وكيل مكتب بريد يستولى على مدخرات "الأموات" وآخر يحول أموال العملاء لحسابه الخاص هم مجموعة من موظفى هيئة البريد، أعمى الطمع أعينهم فانساقوا وراء الشيطان الذي زين لهم الاستيلاء على أموال ومدخرات البسطاء في جهة عملهم، واعتادوا تزوير توقيعات العملاء ونهب أموالهم طمعا في تحقيق الثراء السريع.. ومنهم من فضل سرقة مراسلات المواطنين واستغلال ما بها من مستندات أو خطابات غرامية في ابتزازهم، غير أن شرطة النقل والمواصلات كانت لهم بالمرصاد، وتمكنت خلال الفترة الأخيرة من ضبط 244 قضية تورط فيها موظفو البريد أحدهم عضو في جماعة الإخوان الإرهابية، كان يخطط مع آخرين لإثارة الفوضى في الشارع المصرى.. "فيتو" في السطور التالية ترصد تفاصيل عدد من وقائع الفساد والاستيلاء على أموال المواطنين والمتورط فيها بعض موظفى "هيئة البريد" والإجراءات القانونية التي تم اتخاذها قبلهم. الواقعة الأولى والأخطر بطلها موزع في مكتب بريد بالقاهرة يدعى "ح. أ" (37 سنة)، على صلة قوية بجماعة الإخوان الإرهابية.. استغل وظيفته واعتاد الاستيلاء على الخطابات البريدية وما بها من أوراق ومستندات وأموال، وكذا الطرود وما تحتويه من أجهزة إلكترونية وغيرها، والتوقيع بالاستلام بدلا من أصحابها.. وكان يستفيد بالأموال ويستخدم المستندات والخطابات في ابتزاز أصحابها، ويبيع الأجهزة التي يسرقها من الطرود.. استمر ذلك الموظف في ممارسة نشاطه غير المشروع إلى أن وصلت رائحته إلى الأجهزة الأمنية، وأمر اللواء محمد يوسف مساعد وزير الداخلية لقطاع شرطة النقل والمواصلات بإجراء تحريات مكثفة عن نشاطه، وفجرت التحريات التي أجريت تحت إشراف اللواء خالد الطوخى مدير المباحث بالقطاع، والعميد سمير عبد المنعم مدير شرطة شرطة البريد، مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أكدت أن الموظف المشار إليه على علاقة وطيدة بجماعة الإخوان الإرهابية. تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وداهمت قوة من رجال المباحث منزل الموظف وألقت القبض عليه.. وعند تفتيش المنزل عثر على 700 خطاب مسجل بعلم الوصول و1500 خطاب بريد عادى جميعها مفتوح، وتبين أن بعض تلك الخطابات يحوى مستندات مهمة تابعة لشركات ومصالح حكومية وأخرى متعلقة بشركات خاصة، كما عثر على خطابات غرامية، كان المتهم يستخدمها في ابتزاز أصحابها، فضلا عن محرقة كان يضعها فوق سطح منزله ليحرق فيها الخطابات.. المثير في الأمر أن رجال المباحث عثروا في منزل المتهم على ملابس خاصة برجال القوات المسلحة، وأسلحة نارية وبيضاء ومطبوعات مختلفة لإشارة رابعة، وصور الرئيس المعزول محمد مرسي، مكتوبا عليها عبارات تشير إلى أنه الرئيس الشرعى للبلاد، ومنشورات تحريضية ضد الشرطة والجيش ومصالح البلاد.. وفى التحقيقات اعترف المتهم بانتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية وأنه أحد عناصرها النائمة في البريد، كما أنه على علاقة بآخرين يشتركون معه في ابتزاز عملاء البريد بالخطابات المسروقة، والإعداد لتنفيذ عمليات تستهدف المصالح الحكومية على طريقة "التنظيم السرى للجماعة" بهدف إثارة الفوضى وزعزعة الأمن الداخلى، وأقر بأن الملابس العسكرية التي تم ضبطها في منزله، خاصة بأحد العناصر الإرهابية وقد استخدمها في تنفيذ عملية إرهابية بشمال سيناء.. بعد انتهاء التحقيق مع المتهم من قبل مباحث البريد، تمت إحالته إلى قطاع الأمن الوطنى لاستكمال التحقيقات معه. والواقعة الثانية بطلها وكيل مكتب بريد في محافظة أسيوط يدعى "ط. م" (35 سنة)، حيث استغل موقعه الوظيفى واختلس مبالغ مالية كبيرة من حسابات العملاء في المكتب، ووصلت قيمة المبالغ التي استولى عليها نحو 3 ملايين جنيه.. تم اكتشاف الواقعة عندما فوجئ عدد من عملاء المكتب باختفاء أرصدتهم ومدخراتهم، فقدموا عدة بلاغات إلى الأجهزة الأمنية المختصة، لتكشف التحريات عن أن وكيل مكتب البريد هو مرتكب تلك السرقات.. وبتكثيف التحريات تبين أن وكيل المكتب كان يزور توقيعات العملاء على ايصالات استلام الأموال ثم يأخذها لنفسه، وأنه اشترى سيارة نقل ثقيل قيمتها تصل إلى 2 مليون جنيه، وأعطى زوجته ما يقرب من المليون جنيه، ثم انقطع عن العمل واختفى عن الأنظار نهائيا.. وبناء على إذن من النيابة العامة، ألقى رجال المباحث القبض على زوجة المتهم وعثر بحوزتها على 211 ألف جنيه، أقرت بأن تلك الأموال هي كل ما تبقى من مبلغ مليون جنيه كان زوجها قد أعطاه لها، وأكدت أن زوجها سافر إلى شمال سيناء بالسيارة النقل بعد علمه باكتشاف أمره.. تم التنسيق بين الإدارة العامة لشرطة البريد وبين مباحث شمال سيناء، وتمكن رجال المباحث من ضبط المتهم، وبمواجهته اعترف باختلاس الأموال، وأنه توجه بالسيارة إلى شمال سيناء لبيعها هناك، وإعادة المال الذي استولى عليه.. أما الواقعة الثالثة فدارت أحداثها في محافظة الدقهلية، وبطلها وكيل أحد مكاتب البريد هناك.. وبحسب تحريات رجال المباحث فإنه استغل موقعه الوظيفى، وتلاعب في حسابات المواطنين واستولى منها على مبلغ مالى يصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين و400 ألف جنيه.. تم اكتشاف جرائم المتهم، ومن خلال التحريات والمتابعات الأمنية لعمله، تبين أنه اعتاد تزوير توقيعات عملاء مكتب البريد الذي يعمل به، على إيصالات السحب واستلام النقدية، وأخذ الأموال لنفسه عن طريق تحويلها إلى حسابه الخاص في أحد البنوك.. تم استئذان النيابة العامة بعد جمع كافة الأدلة والمستندات، وألقى القبض على المتهم، وعند مواجهته اعترف بتفاصيل جرائمه. والواقعة الرابعة دارت أحداثها في محافظة البحيرة، وبطلها أيضا وكيل أحد مكاتب البريد هناك، حيث كان يستولى على أموال العملاء المتوفين فقط عن طريق "الفيزا كارت" الخاصة بهم.. تحريات رجال الشرطة توصلت إلى أن المتهم سبق اتهامه في عدة جرائم اختلاس في مكاتب بريد أخرى سبق وأن عمل بها، وأنه استخدم كروت الفيزا الخاصة بالعملاء المتوفين في الاستلاء على 320 لف جنيه.. وبناء على إذن من النيابة العامة تمكن رجال الشرطة من ضبط المتهم واعترف بجرائمه وأحيل إلى النيابة لمباشرة التحقيق.