'بمجيئك ستنحل العقد.. وإن كنت ستواجه الكثير.. فتحمل مسئوليتك خلال السنوات الأربع الصعبة والتي لن تكون نزهة.. ولن ينصلح شيء بين يوم وليلة.. ولكن لو لديك إرادة حقيقية ستكون علي قدر هذه الأحمال التي تنتظرك.. والمهم التصالح مع المجتمع واستقلال القرار الوطني.. والله يكون في عونك'.. كان ذلك ملخصا للعديد من الرسائل والنصائح التي يرسلها الكاتب الكبير فهمي هويدي للرئيس الخامس في تاريخ مصر .. والذي يستعد لدخول القصر الجمهوري .. أما عن تفاصيل هذه الرسائل والنصائح فنعرفها من خلال الحوار التالي ... علي مدار الشهور الماضية طالبت بالصبر علي المجلس العسكري حتي ينتخب الرئيس .. فهل كل ما يحدث من فوضي واعتصامات سينتهي بمجرد دخول الرئيس للقصر الجمهوري؟ علي الأقل ستنفك العقد , ولكن هذا لا يمنع من أنه ستحدث مثل هذه الأشياء في وجود الرئيس , ويجب أن يواجهها بالطبع , فلازم يواجه ويتحمل مسئوليته , فليست هناك مشكلة في ذلك تماما , ولكن المهم هو الحديث عن كيفية مواجهة ذلك , لأنه لا يوجد شيء اسمه رئيس يواجه بمفرده بالتأكيد , فالرئيس يعاونه فريق عمل , وبجانبه برلمان وحكومة ومؤسسات وأحزاب سياسية .. إلخ , وهذا يعني أن ذلك ليس عمل ومهمة الرئيس وحده , ولكن الرئيس مفتاح . البعض يؤكد أننا ربما ندخل مرحلة إحباط بعد انتخاب الرئيس فهل هذا صحيح؟ المسألة في النهاية تتوقف علي ما نريده نحن , فهل نريد أن نبني أم نريد أن نحبط ونقف , ففي كل مكان هناك أسباب للإحباط وهناك أسباب أخري للأمل والتقدم , ولكن المهم الناس تسعي لتحقيق أي منهما , فنحن نستطيع أن نقول الآن إن هناك فوضي في الشارع وأحداثا عديدة سيئة مثل العباسية , ولكن نستطيع تأكيد سقوط النظام وهناك مؤسسات جديدة يتم بناؤها ووصلنا إلي انتخابات رئاسية , ولكن المهم أن كله يتوقف علي حسب قراءة المشهد , والأهم أن تكون لدينا النية لكي نبني . ما رأيك في القول بأنه من الصعب السيطرة علي الشارع مرة أخري بعد أن ارتفع صوت الناس؟ أبدا فهناك مجتمعات الناس صوتها عال فيها والدنيا فيها تسير بشكل طبيعي ومنتظم , فلا يوجد تعارض ضروري بين علو صوت الناس والفوضي في المجتمع , فهناك فرق كبير بين الفوضي والجرأة , وهذا يعني أن الناس تعلي صوتها فلا توجد مشكلة في ذلك , بل بالعكس مطلوب إن الناس تعلي صوتها , والثورة قامت من أجل أن نسمع صوت الناس , ولكن المهم كيف يعلو صوتهم , فيجب أن يحدث ذلك من خلال المؤسسات أو البرلمان أو من خلال المجتمع المدني وهكذا , ولكن لا يوجد قلق في أي شيء من ذلك . إلي متي سننتظرحتي تستعيد مصر عافيتها وما المطلوب فعله؟ بالفعل يجب أن ننتظر , فالبلد الآن في حاجة إلي أشياء كثيرة , لابد من العمل , فنحن الآن مثل المريض الذي يأخذ فيتامينا فلن يشفي ويسترد عافيته مع ثاني يوم من وجود الرئيس , ولكن علي الأقل أن هذا سيحرك عنده ميكانيزم وآلية تجعل هذه العافية تسترد بمضي الوقت . مشكلة مواطن محتمل ' كان ذلك عنوان مقال لك من شهور .. فماذا عن فكرة تقبل هذا المواطن المحتمل للرئيس وخصوصا أن هناك معارضين كثيرين له وهناك اتهامات بالتزوير أو وجود صفقات؟ كل ذلك مرفوض تمام , ولكن في الآخر ما يهمني هو أن هناك انتخابات ديمقراطية , ولا أحد يستطيع أن يحتج علي انتخابات ديمقراطية في أي مكان , فمادامت هناك انتخابات حرة لن يستطيع أحد أن يتكلم , ولكن حكاية الكلام مثلا عن تزوير الانتخابات فكل هذا الكلام مردود عليه بأن هناك أحكاما للقضاء وهناك سلطات تفصل فيما هو مختلف عليه . الرئيس أمامه قوي إسلامية مجبر علي التعامل معها .. بم تنصحه في هذه العلاقة مع التيارات الإسلامية بشكل عام ومع الإخوان بشكل خاص؟ الإخوان يجب أن يصبحوا مثلهم مثل الوفد أو التجمع أو المصريين الأحرار ومثل كل هذه الأحزاب , وتكون العلاقة بينهم وبين الرئيس هي علاقة تعاون , فهذا هو الشكل الأمثل للعلاقة بين الطرفين . ولكن ألا يدفع اختلاف الأيديولوجية إلي تصادم بين الطرفين؟ ليست هناك مشكلة في أن يكون الرئيس ليبراليا وهناك أغلبية إسلامية داخل البرلمان , ففي تونس رأينا حكومة إسلامية وفي نفس الوقت الرئيس علماني , وفي المغرب الإسلاميون شكلوا الحكومة وهناك نظام ملكي , فليس بالضرورة أن يؤدي هذا الاختلاف إلي اشتباك , فالرئيس سلطة تنفيذية , ويجب أن يكون الرئيس رئيسا للكل وليس لجهة معينة أو للإخوان . وماذا عن علاقته بالمجلس العسكري؟ بعد الانتخابات لا يوجد شيء اسمه مجلس عسكري , فمن المفترض أن يرجع للقوات المسلحة خلاص , ومن المفترض أنه بمجرد دخول الرئيس القصر الجمهوري ينتهي دور المجلس العسكري في الحياة السياسية لأن مهمته انتهت , فكان هناك ظرف استثنائي حدث وعلي أساسه تولي المجلس العسكري السلطة , وانتهي هذا الظرف بتسليم السلطة لمدنيين , لذا يجب أن يعود كل شيء إلي طبيعته بعد ذلك . قلت من قبل إن تغيير السلطة هو الجهاد الأصغر .. والجهاد الأكبر هو تغيير المجتمع .. فكيف نحقق هذه المعادلة ونصل إلي هذا الجهاد؟ نعم هذا حقيقي ويجب أن نهتم بفكرة تغيير المجتمع , وهذا يتحقق بمضي الوقت بالتأكيد , فيجب أن تزرع الثقافة الديمقراطية , ونستطيع أن نقول إن هناك ثقافة ديمقراطية تحدث في البلد الآن , فهناك مؤسسات تعمل وتحاول أن تحقق ذلك , والحوار السياسي مهم , لأن الحوار يحقق تربية يومية , وأري أن المشاركة في العمل العام تربي الجميع , إخوانا وغيرهم . عدم وجود دستور جديد ألا يجعل معركة جديدة تلوح في الأفق .. حيث إن صلاحيات الرئيس القادم سيتم تقليلها أثناء توليه الحكم؟ نحن محكومون منذ أكثر من عام بإعلان دستوري , ولا توجد أي مشكلة في أن يستمر الإعلان الدستوري إلي أن يصبح لدينا دستور يحدد كل الصلاحيات وكل السلطات , ولو تحدثنا عن صلاحيات الرئيس فكلها أمور محدودة والرئيس لن يستمر للأبد بهذا الشكل , وسينتهي الأمر خلال شهر أو اثنين , فلا توجد أي مشكلة في ذلك , فنحن نسير في ظل هذا الوضع والأمور ماشية , فهذا لا يقلقني . ما أول الملفات التي تنصح الرئيس بفتحها فورا؟ أول ما يجب أن يفعله هي فكرة التصالح مع المجتمع , وكسب ثقة الناس وتكريس الممارسة السياسية الديمقراطية , وهناك ملفات كثيرة يجب أن يلتفت إليها , ولكن هناك ثلاث قضايا أساسية يجب أن يبدأ الرئيس فورا في مناقشتها وفتحها هي الديمقراطية ومحاربة الفساد , و الاستقلال الوطني , وكلها مسائل في حاجة إلي مجهود كبير , ولا تأتي في يوم وليلة , وعليه أن يعرف بالضبط ما هي أولوياته . علي المستوي الخارجي أهم ملف هو العلاقة مع إسرائيل وأمريكا .. فماذا عن هذا الملف؟ أهم شيء في البداية هو استقلال القرار الوطني , فيجب أن يكون في ذهن الرئيس هذه القضية والباقي كله تفاصيل , فالمهم أن ندافع عن استقلالنا , فهذا يؤدي إلي التفاهم أو إلي اشتباك فهذا موضوع تفصيلي , فما أريد أن أقوله إننا إذا كنا دولة محترمة سنجد أن الجميع يحترم موقفنا خصوصا لو كان لدينا ديمقراطية حقيقية , بجانب حسن إدارة ملفاتنا الاقتصادية وبالتالي ممكن نشتبك وممكن نتفاهم ونتعاون , ولكن المهم هذه الأشياء . بماذا تصف السنوات الأربع لفترة حكم الرئيس؟ بالطبع ستكون سنوات صعبة , فالرئيس عنده أحمال ثقيلة جدا ومسئوليات جسيمة , وهذا ما يمكن أن يتعرض له أي رئيس , ولكنه ليس وحده ولكن أيضا الحكومة ستتحمل و لن تكون سياحة أو نزهة , ولكنها مسئولية كبيرة وصعبة . وإلي أي مدي ستكون قدرته علي هذه الأحمال وهذا الكم من الملفات وسط هذه الظروف؟ والله إذا كانت هناك إرادة وطنية فلن تكون هناك أي مشاكل في تحمل كل هذه الأحمال والصعوبات , فنحن خرجنا من نظام دمر البلد وأساء إلي سمعته وقضي علي مؤسساته ونهب ثرواته , فهناك مشكلة كبيرة , ولكن عندما يكون عند هذا الرئيس إصرار وإرادة حقيقية فلن تكون لديه أي صعوبة أو مشكلة في مواجهة ذلك .