وإذا كان هناك إجماع على أن الخطر لا يزال محدقًا بالدولة، بل يزداد الإرهاب ويستفحل شره يومًا بعد الآخر.. فلماذا يصر البعض من أصحاب المصالح والأجندات الخاصة والإعلام على التعامي عن رؤيته ولماذا ترتعش أيادي بعض أجهزة الحكومة في الإمساك بعصا القانون لدرء هذا الخطر دفاعًا عن هيبة الدولة ووجودها مثلما تفعل دول العالم الحي إذا ما صادفت ظروفًا مشابهة أو حتى أقل خطرًا. لا شك أن التراخي في المواجهة والتمادي في الغفلة إزاء ما يحدث لا يقل خطورة عن الإرهاب ذاته؛ فالبطء وسوء التقدير في التعامل مع ما يعترض طريقنا من مخاطر يطيل أمد الفوضى، ويقدم للخارج ذرائع للتدخل في شئوننا وتسييس ورقة حقوق الإنسان كما حدث أخيرًا في البرلمان الأوروبي منذ أيام وتحريضه ضد مصر بسبب مقتل ريجيني الإيطالي ينتهي. في أجواء ملتبسة كهذه، ما جدوى عودة أحاديث المصالحات مع الإخوان، وآخرها ما صدر عن عرَّاب الإخوان والأمريكان سعد الدين إبراهيم.. فهل تصلح المبادرة ما أفسده الإخوان وما فعلوه بمصر منذ ثورة يناير التي سرقوها، وحولوها إلى دابة امتطوها لتحقيق أحلام الزعامة والسيطرة والأخونة وتمكين أذرع الجماعة وتنظيمها الدولي من مفاصل الدولة، والتمدد في شرايينها، وتحويل مصر إلى مجرد ولاية إخوانية على الطريقة الأمريكية.. وعلى أي شيء نتصالح.. هل يملك كائن من كان التنازل عن دماء سفكت وأرواح أزهقت.. وسبل تقطعت.. وأوصال مزقت.. ونسيج اجتماعي جرى تمزيقه وحرقه بنار الأيديولوجيا العمياء والفتنة والتمييز، والاحتراب الدخيل على ثقافتنا وديننا.. وهل يمكن التصالح تحت تهديد القنابل والمتفجرات وإهدار إرادة الجماهير التي خرجت في 30 يونيو.. ومن يملك هذا الحق.. ؟! ومن يرضى بالمصالحة على إهانة الوطن، وتعطيل مسيرته وحصاره اقتصاديًا.. ومن يرضى بالتصالح مع من زرعوا الإرهاب في سيناء ليحصد أرواحًا بريئة لجنود وضباط خرجوا للدفاع عن وطنهم والذود عنه.. من يتصالح في جرائم الخيانة وبيع الأوطان بالقطعة واستعداء الخارج عليها.. وماذا يقول دعاة المصالحة مع الإخوان فيما اعترف به أحد رؤساء هيئة الأركان الأمريكية المشتركة بقيام بلاده بوضع مؤامرة لزعزعة استقرار مصر.. ولولا ثورة 30 يونيو لكنا في عداد الدول المفككة.. فهل بعد خيانة الأوطان جريمة.. وهل يمكن للوجدان الشعبي أن ينسى بسهولة جرائم الإخوان وأذنابهم وحلفائهم.. أليست الاستهانة بما فعلوه بمصر تفريطًا في الوطن وخيانة للشعب وثورته..؟!