طالما شهدت الأعوام الماضية شائعات حول وفاة الملا عمر، إلا أن هذه المرة تبدو مختلفة، لكن رحيله – في حال صحت الأنباء - لا يحل الكثير من الألغاز التي تحوم حوله، كما أنه يضع طالبان على مفترق طرق؛ بسبب الانقسامات الداخلية. أعاد نبأ وفاة الملا محمد عمر، زعيم حركة طالبان الأفغانية منذ تأسيسها قبل نحو 20 عامًا، الحديث عنه مجددًا بعد انقطاع كل ما يتعلق به من أخبار لفترة طويلة من الزمن، ورغم تصدر اسم الملا عمر المشهد ،واحتلال أخباره العناوين الرئيسية لكبريات الصحف في العالم، خاصة بعد أحداث هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، إلا أن هناك الكثير من المعلومات ظلت خافية عن متابعي أخباره. ولد الملا عمر بالقرب من قندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان، في المنطقة الجنوبية في عام 1959 أو عام 1960، ودرس في مدرسة دينية بالقرب من الحدود مع باكستان. حارب عمر إلى جانب أسامة بن لادن، القوات السوفيتية المحتلة خلال ثمانينيات القرن الماضي، وفقد إحدى عينيه وأصيب بجرح خطير في الساق. وعندما انسحب الجيش الأحمر عام 1989، انسحب عمر من الحياة العامة؛ للتدريس في مدرسة لتحفيظ القرآن وتدريس علومه، لكنه قاد فيما بعد مجموعة من طلبته، سميت فيما بعد بحركة طالبان، ليشارك في صراعات قادها أمراء الحرب في أفغانستان. وفي عام 1996 استولى الملا عمر على الحكم بأفغانستان، ما أدى إلى بروز تفسير متشدد للشريعة الإسلامية، ولكونه يفضل قندهار، فقد تجنب الملا عمر كابول؛ حيث زار العاصمة الأفغانية - على ما يبدو- مرتين فقط خلال فترة حكم نظامه. محاولة اغتيال وفي عام 1999، نجا الملا عمر من محاولة اغتيال يقال إنها أودت بحياة إحدى زوجاته الأربعة، وغزت القوات الأمريكية البلاد بعد الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم القاعدة عام 2001، على نيويورك وواشنطن بإيعاز من أسامة بن لادن، الذي كان يأويه نظام طالبان. ووفقًا لتقارير إعلامية، فقد عمر ابنه البالغ من العمر 10 سنوات، في عمليات القصف الأمريكية في تشرين أول/ أكتوبر 2001. وفي آخر مقابلة له مع خدمة الباشتو في هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، في تشرين ثان / نوفمبر عام 2001، قال عمر: إن هدفه هو تدمير الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأضاف لهيئة الإذاعة البريطانية، من خلال وسيط: "لكنها مهمة ضخمة تفوق إرادة وفهم البشر.. إذا كان عون الله معنا، هذا سيحدث خلال فترة قصيرة من الزمن. تذكروا هذه النبوءة". شكوك حول مستقبل عملية السلام وفي الوقت الذي خرجت أنباء مؤكدة من جانب الحكومة الأفغانية والأجهزة الأمنية، تفيد بوفاته قبل عامين، تبقى أسباب وفاته لغزًا غامضًا، فهل مات متأثرًا بإصابته بمرض السل، أم قتل في غارة أمريكية؟ انقسامات داخلية حركة طالبان من جانبها لم تؤكد رسميًا وفاة زعيمها، في وقت أثار فيه الإعلان شكوكًا حول مستقبل عملية السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية، خاصة أنه كان من المتوقع عقد جولة جديدة من المحادثات خلال يومين. وقالت الحركة في بيان باللغة الإنجليزية، نشرته على موقعها الإلكتروني الخميس: إن "وسائل الإعلام تنشر معلومات حول انعقاد محادثات سلام قريبًا جدًا (...) في الصين أو في باكستان"، وأكدت أن "مكتبنا السياسي (...) لم يتبلغ بالعملية". ويعد البيان بمثابة أول تعليق لحركة طالبان بعد إعلان كابول يوم الأربعاء، وفاة الملا عمر منذ عامين، نقلًا عن مصادر ذات "مصداقية"، ولم يظهر الملا عمر إلى العلن منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان، الذي أطاح بحكم طالبان عام 2001. وطالما شهدت الأعوام الماضية شائعات حول وفاته أو تدهور حالته الصحية السيئة، إلا أن هذه المرة تبدو مختلفة؛إذ اعتبر البيت الأبيض هو الآخر، أن تأكيد كابول يتصف ب«المصداقية». ومن شأن الإعلان الرسمي عن وفاة الملا عمر، أن يوجه ضربة لحركة طالبان التي تعاني أصلا من انقسامات داخلية كبيرة. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل