لا أكتب اليوم مدفوعا فقط بعقيدتي الدينية التي أنتمي لها، ولكن أيضا بدافع الإنسانية التي صارت تحسب فقط وفقا لموازين المنفعة والقيمة المادية، وحسب عالم متواطئ مقزز إلا قليلا، فعندما يرى العالم كله مذابح يومية عنصرية بشعة ضد أقلية مستضعفة ويصمت، فهو عالم مقزز ودنيء ومدعٍ ولا يعرف تقدما أو حضارة مهما أبدع من تكنولوجيا وصناعات وفنون وعمارة. والأقلية التي تبُاد يوميا تحت سمع وبصر العالم من قبل نظام مجرم وعصابات مجرمة ومتطرفين هم مسلمو الروهينجا في دولة بورما.. لا أدري كيف يصمت العالم على كل تلك المذابح ضد أطفال ونساء وشيوخ وشباب فتيات كل خطيئتهم أنهم مسلمون موحدون بالله فقط! ولكن يبدو حقا أن هؤلاء المستضعفين لا حق لهم في الحياة، ولا حق لهم في الوجود أساسا، فهم لا يملكون ثروات بترولية، قد تدفع العالم للدفاع عنهم وليسوا أقارب أو أصدقاء أو حلفاء للكيان الصهيوني؛ حتى يتم التنديد بالهولوكوست اليومي ضدهم ولا مطمع في أرضهم.. هم فقط بشر، والأدهى أنهم مسلمون أيضا، فلا حق لهم إذن في الحياة، وليعذبوا ويسحلوا وتمارس ضدهم أبشع وأقذر أنواع التعذيب والإهانة حتى الموت! أين الأزهر الشريف من هؤلاء؟.. أين دوره في الحفاظ على حق من يدينون بدين يدعي أنه المتحدث باسمه؟!.. وأيضا شيوخ التسلف المدعون الذي صدعوا رءوسنا بالحديث عن أمور بسيطة لا تخرج من العقيدة ولا تمس صميم الإيمان بالإسلام مثل اللحية والجلباب والنقاب وغيره من أمور شغلتهم كثيرا؛ لأنهم لا يريدون سوى كهنوت أرضي فقط يجلب عليهم خيرات جنة الدنيا وفردوس الآخرة إن أمكن.. هكذا يظنون ويعملون! أين كل هؤلاء الدعاة والشيوخ وأصحاب اللحى وتجار المناصب وبائعي العقائد من سيدة واحدة سافرت لبورما لتسليط الضوء على مأساة مسلمي الروهينجا؟! بالطبع قد يندهش هؤلاء عندما يعلمون أن الإنسانة أنجلينا جولي، النجمة الأمريكية الشهيرة، قد كشفت سوءاتهم جميعا، وخلعت عنهم ملابس كهونتهم الذي لا يعرفه الإسلام من عمائم أو غطرات أو غيره، وذهبت إلى بورما لمساعدة هؤلاء ومحاولة إيقاظ ضمائر وقلوب ران عليها كل ما هو قميء ومقزز. ألم يخجل شيوخنا الذين يصفون أنفسهم بأصحاب الفضيلة، من امرأة لو علموا مهنتها لوصوفها بالعارية وصبوا عليها لعناتهم، وتألو بأنفسهم على الله محاسبة لها وهم بكل أسف أقل منها بكثير.. ليس فقط من الناحية الإنسانية بل من المفهوم الديني أيضا، الذي جعل خير الناس هو أنفعهم للناس، كما علمنا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. بالطبع كثرة الحديث لا يفيد هنا ولن يسمعنا أو يتأثر بكلامنا كل معدومي الضمير سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، المهم فقط أن نقوم بحملة مؤثرة على صفحات التواصل الاجتماعي؛ لإنقاذ مسلمي الروهينجا والدعوة لحماية من تبقى منهم على قيد الحياة بدلا من التأثر بالكابتن أحمد الشيخ، وصراع الأهلي مع الزمالك، وحلقات وائل الإبراشي عن فستان ممثلة مغمورة، وتلك التفاهات التي لا قيمة لها. [email protected]