[email protected] فى لحظة ماقبل الطوفان، يلمع المعدن المصرى النفيس.. عندما ظهرالفيلم المسىء للمصطفى عليه الصلاة والسلام، أدرك المصريون- كل المصريين- مقولة مصطفى صادق الرافعى:"إن أصغر خرق يعنى أوسع قبر». كان مخططاً أن يكون الخرق فى أمريكا، والقبر فى مصر، فانتفض المصريون على قلب رجل واحد، وكانت الرسالة بمثابة قَسَم الوعد.. ردَّده المصرى المسلم والمصرى المسيحى:"إسلمى يامصر إنَّا للفدا». أمام مسجد مصطفى محمود، وقف الأب «سروانس»- قس كنيسة العذراء- بالدقى يخاطب العالم كله قائلاً: لكل مثيرى الفتن، لقد أخطأتم الهدف، وأردتم أن ترموا مصر بسهام الفتنة، لكنها ستعود إليكم لأننا كيان واحد. إرتد سهم الفتنة إلى صدر من أطلقه.. لكن خلف الأكمة مازال هناك رماة يتربصون.. ألقوا بحجر التعداد على سطح البحيرة الرائق، فاتسعت دوائر الجدل، المسيحيون خمسة أم سبعة عشر مليونا؟!. هانى سوريال- ناشط قبطى مصرى- يعيش فى كندا.. يختلف كل الاختلاف عن كثيرين من أقباط المهجر.. سوريال كان فى زيارة للقاهرة منذ أيام ثم عاد من كندا، وفى مداخلة هاتفية لإحدى القنوات المصرية الخاصة، قال سوريال إنه كان يسمع عن اضطهاد، ومطاردة، وخطف، وإيذاء للأقباط فى مصر، فقرر أن يكون كل تركيزه على محاولة استكشاف حقيقة ما سمع. سوريال خرج بحقيقة أوجزها فى عبارة واحدة بالغة الروعة.. قال: "شعرت أن المسيحيين90%، والمسلمين10%»، وأضاف إن العلاقة فى مجملها فى أروع صورها، باستثناء حالات تطرف قليلة ذات صوت عال. كلام سوريال أثلج صدرى لسببين..الأول: أنه لفت انتباهى لعلاقاتى الشخصية بإخوتى المسيحيين، والتى لا يخالجنى خلالها أى إحساس بالفرز والتصنيف..السبب الثانى: ما بدي على سوريال من تدين واضح، فاستدعيت ابن حزم عندما قال فى كتابه الأخلاق والسير:"ثِق بالمتدين، ولو كان على غير دينك». ويبقى صدى جمال المشهد، وترنيمة الأب سروانس، وروعة كلمات سوريال.. من رجع الصدى أرصد مايلى مثالاً لاحصراً. يوم أحداث فتنة إمبابة السخيفة، غادرت طنط «أم ملاك» التاكسى على رأس الشارع.. قبل أن تنحنى لتحمل أغراضها، هرع اثنان من شباب الحى، وحملا كل مامعها، بينما تأبَّطَت ذراعى، كما اعتدت معها منذ سنوات طويلة، وأوصلناها حتى باب شقتها، ولم تتركنا ننصرف، إلا بعد أن دست قطع الشيكولاتة فى جيوبنا كما عودتنا فى طفولتنا. فى جنازة صديقى المهندس ماهر أقلاديوس، استمر بكائى المتواصل بحرقة، حتى ظن قساوسة الكنيسة أننى شقيقه الوحيد. فى الأعياد تنهمر مهاتفات التهانى من إخوتى وأخواتى المسيحيين، فأشعر بدفء الإنسانية والوطن الجميل. صدقونى.. والله العظيم ياجدعان مصر بخير.. والمسيح الحى مصر بخير.