لاشك أن ما يحدث فى الشارع المصرى يتسم بقدر كبير من الفوضى، تبدأ من أداء المجلس الأعلى العسكرى بصفته قائما بعمل سياسى، وممثلا لرئيس الجمهورية، مرورا بالقوى السياسية والأحزاب، التى بدأت تبحث عن مكاسبها ومكانها، أو تلك التى استشعرت عجزا عن استكمال أهدافها انتهاء بأفراد الشعب المصرى، الذى لم يجد حقوقه إلا عندما استعان بأداء فوضوى، قد ينتهى بقطع طريق أو إثارة شغب أو تهديد آمنين! وهذه الفوضى هى إحدى سمات المراحل الانتقالية فى أى دولة تتحول من دولة فاسدة ظالمة مستبدة إلى دولة حرية وعدالة واحترام للإنسان، من دولة يديرها فرد أو عصابة إلى دولة مؤسسات ! إذن ما الغريب؟ الغريب والعجيب هو حالة الاستقطاب الحادثة بقوة حتى تباينت المواقف وظهر الشقاق فى لحمة الصف الوطنى، وهو كان أكثر ما يميزهم فى فترة الثورة الأولى وأعلم أن كثيرا من الكارهين للحركة الإسلامية والأحزاب المنبثقة عنها سيلقون بالتهم كلها على أولئك الذين يثيرون غضبهم بتواصلهم مع الناس، وحصد أصواتهم فى كل انتخابات على أنهم مصدر الشرور فى العالم، وهى محاولات رخيصة لتصدير الأزمة وعدم الجدية فى حل الإشكاليات المطروحة، وتفجير الصف الوطنى لمجرد أن فلانا يكره فلانا! وهو ما أظهر تناقضات كثيرة فى المواقف والتصريحات التى حملها إعلام الفلول، الذى تصالح مع النخب الثورية في هجومها على فصيل وطنى قدم ما لم يقدمه الآخرون حبا فى الوطن، ودفعوا ثمن ذلك فى مقابل آخرين ادعو حب الوطن واسترزقوا من وراء هذا الحب! ونحن لن ننساق وراء هذا الاستدراج، بل فقط نظهر حقيقة مواقفنا وخفايا ما يدور ونحن لن ننساق فى موجات الردح والسباب التى يديرها إعلام الفلول للأسف!! نرجو أن نغلق هذا الباب الذى هو أخطر على الثورة من حركة الفلول واستجماع قوتهم هذه الأيام فقد واجهنا زعيمهم وجهازه القمعى بكل ثبات عندما كنا يدا واحدة، واليوم فى ظل افتعال مشاكل وإهدار دماء وجب على محبي مصر بشكل حقيقى التوصل إلى مواقف موحدة لمواجهة الراغبين فى تأجيل تسليم السلطة، ومد الفترة الانتقالية تحت حكم العسكر، لأن أمامنا لا يقل عن أربع سنوات استكمال لهذه الفترة فى ظل حكم مدنى دستورى فى حاجة لتأسيس قوى يتناسب مع الشعب المصرى بطبيعته وأخلاقه وتاريخه ومعتقداته، دون أن يفرض عليه أحد ما يخالف ذلك ترغيبا أو ترهيبا! ورغم ذلك فالتفاؤل يملأ قلبى لأن هناك من يدبر لنا جميعا مثلما حدث قبل 25 يناير، فلقد استنفذنا جهدنا فى محاولة للتخلص من كابوس مبارك وعصابته ولما قاربنا على ما نحن فيه الآن من اختلاف ومزايدة البعض أراد الله بمصر خيرا، وكانت هبة الشعب الغاضب التى أعادت وحدتنا ومصر اليوم بعد أحداث العباسية تحتاج ذات الروح ولن يضيعنا الله أبدا ما دمنا نحمل فى قلوبنا الخير لمصر.