كان الحزب الوطنى الذى تسلط علينا سنوات طويلة يصنع منهم فزاعة، وبدأوا هم بعد حصولهم على الأغلبية البرلمانية، يسلكون ذات السلوك، ليصنعوا من الحزب الوطنى فزاعة لنا، ويحذروننا من الوقوع فى براثن بقايا النظام السابق ويلصقون بهم كل السلبيات المنسوبة إليهم. وكما أخذوا بأسلوب السابقين فى ذلك، أخذوا عنهم أيضا الاستئثار بكل السلطات، وما هو بحق لهم، وما ليس لهم بحق، التزاما بسنة الحزب الوطنى، غفر الله له. واستحدث المتسلطون الجدد أسلوبا كان اليساريون وأباطرة الديكتاتورية الاشتراكية يستخدمونه من قبل، وهو ما يُطلقون عليه المرحليات، وبرروا بذلك تراجعهم عن بعض ما التزموا به، بداية بعدم تجاوز عدد محدود من مرشحيهم للبرلمان ، وعدم تجاوز ثلث المقاعد، وانتهاءً بعدم ترشيح أحد من زعمائهم لرئاسة الجمهورية، مرورا بالالتزام بالقواعد الديمقراطية, وبمبادئ الفصل بين السلطات، وساروا فى طريق من سبقهم ليتأكد لنا ان السلوك يختلف باختلاف الموقع، وإن ما كانوا يأخذونه على من سبقهم، وهم فى المعارضة، تورطوا فيه عندما امتلكوا أدوات الحكم,وهذا ما صنع الديكتاتوريات السابقة، وسيؤدى الى خلق ديكتاتورية جديدة متسترة بستار العقيدة، وتملك زعماء الدعوة الزعامة السياسية، متسلحين بسلاح التزام تابعيهم بالسمع والطاعة، ومنها الطاعة العمياء فى الأمور السياسية، التى لن يكون من بينها معصية الخالق، لأن القرارات السياسية تتسع للمرونة والتراجع عن التزامات ومواقف سياسية تتغير بتغير التطورات والمستحدثات فى أمور الحكم. وكما نرى دائما فإن تجمع كل هذا القدر من السلطات فى يد واحدة يصنع منها ديكتاتورا وتجعل ممن حولها مراكز قوى تعمل على تأكيد هذه اليدكتاتورية تحقيقا لمصالحهم ولمصالح الذين معهم. وأخشى ان ينجحوا فى ذلك لأن من بيننا من يميل بطبيعته الى الخضوع لزعيم يعتبرونه كبيرهم، وهذا ما يدعون إليه البسطاء من الناس, الذين يعانون من الأمية السياسية فضلا عن الأمية الأبجدية، ويسهل السيطرة عليهم بدعوى العقيدة، وما هو بحق قد يُراد به فى بعض الأحيان ما هو باطل. ومن هذا المنطلق نحذر أصحاب الأغلبية من التخمة السياسية, فتصيبهم لعنة الاستئثار بالسلطات المطلقة، التى أصابت الذين من قبلهم، فيلقون نفس مصيرهم. ونسأل الله لنا ولهم العافية..