[email protected] انتفاضة قضاة مصر، ضد محاولة العدوان على السلطة القضائية، أكد أنه لايزال فى مصر رجال أشداء، لا يخشون بلطجة نظام سياسى عبثى، ولا يحتشدون فى مواكب المتنطعين، ولا يهابون سيف الحاكم وبطشه، ولا يأكلون على كل الموائد. والمواقف هى التى تكشف معادن الرجال، وما حدث مؤخرا بشأن النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود، أظهر لنا صنفين من الرجال، الأول.. هم قضاة مصر الذين ثاروا على عبث الرئيس، وجماعته، واستهانته بالسلطة القضائية، وأجمعوا على أنهم لن يسمحوا بتكرار مذبحة جديدة للقضاء، حتى لو وصل الأمر إلى الاستقالة من مناصبهم، وضربوا المثل والقدوة بأن الحق أقوى من بطش النفوذ وجبروته، وأن قليلاً من الحكمة والإرادة كفيل بأن يكسر أنف أشد الأنظمة السياسية غباءً وترهلا.. أما الصنف الثانى، فيمثله رئيس الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور المستشار حسام الغريانى، وكنتُ أظنه على خير، ووزير العدل المستشار أحمد مكى،"ولم اظنه يوما على خير"، وكلاهما جسد دورا مهينا وسلبيا فى فصول الأزمة، عندما هددا المستشار عبدالمجيد، ليجبراه على ترك منصبه، وهما يعلمان أنهما يلعبان دور البطولة فى مسلسل هزلى مشين، خصم كثيرا من رصيدهما، عند القضاة، وعند الشعب. لا شك فى أن مسح الجوخ للحاكم "أى حاكم"، واسترضاءه، بشتى السبل والوسائل، يلوى عنق الرجال، ويجعل من الكبير صغيرا، ومن العزيز ذليلا، وهو ما كشفت عنه تلك الأزمة، فظهر الرجال الحقيقيون، وظهر من دون الرجال، ومن لا يستحقون الانتساب إليهم. وبغض النظر.. عما سوف تنتهى إليه هذه الأزمة، فإن الرابحين فيها، هم القضاة، الذين رفضوا واحتجوا، ورفعوا راية العصيان ضد عبث "نظام الفوضى" بالسلطة القضائية، فلهم الشكر والتقدير، وليبقوا دائما وأبدا قلعة حصينة للكرامة والشرف. أما الخاسرون فهم: الرئيس ومستشارو السوء، و"الغريانى" و"مكى"، الذين غرهم المنصب الزائل، ورضا الحاكم. كما بينت تلك الأزمة.. أن نظام "مرسى" وجماعته، لايزال يعبث ويلهو، مثل طفل لم يبلغ بعد سن الرشد، وقد لا يبلغه إذا ما أصر على مخاصمة العقل، والتفكير بعقول خارج نطاق الخدمة.. فمصر يجب أن تبقى أكبر من عبث العابثين ولهو اللاهين.