سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«استمارة حكومة المحلب الغامضة».. نموذج بيانات إجبارى للموظفين أبرز بنوده اسم "خطيبتك" وتاريخ ميلاد "حماك".. المتقدمون للوظائف يحصلون عليها... وراغبو الحصول على "الترقيات" يشترط أن توجد في ملف خدمتهم
"سرى للغاية.. نموذج بيانات.. وثيقة تعارف".. هذه الكلمات الست هي عناوين لاستمارة غريبة يتم توزيعها في سرية تامة، على الموظفين داخل المصالح والهيئات الحكومية المختلفة، والمستحقين للترقيات إلى الدرجات والمناصب الأعلى، وكذلك المتقدمين الجدد لشغل الوظائف في القطاع الحكومى. المثير في الأمر أن الاستمارة مجهولة المصدر فلا توجد عليها أية بيانات توضح الجهة التي سترسل لها تلك المعلومات الدقيقة عن الموظفين، ولا أحد من المسئولين يعلم سببًا واضحًا لجمع هذا النوع من البيانات الدقيقة عن عدد كبير من الموظفين. حالة الغموض أو الضبابية تلك، فتحت الباب على مصراعيه أمام التكهنات و"القيل والقال" وإن كان البعض يجزم بأن هذه الاستمارة أعدها جهاز أمني أو سيادى، يهدف من ورائها جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن العاملين في القطاع الحكومى، والتأكد من عدم تسرب أي من العناصر المتطرفة فكريا إلى موظفى الدولة، وتسهيل التعامل الأمني معه في حالة انحرافه عن المسار الصحيح. والوثيقة، أو الاستمارة، عبارة عن جداول مختلفة في خمس صفحات، الأولى تضم البيانات الشخصية للمتقدم لشغل الوظيفة وبها مكان لوضع صورة حديثة له، وتشمل هذه البيانات الاسم وتاريخ الميلاد ومحل الإقامة الحالى، ومحل الإقامة السابق، والوظيفة المرشح لها، والوظائف السابقة ومصادر الدخل وقيمة المرتب الذي كان يحصل عليه، وبيانات الموقف من التجنيد وتشمل الرقم العسكري، والرتبة، والسلاح، ورقم الكتيبة. والصفحة الثانية تعد استكمالا للأولى، وتطلب فيها بيانات إضافية مثل أرقام التليفونات المختلفة سواء المحمولة أو الأرضية، وبيانات السيارة ورقم رخصتها وماركتها، وتشمل الصفحة الثانية بيانات عن النشاط العام للمتقدم لشغل الوظيفة مثل الانضمام لأحزاب سياسية أو جمعيات أهلية أو دينية، وطبيعة النشاط الذي كان يؤديه من خلالها، ثم سؤال عما إذا كان قد اتهم في قضايا أو اعتقل ونوعية الاتهامات التي وجهت إليه، ورقم القضية والحكم فيها وتاريخ الحكم، ثم سؤال آخر في ذات السياق عما إذا كان أحد من أقاربه اتهم أو اعتقل بسبب نشاطه السياسي، أو في قضية جنائية وما تفاصيل تلك الاتهامات والأحكام الصادرة فيها، على أن توضع الإجابة في جدول يضم الاسم بالكامل ودرجة القرابة والوظيفة ومحل الإقامة وسبب الاتهام أو الاعتقال، وآخر بند في هذه الصفحة خاص بالحالة الاجتماعية للموظف أو طالب العمل. أما الصفحة الثالثة فتشمل بيانات غريبة منها بيانات الزوجة أو الخطيبة ووالداها وتواريخ ميلادهم وجهة الميلاد، على أن توضع هذه البيانات في جدول يشمل أيضا الوظيفة ومحل الإقامة والجنسية. وهناك جدول يطلب بيانات الأبناء كاملة مثل تواريخ الميلاد والوظائف ومحل الإقامة، ونفس الشيء بالنسبة لأسرة الموظف أو طالب الوظيفة، حيث توضع بيانات الوالدين في جدول منفصل، ثم بيانات الإخوة في جدول آخر مع بيان ما إذا كانوا إخوة أشقاء أو غير أشقاء. وفى الصفحة الرابعة جدول لبيانات الأخوات وآخر لأزواجهن، ثم جدول للأعمام ومثله للأخوال.. أما الصفحة الخامسة والأخيرة فتشمل بيانات دقيقة عن أشقاء الزوجة وطبيعة عملهم ومحال إقامتهم وأعمارهم.. ثم جدول أخير عن أقارب الموظف أو طالب العمل العاملين في مؤسسات عالمية أو أجنبية سواء داخل مصر أو خارجها، ودرجة قرابة كل منهم. وفى نهاية هذه الصفحة عبارة " أشهد بأن المعلومات الواردة في هذه الوثيقة صحيحة وهذه شهادة منى بذلك".. ثم توقيع صاحب الاستمارة أو الوثيقة. وبمراجعة هذه البيانات جيدا تبرز عدة تساؤلات أهمها.. لماذا تطلب جهة ما بيانات دقيقة عن أقارب الموظف أو طالب العمل.. وما هو موقفه في حالة تورط أحد أقارب زوجته أو خطيبته في قضية معينة.. وهل يعاقب بالحرمان من الوظيفة لمجرد أن أحد أقاربه تم اعتقاله لسبب ما.. وما مدى قانونية مثل هذه الاستمارة وتوافقها مع الدستور المصرى الذي لا يعاقب المصريين بأفعال أقاربهم؟.. هذه التساؤلات وغيرها عرضناها أولا على مصدر أمني فأجاب عنها دون الإفصاح عن هويته قائلا: "مثل هذه الاستمارة -إن صحت- يتم توزيعها في أماكن محدودة ومعروفة، وتكون خاصة بالموظفين الذين يعملون في أماكن وجهات ذات طبيعة خاصة، أو يتسم عملهم بالسرية التامة لاعتبارات أمنية مختلفة، فمن الطبيعى أن تكون الأجهزة المختصة على علم بكافة المعلومات عنه وعن الأشخاص الذين يتعامل معهم خارج العمل سواء كانوا من أسرته أو أقارب زوجته.. ولا يتم فصل أو استبعاد موظف من عمله بسبب "جُرم" أحد أقاربه، وإنما يتم إجراء تحريات دقيقة قبل اتخاذ مثل هذا القرار، وبالتالى فإن استمارة البيانات المشار إليها، لا تتعارض مع القانون أو الدستور، لأنها لن تتسبب في حرمان أي مواطن من حقوقه التي يكفلها الدستور". من جانبه، قال الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري إن طبيعة العمل ومقتضياته تعطي الحق للجهة الإدارية أن تسأل طالب شغل الوظيفة لديها ويتحتم عليه أن يجيب، فأى من الهيئات الحكومية تلتزم بالتحري المناسب عن طالب العمل لديها في حدود المتعارف عليه، ولكن هناك بعض البيانات التي لا تصح أن تكون سببا لرفض أو قبول طلب شاغل الوظيفة، مثل انتمائه السياسي سواء كان يساريا أو ليبراليا أو يمينيا على سبيل المثال وحريته في الرأى والتعبير أو مستواه الاجتماعي، كذلك لا يستقيم الحال إذا تم سؤاله عن تورط أقرباء زوجته في قضايا معينة طالما أنه ليس مطلوبا على ذمة أي قضايا فهذا يعد مخالفا للقانون، مشيرا إلى أنه في حالة رفض طلب تقدمه للوظيفة يحق له أن يستفسر من الجهة الإدارية عن سبب رفضه، فإذا كان ذلك لأى من الأسباب السالف ذكرها، يكون قرار الرفض معيبا ويحق لطالبه إقامة دعوى أمام القضاء الإداري يطالب فيها بقبوله لشغل الوظيفة طالما استوفى شروطها. " نقلا عن العدد الورقي.."