(أنا ياما قلت خلاص وقلت فات الوقت/أتارى عمرى يا ناس يبتدى دلوقت/ وكأنى أول مرة بتبسم/ وكأن عمر القلب ما اتألم) ما سبق لا يتعدى كونه «كوبليه» الأغنية التي كتبها الراحل عبد الرحمن الأبنودى تحت عنوان «قبل النهاردة»، تلك الأغنية التي شدت بها الراحلة وردة، بلحن رائع للراحل عمار الشريعي، أغنية أهداها «الخال» لزوجته الإعلامية القديرة نهال كمال، التي التقتها «فيتو» لتتحدث عن «أيامها مع الأبنودى»، تروى لنا لحظات جمعتها والشاعر العظيم.. كان الحوار التالى: بالتزامن مع انتهاء الدورة 47 لمعرض الكتاب.. ما الذي كان يمثله المعرض للأبنودى كمحفل ثقافى؟ «الأبنودي» كان متيمًا بالقراءة والكتابة، كما أنه كان يعتبر معرض الكتاب من أهم الأحداث الثقافية التي كان يحرص على حضورها.. لأنه كان يرى أن جمهور المعرض هو الشعب المصرى بأكمله، كما أنه كان يعتبر المعرض هو الحدث الثقافى الذي ينتظره المصريون، والمكان الذي يوفر الألوان الثقافية كلها، كالشعر والأدب والرواية والمسرح والفنون ويشاهدون عن قرب الشخصيات التي يحبونها فهى رحلة ثقافية للأسرة المصرية.. وكان دائما يقول إن جمهور المعرض هو أهم جمهور لى. من أهم الكتاب والأدباء الذين كان يقرأ لهم «الخال»؟ «الأبنودى» كان دائم الاهتمام بكل ما يكتبه صديقه الراحل «محمود درويش» وينتظر قصائده بفارغ الصبر، ويطالعها بشكل مستمر، وكذلك الأديب الراحل «جمال الغيطانى» فكان قريبًا منه ودائم الحديث معه لوقت طويل جدًا، وفى الفترة الأخيرة أعجبته رواية «باب الليل» للروائى وحيد الطويلة، وكان يهتم بكل ما هو جديد على المستوى الثقافى والأدبى إلى آخر لحظة في حياته وحتى وجوده على سرير المرض لم يمنعه من الاطلاع على كل الصحف ومتابعة أهم الأخبار ومتابعة الفضائيات وكان لآخر لحظة يكتب رغم المرض. عُرف «الأبنودي» باهتمامه الكبير بالمواهب الشابة.. فكيف لمست هذه الميزة فيه؟ فعلا.. لا يتوانى عن الاهتمام بالمواهب الشابة ويبذل قصارى جهده في أن تظهر هذه المواهب للنور وهذا ما فعله حين رأى موهبة الشاعرين «سالم الشهبانى»، و«أحمد النجار» على شاشات التلفاز، حيث اتصل آنذاك مدير تحرير أخبار الأدب، وقال له لابد أن تنشر أسماء وصور هذين الشابين ووصى عليهما دون سابق معرفة، حيث كان يؤمن أن الشاعر الحقيقى يمثل إضافة حقيقية للشعر ويضيف له القوة والقيمة والثقل. ماذا عن موقفه من الأيام التي سبقت ثورة الخامس والعشرين من يناير؟ كان يشعر أن مصر تمر بحالة ركود كبيرة، تنهش في جسدها، إلا أنه دائمًا كان يردد ويقول: «لا تأمنوا الشعب المصرى»، حيث إنه كان يؤمن أن مصر تحتاج إلى حدث قوى وضخم يطيح برموز الفساد ومحدثى الركود، وكان يعارض كل من يرى أن الشعب المصرى سلبى. كما أنه آمن أن الشعب المصرى ينتظر اللحظة المناسبة التي يثور فيها على الظلم والفساد، ودائمًا كان يُشبه الشعب بالفلاح الذي يزرع في أرضه وإذا قامت حرب يذهب لتأدية دوره ثم يعود للاهتمام بالأرض مرة أخرى، وكان كثيرا يردد أنه سيأتى وقت تتحرك فيه المياه الراكدة ولن يصمت الشعب المصرى كثيرا على ما آلت إليه الأمور، فهو من أوائل الذين تنبأوا بكل ما حدث في يناير 2011. هل كان يرى أن تأخر تحقيق أهداف ومطالب الثورة أمر طبيعى ؟ كان دائمًا يؤكد أن الثورة لن تؤتى ثمارها قبل 12 عامًا وكان دائما يتعرض للهجوم بسبب هذا الرأى لأن العديد من القوى الثورية كان لديها حماس كبير للتغيير وكانوا يرون أن هذا الرأى محبط وصادم، ولكن أثبتت الأيام أنه كان يملك رؤية صائبة وأن الثورة لن تظهر أجمل ما فيها إلا بعد وقت من الزمن.