علاقة جماعة الإخوان بالأمريكان من العلاقات الغريبة التي لا يمكن أن تخضع لتحليل سياسي، ولا لتحريم ديني، ولكنها تدخل في نطاق الطب النفسي، فكما كتبت من قبل عن أن الإخوان أصابوا أنفسهم بمرض الذئبة الحمراء، فإنهم الآن أصيبوا بمرض الشيزوفرينيا, حيث تملك منهم الفصام وآفاته، واستحوذ عليهم انفصام الشخصية، وأصابتهم حالات الانتفاخ التي تصيب مَن أكل أكلة دسمة مثل الثورة مثلا فإذا بها لا تنفخ الأمعاء ولكنها نفخت الأوداج وشرايين الذات, فأصبحت جماعة الإخوان منفوخة بالهواء الأمريكي، ذات لسان يجيد "اللهجة» الأمريكية. ولأن اللسان غير الأنف ووظيفتهما تختلف فإنه لا تثريب على أنوف الإخوان إن أدمنت شم التبغ الأمريكي، فقد ذهبت أنوفهم تعدو صوب دخان السيجار الأمريكي الفاخر الذي يتصاعد من السفارة الأمريكية وهي غير مدركة أن كل دخان سيتبدد ذات يوم، ولكن الأخ محمد عبدالقدوس عرف طريق السفارة الأمريكية، يذهب إليها قبل الثورة في الأعياد القومية الأمريكية مهنئا ومصليا "حتى لا يطير الدخان" وكان يصطحب معه الأخ عصام العريان الذي أخذ يرسل رسائل الطمأنة للحكومة الأمريكية وللحكومة الإسرائيلية. قائلا في كلمات ألقاها في السفارة الأمريكية, وفي حوار له مع جريدة "الشرق الأوسط" منذ خمس سنوات تقريبا, العديد من التصريحات: "على الحكومة الإسرائيلية أن تطمئن فسنحافظ على كامب ديفيد". وبعد الثورة وقبل أن يصبح "الحكم قبل الدين أحيانا" لم يعد هناك أي مبرر إخواني لإثارة مظاهرات ضد أمريكا الصهيونية، فقد كان هذا الكلام أيام الجهاد الرخيص، أما الآن فنحن أمام الجهاد الأكبر، جهاد السعي نحو أريكة الحكم، وبالتالي لم يعد هناك ما يستحق الإخفاء، أو الخفاء، أو التنديد والتهديد. وجاءت لحظات التمكين، وهي لحظات لو تعلمون مقدسة، ولحظات التمكين يسبقها في العرف الإنساني حالة غرور إنساني، والغرور يعمي البصر ويطمس على البصائر، بدأت الاتصالات والاتفاقات، والوعود والتعهدات، ثم أخذ الفصل الثاني من حلقة الضغوط يعلن عن نفسه، فأمريكا التي قتلت وأبادت وارتكبت أكبر وأفظع جرائم إبادة في تاريخ البشرية، أمريكا التي لا تبحث إلا عن حرية إسرائيل، وديمقراطية نفسها، إذا بها تصبح راعية للديمقراطية والحرية في مصر، ففي هذه الأيام يحل الأخ «كيري» على أرض الإخوان في مصر في محاولة منه لتعديل الدفة وإجراء صلح بين الإخوان والشعب الرافض لهم من باب أن «أمريكا ترعى التحول الديمقراطي في مصر». أما الواقع الذي نراه فيقول إن أمريكا والإخوان يرتكبون حاليا أكبر جريمة نصب سياسية ضد مصر وشعبها، ولكن ليس لنا إلا أن نقول لهم بالرفاء والبنين، عمر طويل في طاعة الشيطان.