزهري. كانت العلاقة بين الشيخ جعفر عبدالله، رئيس قطاع المعاهد، والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، متوترة، بسبب اتخاذ الأخير قرارات تخص العملية التعليمية، دون الرجوع إلى عبدالله، خاصة فيما يتعلق بإلغاء بعض المواد بامتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية، والتي كان دائما ما يفاجأ بها عبدالله. وبالرغم من أن الشيخ جعفر عبدالله، كان في جولة لتفقد العملية التعليمية بمعاهد منطقة أسيوط، رفضت مشيخة الأزهر التجديد له، بعد إحالته للمعاش، واختارت الدكتور محمد أبوزيد الأمير بدلا منه، بالرغم من عدم درايته بأي أمر يخص التعليم قبل الجامعي. آمنة نصير تعد الدكتورة آمنة نصير من أبرز أساتذة العقيدة والفلسفة الإسلامية، وشغلت منصب عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية، ولم تحظ كغيرها من العلماء السابقين بعضوية أي لجنة بالأزهر الشريف، برغم من الاستعانة بها كضيف دائم في الندوات والمؤتمرات، التي تنظمها مؤسسات الدولة. تحظى الدكتورة آمنة نصير، بعلم وافر، وآراء معتدلة مستنيرة، لذلك دائما ما تطل على المشاهدين عبر المنابر الإعلامية المتعددة، إلا أنها تهمش من قبل مؤسستها الأم، وهي الأزهر الشريف. ومنذ فترة، دعاها الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، لزيارة المشيخة، وفتح صفحة جديدة معها، وطي الصفحات الماضية، إلا أنها رفضت الذهاب إلى هناك، بحجة إهمالها خلال الفترة الماضية. سعاد صالح أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة، شغلت منصب عميد الكلية منذ سنوات عدة، قبل اعتلاء الدكتور أحمد الطيب كرسي المشيخة. وصفها الكثيرون، بأنها أكثر علماء عصرها علما وتنويرا، ألفت العديد من الكتب التي حققت مبيعات كثيرة بين أقرانها من العلماء، وأهملها الأزهر الشريف، ورفض الاستعانة بها في أي لجان خاصة به، وتركها تتهافت عليها المؤسسات الأخرى.