إذا أعتقد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، أن تركيا كانت المحطة الإشكالية فى جولته الأولى بالشرق الأوسط فإن القاهرة أثبتت له أنها لا تقل ضرراً، فجاء كيرى إلى مصر ليجامل مرسى فاصطدم بقوى المعارضة ولاقت زيارته الكتف البارد فى القاهرة، فباستثناء الجو العام من المعارضة المدنية وأعمال الشغب التى اجتاحت مصر وأسفرت عن مقتل مواطن وإصابة 189 شخصا فإن زعماء جبهة الإنقاذ الوطنى أعربوا أنهم ليست لديهم النية لمقابلته كما اتهموه أيضاً بأنه يتدخل فى الشئون الداخلية لمصر. يعود ذلك إلى أقوال كيرى التى أثارت غضب الجمهور والتى أدلى بها خلال مؤتمر صحفى أثنى فيه على الحكومة المصرية وعلى أنها سمحت لحضور مراقبين دوليين فى الانتخابات البرلمانية التى من المقرر أن تجرى فى شهر أبريل المقبل، وصرح كيرى أيضاً بأن الطريق الوحيد لاحترام حقوق الإنسان يأتى عن طريق توسيع التعاون السياسى والاقتصادى، كما أشار إلى أن واشنطن مهتمة بإنهاء الأزمة السياسية فى مصر وفى إطار ذلك أعرب أحد زعماء المعارضة "عزازى على عزازى" قائلاً إننا لا نتلقى أوامر من الإدارة الأمريكية أما حمدين صباحى ومحمد البرادعى فرفضوا لقاء كيرى تماماً والذى اضطر بالاكتفاء بمقابلة عمرو موسى فقط. لقد فشل كيرى فى أن يجرى مصالحة بين الرئيس والمعارضة، التى قررت مقاطعة الانتخابات وعلى الرغم من نفيه الشائعات من جانب المعارضة أنه ينوى إجراء مفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية فى مصر إلا أن الغضب ظل قائماً خاصةً من جانب القوى العلمانية والليبرالية الذين كانوا على رأس معارضة التدخل الأمريكى فى الشئون المصرية. وكان من المقرر أن تمنح الولاياتالمتحدة مصر 450 مليون دولار لكن الكونجرس الأمريكى عرقل تحويل الأموال كوسيلة ضغط على الرئيس مرسى حتى لا يلحق الضرر على المسيرة الديمقراطية بسبب القرارات الرئاسية إحادية الجانب التى قطعها مرسى فى ديسمبر الماضى، وكل هذا لم يحقق هدف زيارة كيرى فى نفس التوقيت عقد كيرى لقاءات منفصلة مع وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى ومع الرئيس محمد مرسى وفى إطار ذلك اعتبر المحللون المصريون أن هذه اللقاءات المنفصلة أيضاً محاولة من كيرى لإزالة التوتر بين الجيش وبين الرئيس مرسى. وعموماً فإن زيارة كيرى المهمة للقاهرة كانت تهدف لتحسين صورة الولاياتالمتحدة، وتحولت بعد ذلك إلى زيارة سياسية تضع فيها الولاياتالمتحدة إملاءات على جدول الأعمال المصرى للتدخل فى الصراعات السياسية الداخلية لمصر، ولعلها تنحاز فى الزيارة لمرسى ضد قوى المعارضة وهو ما أثار تسائل متحدثون باسم حركات المعارضة لماذا لم تعلق الولاياتالمتحدة على تصرفات مرسى؟ وعلى الدستور الذى أسرع فى التصديق عليه؟ ولماذا تم توجيه الضغط ناحية المعارضة فقط؟ يجب أن نضيف إلى هذا الشك من جانب عدد من المتحدثين باسم المعارضة أن هدف زيارة كيرى هو دعم السلام بين مصر وإسرائيل وهو ما أشارت إليه د.منار الشوربجى التى تدير مركز الدراسات الأمريكية فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة وكانت عضوا فى اللجنة التأسيسية للدستور أن العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة هى فى أساسها عسكرية ومن هنا يأتى تفسير لقاء كيرى بوزير الدفاع المصرى الفريق أول عبدالفتاح السيسى كما أن الولاياتالمتحدة تمارس ضغطا لجعل العلاقات دافئة مع إسرائيل وكانت الولاياتالمتحدة ستشعر بالرضا إذا ظلت مصر تحت حكم الجيش أو حكم مبارك، أن الولاياتالمتحدة فقدت الكثير من تأثيرها على مصر منذ اندلاع الثورة . نقلاً عن هاآرتس