لا أعرف لماذا تشذ نقابة الصحفيين عن الإجماع الوطني، وتهدد بإسقاط بعض مواد قانون الإرهاب؟!.. ألا تعرف النقابة أن قوانين الإرهاب معمول بها في العالم كله، وهل لا تعرف أن الحرية المطلقة مفسدة ونتيجتها الفوضى؟! توقعت أن يكون للنقابة موقف مؤازر للحكومة في كبح جماح دعاة الفوضى ومروجي الأكاذيب والمتطاولين على رموز الدولة، ثم إن قانون الإرهاب لم ينتقص من الحرية المسئولة، أما المادة 33 موضع الخلاف، فتنص على "يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمّد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن". تتعلق المادة 33 بمواكبة الإعلام للعمليات الإرهابية، وكان حري بالنقابة النظر مليا في فضائح الإعلام المصري الأربعاء الماضي، وتعامله المخجل مع مواجهة جيشنا العظيم مع الإرهابيين في سيناء، وبدلا من التواصل مع المتحدث الرسمي للقوات المسلحة أو المصادر الرسمية الموثوقة، بدأت حمى نقل أكاذيب وكالات أنباء وتلفزة دول تقود وترعى المؤامرة على مصر، وتنفق المليارات حتى تتخلص من جيشنا مثلما فعلت في العراق وسوريا وليبيا ثم اليمن. "خير أجناد الأرض" كانوا يسطرون ملحمة العزة والثأر الفوري لدماء الشهداء، وفي الوقت نفسه ينقل الإعلام المصري بيانات وأرقاما كاذبة عن وسائل إعلام تمولها جماعات إرهابية ودول متآمرة علينا، ما تسبب في إحباط الشعب، الذي ظن أن "رفح والشيخ زويد" سقطتا في أيدي الإرهابيين.. استمرت حالة البلبلة وتضارب الأنباء حتى أطل المتحدث العسكري ببيانات وأرقام حقيقية، فضحت تآمر وكالات الأنباء وتلفزة رعاة الإرهاب، كما أثبتت سقوط الإعلام المصري في فخ النقل الأعمى، دون التفكير في كيفية وصول المراسلين إلى منطقة حرب شبه معزولة ومقطوع عنها الاتصالات، لدرجة أن الإسعاف لم يسمح لها بالدخول إلا بعد انتهاء العملية العسكرية وتصفية الإرهابيين. ويحضرني هنا، ما قاله سعيد الصحاف - آخر وزير إعلام في عهد صدام حسين - من أن أكاذيب "الجزيرة" وأخبارها المغلوطة مع بيانات وأرقام مضللة تبثها وكالات الأنباء المتآمرة، عن سقوط المدن العراقية وانسحاب الجيش من العاصمة، أدت إلى انهيار الروح المعنوية لدى الجيش رغم سيطرته على الوضع، فاضطر بعد أيام للاستسلام تحت ضغط الشائعات والتضليل الإعلامي.. الدور نفسه مارسه الإعلام المصري الأسبوع الماضي، إن كان عن عمد أو جهل، ما يمكن اعتباره "إرهابا" موازيا للشعب وأجهزة الدولة، ما يستوجب قانونا رادعا لأقلام باتت تشكل عبئا ثقيلا على المجتمع، فهناك من يبحث عن السبق حتى بالتضليل وشق الصف، ومن يركض خلف مصلحته الشخصية وما يجنيه من مال، دون اعتبار لأن البلد في "حرب وجود" تحتم تكاتف الجميع، ومن يمارس دورا مشبوها يؤثر سلبا، والجميع يجب ردعه بالقانون. "إرهاب" الشعب والعمل ضد مصر لم يقتصر على الإعلام، فهناك جمعيات ومنظمات تنفذ أجندة الخارج مقابل تمويل ملاييني تحت مسمى "حقوق الإنسان"، وللأسف الشديد سار في ركابها "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، الذي وجب حله وإلغاء فكرة وجوده من أساسها، بعدما دعا جورج إسحاق، عضو المجلس، إلى "تدخل دولي" في سيناء، تحت ذريعة تطور الإرهاب.. إسحاق يستدعي قوات أجنبية إلى سيناء حتى تصبح مثل ليبيا التي دمرها "الناتو"، ثم أنه بهذه الدعوة يوحي بعدم قدرة الجيش المصري على مواجهة الإرهاب، بما يخالف الحقيقة جملة وتفصيلا. كما دعا جورج نفسه قبل فترة، إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات "الإخوان" لمدة ثلاث سنوات، ولم يبرر حينها طلبه المشبوه، لكن التفسير المنطقي، أنه بعد ثلاث سنوات تنتهي الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السيسي، على أمل أن يفوز في انتخابات الرئاسة مرشح قريب من الإخوان أو متعاطف معهم، فيصدر عفوا عنهم ويسقط جرائمهم في حق مصر والشعب. أستعيد مع الدعوة إلى حل مجلس حقوق الإنسان وردع الإعلام، أفضل ما قيل في خيانة الوطن على لسان هتلر: "أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي هم أولئك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم".. ثم ما قاله نابليون: "خونة أوطانهم لا يستحقون مصافحتي، وحقهم علينا أن ندفع لهم المال فقط لا أن نصافحهم".