[email protected] لم أعرف من قبل موقفا واجهه مواطن مصرى أصعب من الموقف الذى يواجهه رئيس الجمهورية الجديد، خاصة أن عليه أن يتعامل مع عدة ملفات متشابكة كلها متناقضات.. لقد عاصرنا مواقف صعبة واجهها رؤساء سابقون لم تكن على هذا القدر من الصعوبة والتعقيد، ويوم واجه الرئيس عبد الناصر تداعيات تأميم القناة والعدوان الثلاثى الذى أعقبها كان الشعب كله معه، بالإضافة الى الدعم السياسى العالمى من القوتين الأعظم فى موسكو وواشنطن. ولم يختلف الأمر كثيرا يوم واجه الهزيمة العسكرية فى العام السابع والستين من القرن الماضى، لأن شعب مصر كله رفض الهزيمة، وأستعد لتحرير سيناء وهو ما تحقق بانتصارات أكتوبر فى العام الثالث والسبعين.. وكانت وحدة شعب مصر فى جميع المواقف الصعبة السابقة هي أقوى دعم للقيادة السياسية ولرئيس الدولة، بصرف النظر عن المآخذ التى على كل منهم. اليوم يختلف الأمر لأن عدد الذين انتخبوا الرئيس هم نصف من لهم حق التصويت، فى حين رفضه النصف الآخر ممن صوتوا لصالح منافسه، أو امتنعوا عن الذهاب الى اللجان أو تعمدوا إبطال أصواتهم. وهذا يعنى أن كل قرار يتخذه الرئيس يواجه معارضة متوقعة ممن لم يمنحوه أصواتهم، وسيعترض الكثيرون على ما سيبدأ به من الملفات الصعبة التى عليه أن يتعامل معها، مثلما سيعترضون على أسلوب تعامله مع كل ملف من تلك الملفات التى سيجدها على مكتبه منذ لحظة دخوله الى مقر الرئاسة. ويرى كثيرون آن عليه أن يبدأ بملف الأمن وإعادة الانضباط إلى الشارع فبدون ذلك لن تنجح جهوده مع الملفات الأخرى، فى حين يرى آخرون أن عليه الوفاء بما وعد به أصحاب الدخل المحدود والأقل من المحدود وبدون ذلك لن يهدأ الشارع الذى أدمن الوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية وتعدى ذلك إلى قطع الطرق وما يترتب عليها من جرائم. والوفاء بالوعود يتطلب توفير الأموال اللازمة فى وقت سريع، وهذا أصعب ملف يواجهه الرئيس المنتخب فى ظل تراجع الدخل القومى وتوقف الحركة السياحية وهو ما يتداخل ويتشابك مع ملف الأمن الذى أشرنا اليه باعتباره أول الملفات التى عليه ان يتعامل معها، وهذه الملفات الصعبة تزداد تشابكا مع ملفات أخرى لا تقل عنها صعوبة، خاصة أن من المستحيل التعامل مع كل الملفات فى وقت واحد، لتصبح عقدة العقد مدى فهم الرئيس لفقه الأولويات، وتحديد هذه الأولويات، وكيف له ان يتعامل مع ملف معين قبل غيره. ويرى بعض المتفائلين وأنا لست منهم انه يستطيع التعامل مع كل هذه الملفات فى وقت واحد، وهو ما نراه أول المستحيلات، وليس رابعها. ونسأل الله لنا وله العافية