حسين العطفي: المعركة صعبة والشراكة الحقيقية الطريق الوحيد القاهرة تلتزم ب«خطة المنح».. ونصائح ل«مغازى» بعودة شركات التكامل بين مصر والسودان تحت عنوان «مناقشة مشروع التكامل الزراعى مع الخرطوم» قام الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والرى بزيارة سريعة لم تستغرق سوى ساعات إلى السودان خلال الأسبوع الماضي. العنوان الذي تحرك تحته «مغازى» يحمل في ظاهره زيارة عادية، أما باطنه فيكشف عن تحركات مصرية لكسب السودان في صفها لما يمكن وصفه باستعداد لمعركة مقبلة مع إثيوبيا. المعركة، وفقا لكل الشواهد الحالية، ستكون الفيصل في المفاوضات الفنية المتعثرة بعد انسحاب المكتب الهولندى من إجراء دراسات سد النهضة، الأمر الذي عده الخبراء الفنيون كارثة، في ظل تمادى أديس أبابا في التسويف الذي كان آخره رفض عقد اجتماع لمناقشة سبل استمرار المفاوضات دون أي سبب. زيارة السودان كانت لغرض محدد يتمثل في إقناع المسئولين هناك بأن تتخلى عن مواقفها الحيادية المثيرة للجدل خاصة أنها دولة مصب مثلها مثل مصر ستتأثر جراء استكمال «سد النهضة» بالمواصفات الحالية، لتقف بجانب القاهرة في المفاوضات المقبلة المقررة نهاية الشهر الجارى كورقة ضغط على الجانب الإثيوبي، وهو ما حاول حسام مغازى إيصاله للخرطوم في زيارته الأخيرة كما كشف بذلك أحد الأعضاء المرافقين للوزير. زيارة وزير الرى لم تكن بداية تحسين العلاقات مع السودان، فبجانب أكثر من 18 زيارة خلال سنة ونصف السنة قام بها مغازى من أجل التعاون في مشروعات تنموية، كانت لغة المال حاضرة في تمويل عدد من المشروعات مثل محطات تحلية المياه، وتدريب الكوادر الشبابية السودانية بتكلفة 100 مليون جنيه والتي قدمتها القاهرة في صورة منح، بجانب مشروع التكامل الزراعى الذي يستهدف زراعة مائة ألف فدان بمنطقة الدمازين على أن يتولى الزراعة الجانب المصرى ويتم تقسيم المحصول لسد الفجوة الغذائية في البلدين. من جانبها لم تقف «أديس أبابا» مكتوفة الأيدى أمام ما يحدث، فكان لها هي الأخرى ألاعيبها حيث استطاعت أن تقنع السودان أن تقف بجوارها خلال الشهور الماضية، أو على الأقل ألا تتخذ موقفًا مهاجمًا لها وهو الأسلوب الذي اتبعته الخرطوم خلال ثمانية شهور من المفاوضات. الكهرباء كانت الكلمة الأولى من إثيوبيا تجاه السودان بعد أن بدأت في عام 2013 تصدير 100 ميجا كهرباء للخرطوم التي تحتاج إلى 500 ميجاوات هذا بجانب ارتفاع حجم الصادرات الإثيوبية من 2.2 مليون دولار عام 2002 إلى 176 مليار دولار عام 2013. إثيوبيا لم تكتف فقط بتصدير الكهرباء وحجم التنمية، بل تم وضع خطة تنمية شاملة من خلال ما يعرف بلجان التنمية بين البلدين والتي تناقش فكرة المشاريع الزراعية والاقتصادية. الغريب في الأمر، وفقا لما سبق وصرح به عثمان السيد سفير السودان الأسبق في أديس أبابا أن العلاقات الإثيوبية السودانية كانت من أسوأ العلاقات الأفريقية، لافتًا إلى أنه في الفترة من 1956 وحتى 1991 لم تنعقد اللجان الوزارية سوى مرتين فقط، ولكن العلاقات اختلفت في عام 2011 وتحديدًا بعد بدء بناء سد النهضة الإثيوبي. عنصر آخر يصب في مصلحة السودان وهو عدم احتياجها للموارد المائية من نهر النيل فوفقًا للتقارير الرسمية تتلقى السودان 114 مليار متر مكعب من المياه من خارج أراضيها منها 25 مليارا من المنابع الاستوائية على الحدود السودانية الأوغندية بالإضافة إلى بحر الغزال الذي يضخ 15 مليار متر مكعب من المياه، و50 مليار متر مكعب أخرى من النيل الأزرق، و13 مليار متر مكعب من نهر البارو. تلك الروافد المائية تجعل السودان ممرًا مائيًا لمياه نهر النيل أكثر من كونها دولة تحتاج تلك المياه، وهو ما يدعوها إلى البحث عن مصالحها في إثيوبيا التي تعدها بكمية أكبر من الكهرباء في حالة اكتمال بناء سد النهضة بجانب منح أخرى. حسين العطفى وزير الرى الأسبق، يرى أن ضم الخرطوم إلى القاهرة لاتخاذ موقف موحد يساعد في محاصرة أديس أبابا أمام المحافل الدولية، خاصة أن الأخيرة تستغل موافقة دولة مصب على تمرير مشروعها. السودان معركة صعبة، أمر ثان أشار إليه، وزير الرى الأسبق، وأكمل بقوله: الذي يؤكد أن إقناع نظام البشير بالانضمام لمصر واتخاذ مواقف موحدة وقوية يستلزم الكثير من الجهد، لأن الأمر لا يتوقف فقط على المنح قدر التوقف على شراكة حقيقية بين البلدين وهو ما يمكن أن تؤديه شركات التكامل بين مصر والسودان التي بدأت في العودة من جديد لوضع خطة عمل واضحة بين البلدين.