المتهمان خططا لنهب أموال وأصول بالمليارات البنك الأهلي واحد من أعرق وأكبر الكيانات الاقتصادية ليس في مصر فقط، بل في العالم أجمع.. أسهم بفاعلية في تعزيز الاقتصاد ومازال يدعم بقوة المشروعات القومية العملاقة.. ولكن في كل مكان وزمان يظهر أصحاب النفوس الضعيفة، محاولين تشويه الصورة الجميلة لأى كيان ناجح، وهذا ما ينطبق على تلك الواقعة.. فيها أعمى الطمع أعين اثنين من موظفى البنك الأهلي، وسعيا إلى تحقيق الثراء السريع بطرق غير مشروعة، تمثلت في إهدار أموال البنك، وتسهيل الاستيلاء على الأصول المملوكة له لأحد رجال الأعمال مقابل مبالغ رشوة مالية.. المعلومات التي حصلت عليها «فيتو» في هذا الشأن تشير إلى أن اثنين من المسئولين في البنك الأهلي، استغلا موقعيهما الوظيفيين وطلبا مبالغ مالية على سبيل الرشوة من رجل أعمال شهير مقابل تمكينه من شراء بعض الأصول المملوكة للبنك بأسعار زهيدة، وأنهما زعما اختصاصهما وقدرتهما على تسهيل إجراءات تمكين رجل الأعمال من شراء بعض الأصول التي آلت ملكيتها للبنك كسداد عينى لمديونيات بعض العملاء، بأقل من قيمتها السوقية الحقيقية، وأن هذه الأصول عبارة عن مصنع لتكرير وتعبئة الزيوت مساحته نحو 30 فدانًا بمنطقة «أوشيم» الصناعية بمحافظة الفيوم.. وقطعة أرض مساحتها 10 أفدنة بالكيلو «89.5» بالساحل الشمالى، وقطعة أرض أخرى مساحتها 2500 متر مربع بمنطقة الزمالك. وبحسب المعلومات فإن البنك الأهلي المصرى، يمتلك محفظة عقارية متنوعة، آلت إليه كسداد عينى لمديونيات بعض العملاء المتعثرين، ويقوم البنك بتقسيمها وطرحها للبيع أو تطويرها وإعادة بيعها، أو بيعها على حالتها عن طريق المزاد العلنى، للراغبين في الشراء عقب تقييمها وفقا للأسعار السوقية السائدة، بغرض تحقيق الاستفادة المثلى من تلك الأصول.. وقد طلب الموظفان من رجل الأعمال مبالغ مالية، مقابل توجيه بعض زملائهما في قطاع أمناء الاستثمار، واللجان المشكلة لتقييم الأصول لتخفيض القيمة التقديرية للبيع، ومعاونته في الاستحواذ على نسبة من أسهم الشركة المالية لمصنع الزيوت سالف الذكر، تكفل له الاشتراك في مجلس الإدارة، بعد ذلك يطلب زيادة رأس مال الشركة، على أن يمتنع البنك الأهلي عن الاشتراك في تلك الزيادة، فتتقلص حصة مساهمته تلقائيًا وترتفع حصة رجل الأعمال، لتصبح حصة حاكمة، ثم يتخارج البنك من الشركة، وبذلك تصبح مملوكة بالكامل لرجل الأعمال.. وأشارت المعلومات إلى أن هذه العملية هي بداية لسلسلة صفقات أخرى، تهدف إلى تمكين رجل الأعمال من التربح وتحقيق مكاسب خيالية، وفى ذات الوقت الإضرار بالمال العام المتمثل في أموال وأصول البنك الأهلي، وأن المبالغ المالية التي يحصل عليها الموظفان على سبيل الرشوة تتراوح بين 2 و3 % من قيمة كل صفقة. المعلومات أضافت أن الأجهزة الرقابية، رصدت ذلك الاتفاق المجرم قانونًا، وبعد أن تأكدت من وجود نية الإضرار العمدى بالمال العام، والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أصول البنك الأهلي وهو مؤسسة حكومية خاضعة لرقابة البنك المركزى، تم استصدار إذن من نيابة أمن الدولة العليا، لمراقبة وتسجيل وتصوير المكالمات واللقاءات التي تتم بين موظفى البنك وبين رجل الأعمال، وتم التنسيق مع جهاز تنظيم الاتصالات وشركات المحمول، ووضعت الهواتف المحمولة الخاصة بهم تحت المراقبة لفترة معينة، تم خلالها تسجل العديد من المكالمات وتصوير لقاءات جمعت بينهم في عدة أماكن عامة.. وتضمنت تلك المكالمات تفاصيل الاتفاق الجنائى بينهم وكيفية تسهيل إجراءات حصول رجل الأعمال على أرض الساحل الشمالى ومصنع الفيوم، والاتفاق على اللقاء في عدة أماكن من بينها «دار القمر» وفندق «فورسيزون»، ومكان آخر يسمى «كارلوس».. وأخبر رجل الأعمال الموظفين بأنه سافر إلى الساحل الشمالى وعاين الأرض على الطبيعة، وطلب منهما تخفيض سعر الفدان بحيث لا يزيد على 800 جنيه فقط كحد أقصى.. كما عاين مصنع الفيوم وقرر لهما أنه يحتاج إلى 150 مليون جنيه لتطويره، وطلب منهما الاتفاق مع مكتب خبراء تقييم بحيث يضبط السعر حسب رغبته.. ومن المكالمات الغريبة أن أحد الموظفين أخبر رجل الأعمال بأنه برفقة سيدتين، واستفسر من الأخير عن إمكانية قضاء سهرة خاصة معهما، فأجابه بالموافقة.. واتضح من المكالمات أيضًا حرص الموظفين ورغبتهما الشديدة في الحفاظ على علاقتهما القوية برجل الأعمال، والظهور أمامه في صورة المتحكم في مجريات الأمور بالبنك الأهلي.. وجاء في هذه الاتصالات أيضا أنه تم إنجاز 80 % من «الموضوع».. وفى إحدى المكالمات أبدى أحد الموظفين تخوفه من اتصال رجل الأعمال بمسئولين في البنك الأهلي، وطلب من زميله عدم إتاحة كل البيانات له، وإتاحتها تدريجيا، كى يظل في حاجة إليهما.. وجاء في المكالمات أيضا – بحسب المعلومات – أن رجل الأعمال أبدى قبوله بشراء مصنع الزيوت في المنطقة الصناعية بالفيوم، ما يعنى أن موظفى البنك هما من عرض عليه شراءه بثمن بخس، ليس ذلك فحسب بل وعداه بمساعدته في الحصول على قرض من البنك تصل قيمته إلى 150 مليون جنيه، بحجة تطوير وتحديث المصنع. مصادر خاصة أكدت أنه بعد مراقبات طويلة تم خلالها تسجيل وتصوير لقاءات عديدة بين المتهمين الثلاثة، تم استصدار إذن من النيابة بضبطهم وتقديمهم إلى جهات التحقيق، وهو ما حدث بالفعل ويخضع المتهمون حاليًا لتحقيقات مكثفة من قبل النيابة التي أصدرت عدة قرارات بحبسهم على ذمة التحقيقات، وتم إرسال التسجيلات إلى اتحاد الإذاعة لفحصها وبيان مدى مطابقتها لأصوات المتهمين.