الشيخ على الشريف قيادى بارز فى الجماعة الإسلامية, انضم اليها منذ نشأتها,وكان عضوا فاعلا فى أنشطتها داخل وخارج السجون, وهو ما يجعله مكمن اسرار لكشف كل الملفات الغامضة, يعتكف الآن فى بيته بعد الإفراج عنه لكتابة مذكراته.. «فيتو» التقت به واطلعت على تفاصيل مذكراته التى تحمل أسراراً من العيار الثقيل. الشريف بدأ مذكراته بقوله: ولدت عام 1956, وكنت بحب السينما, وحريصا على مشاهدة الافلام, وفى الثانوية العامة استهوتنى الكتب الدينية, وبعد دخولى الجماعة الإسلامية دخلت السجن مرتين, وطلقت زوجتى الاولى بعد منع الخلوة الشرعية فى السجون, وحصلت على الليسانس من كلية دار العلوم, وقبلها فصلت من تجارة جامعة اسيوط, وتزوجت الثانية بعد المراجعات الفكرية, وعرف عنى محاربة المنكر بكل اشكاله, وحاربت اختلاط الطلبة والطالبات فى مدرجات الكلية, واستفزنى طلاب علمانيون بمكيدة دبروها لى, وضربونى, فاخرجت مطواتى وأصبتهم بجروح سطحية, لأننا كنا مدربين على ذلك, وقبض على وحرمت من الامتحان, واخرجت مطواتى للمرة الثانية فى تجارة اسيوط , عقب مشاهدتى لطالب وطالبة فى وضع مخل, ففصلونى من الكلية, وهذه الامور كانت السبب فى ذيوع صيتى, ونيل ثقة الجماعة , واختيارى عضوا بمجلس الشورى, وقد آويتهم اثناء الهرب ونحن طلبة فى بيتى, وكان كرم زهدى معهم, والقى القبض على واحتجزت بقسم نجع حمادى, ولكنهم هربونى من القسم الى القصب, بعد ان قيدوا افراد قوته . « نقلة نوعية» عن الجماعة الاسلامية فى السبعينيات قال الشريف: انها كانت فى بدايتها دعوية, ولم تكن تفكر فى العنف المسلح, ولكن منهجها تغير بعد مقابلة كرم زهدى لمحمد عبد السلام فرج فى السعودية, واقتناعه بإمكانية قلب نظام الحكم بجماعة سرية, وهو ما اعترض عليه ناجح ابراهيم وعصام دربالة واخرون بشدة, فى حين وافقته انا على ذلك, وبعدها عقدنا اجتماعا حضره عبود وطارق الزمر, واقتنع الجميع وانشأنا مجلس شورى التنظيم المسلح بقيادة كرم زهدى, واصبح كتاب «الفريضة الغائبة» لفرج بمثابة المرجعية للعمل, واخترنا الشيخ عمر عبد الرحمن كعالم جليل لضبط العمل المسلح من الناحية الشرعية. كيفية تمويل معسكرات التدريب كانت اهم مشكلة واجهت الجماعة, ولكن تغلبت عليها - كما قال الشريف- بتبرعات الاعضاء, واقامة اسواق خيرية لفترة تبين بعدها ان الاموال لاتكفى لتغطية المهمة, فاستغلت الجماعة مشاجرة فى الزاوية الحمراء بين مسلمين واقباط فى استحلال دم الاقباط واموالهم, وناقشت خطة لاقتحام كنيسة كبيرة يوم الاحد باسلحة آلية وقتل عدد كبير فيها, ولكن الامر استقر على اقتحام محلات الذهب المملوكة لهم والسطو عليها لتمويل النشاط المسلح, وكان الشريف صاحب الاقتراح وقد تم تكليفه بالتنفيذ فاختار مجموعة من ستة افراد, وقام باقتحام ثلاثة محلات ذهب للاقباط فى نجع حمادى, واختار لها صلاة الجمعة «ساعة صفر» ونفذها باربع مجموعات بالاسلحة الالية والمطاوى, بعد رسم كروكى , وعمل بروفة لضمان النجاح , وخلفت العملية ثمانية قتلى من الاقباط, وبعد نجاح العملية وخروجها بجوال دهب غنيمة, تم ابلاغ الشيخ عمر عبد الرحمن وتوصيل جوال الذهب الى كرم زهدى, فاشترى به سيارات وموتوسيكلات وبنادق وطبنجات وبطاطين واطعمة لمعسكرات التدريب. «دروس عسكرية» الشريف اعترف بانه تلقى دروسا مكثفة فى العلوم العسكرية والمخابراتية على يد ضباط فى الجماعة ,اهمها الاغارة والكمائن والانسحاب بأمان وإعداد الخطط للعمليات , وبأنه كلف بعدها بضم اعضاء جدد للتنظيم المسلح, وتدريبهم على كل انواع الاسلحة, والاشتباكات اليدوية واطلاق النار من كل الاوضاع , كاشفا ان مخبرين بوزارة الداخلية سربوا لاعضاء الجماعة قرار السادات بالتحفظ عليهم على خلفية احداث الفتنة الطائفية فى الزاوية الحمرا, وساعدهم ذلك على الاختفاء والهرب ولم يقبض على احد منهم سوى طلعت فؤاد. «اغتيال قساوسة» اخطر اعتراف للشريف -وبحسب قوله- انه قرر قتل اربع قساوسة, كانوا موجودين بمستشفى المنيل الجامعى, وادعى المرض لنقله من سجن الاستقبال لتحقيق غرضه, وبالفعل نقل الى مكانهم, وقرر تنفيذ المهمة فى صلاة الفجر, ولكن تهريبه فى عصر نفس اليوم حال دون ذلك. حادث المنصة عن حادث المنصة كشف الشريف أسرارا جديدة فى الملف الغامض لاغتيال السادات, منها ان خالد الاسلامبولى «المتهم الأول فى قتل السادات» فاجأ الجميع بأنه سيشارك فى العرض العسكرى, وانه مستعد لقتل السادات, اذا سمح مجلس شورى الجماعة له, وانه اى الشريف وفر له الاسلحة الالية بعد موافقة الجماعة, ولكنه لم يستطع توفير القنابل له, فاتصل خالد باسامة حافظ عضو التنظيم السرى وابلغه انه سيلغى العملية لهذا السبب, فاحضرها له عبد السلام فرج, فاخذها خالد معه الى المعسكر, وظل فرع الجماعة بالصعيد على قناعته بأن العملية الغيت , وذلك بعد ان كان مجلس شورى الجماعة قد كلف عبود الزمر بوضع خطة العمليات, المقرر تنفيذها عقب قتل السادات للاستيلاء على القاهرة, وكلف الشريف بوضع خطة الاستيلاء على اسيوط, ووضعها الشريف باتقان -حسب قوله- وتتلخص فى اقتحام مداخلها الاربعة الرئيسية باربع مجموعات مسلحة لقفلها, وسد مداخلها وقاد الاولى الشيخ حمدى عبد الرحمن وكلف بالاستيلاء على المدخل الشمالى بما فيه نقطة شرطة اللا سلكى, وقاد الثانية ناجح ابراهيم وكلف بالاستيلاء على المدخل الغربى بما فيه قسم اول اسيوط , وقاد الثالثة كرم زهدى وكلف بالاستيلاء على المدخل الشرقى بما فيه معسكر الامن المركزى, ونقطة مرور شرق, وقاد الرابعة على الشريف نفسه وكلف بالاستيلاء على المدخل الجنوبى بمافيه مديرية امن اسيوط ونقطة مرور اسيوط. «ثورة إسلامية» تلك الخطة والتى كانت جاهزة للتنفيذ -وفقا لكلام الشريف- لولا حالة الاسترخاء التى اصابت فرع الصعيد, بسبب ظنهم إلغاء العملية , كانت تقضى باستخدام مكبرات الصوت فى جميع المساجد, لحث الجماهير على الثورة الاسلامية, وتعبئة الجماهير وتوزيع الاسلحة عليهما لإسقاط النظام بالكامل . عقب اغتيال السادات فى العرض العسكرى انتقل الشريف الى القاهرة, والتقى بكرم زهدي وناجح ابراهيم وناقشوا القتال مع النظام, فوافق زهدى ,ورفض ناجح مفضلا الانتشار بدلا من القتال, ويقول الشريف عن عصام دربالة انه فقد ذراعه فى عملية تفجيرية كان ينفذها, ولكنها اصابته هو وبتر ذراعه بسببها, وكان ذلك لحرصه على حياة الناس, والتردد فى اتمامها بعد شد الفتيل, خاصة وانها كانت فى عيد الاضحى.. بعد مناقشة الامر عاد الشريف الى اسيوط , وانطلقت مجموعته .. والكلام له .. الى مديرية الامن, واطلقت النيران علي الحرس, وقتلتهم جميعا, واقتحمت المديرية وقتلت المئات بداخلها فى دقائق معدودة, واستولت عليها بالكامل, وعلى قسم ثان اسيوط, وغنمت اسلحة وزعتها على باقى المجموعات, وبعد يومين من مقتل السادات اى فى 9 اكتوبر 1981 انطلقت مدافع النظام مخلفة وراءها الدمار والجثث, واصيب الشيخ عاصم عبد الماجد برصاصة اخترقت رقبته, واصيب على عبد المنعم بطلق نارى فى بطنه, ويقول على الشريف انه اصيب وحده بسبع طلقات نارية فى البطن والفخذ والركبة, وبعدها دخل هو والمصابون المستشفى, ورحلوا الى سجن اسيوط العمومى, ومنه الى سجن ليمان طرة عن طريق طائرة هليوكوبتر. بعد رحيل السادات ومجىء مبارك وبحسب تأكيدات الشيخ على الشريف فى مذكراته لم يدافع عن اعضاء الجماعات الاسلامية اثناء المحاكمات فى قضية الاغتيال سوى الشيخ صلاح ابو اسماعيل الذى دافع عنهم باستماتة . «كعكة السجن» فى السجن وبالتحديد من 1984 وحتى 1987 اى قبل هروب عصام القمرى ومجموعته -بحسب اعترافات الشريف- قام اعضاء الجماعة بتشكيل مجلس شورى للجماعة , وتشكل من كرم زهدى رئيسا, وناجح ابراهيم مسئولا عن العنابر, وظل الامر كذلك حتى طلب ناجح اعفاءه من المهمة, فتم تكليف عبود الزمر بها, وبعدها اعطى الزمر اذنيه لثلاثة اعضاء اقنعوه بانه الاحق بامارة الجماعة الاسلامية, لكونه ضابط مخابرات سابقاً بالجيش, وتمت الدعوة له بالجماعات المصرية مبررين ذلك بأن الشخ عمر عبد الرحمن ليس لديه خبرة عسكرية , وان الفترة تحتاج لخبرة عسكرية اكثر من الخبرة الشرعية, رافعين شعار ان «الولاية لا تجوز لضرير» وانتهى الامر بحل وسط مفاده الامارة للزمر والفتوى لعبد الرحمن, وذلك قبل انقلاب الاعضاء على الزمر وسحب المهمة منه وإعادتها لناجح ابراهيم مرة اخرى. الشريف اكد ان مجموعة توصف بأشرس المجموعات الجهادية فى الجماعة الاسلامية هى التى خططت لاغتيال اللواء زكى بدر وزير الداخلية الاسبق, واعادة المواجهة المسلحة مع نظام مبارك مرة اخرى, وكانت هذه المجموعة تضم سجناء خرجوا بعد سبع سنوات سجنا ابرزهم طلعت فؤاد قاسم, ومصطفى حمزة, وممدوح على يوسف, ومحى الدين عبد العليم , وكان دافعها فى ذلك سخطها الشديد مما يحدث لاعضاء الجماعة داخل السجن, وتحميلها لزكى بدر مسئولية الانتهاكات فى السجون. «اغتيال بدر» جمال راشد اسم يتذكره الشريف جيدا فهو الذى كلف باغتيال «بدر» بعملية انتحارية عن طريق سيارة وكمية كبيرة من المتفجرات, ونفذها راشد ضد بدر بالفعل, ولكنها فشلت فى قتله, وهو بصحبة موكبه, وذلك بسبب عطل فنى أدى لانفجار الصاعق فقط, وقد حكم عليه بالاعدام شنقا ونفذ فيه الحكم, ولنفس الأسباب فكرت تلك المجموعة فى اغتيال اللواء محمد عبد الحليم موسى وزير الداخلية الأسبق ولكنها اخطأت التقدير, واغتالت الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الاسبق. عودة العنف المسلح فى التسعينيات سبقه حدوتة قصيرة لعبود الزمر, وهى انه ابدى تعاطفه مع الجماعة الاسلامية , بسبب ما تتعرض له من تعذيب , وطلب من كرم زهدى العودة اليها مرة اخرى, ووافق مجلس الشورى داخل السجن على ذلك بالاغلبية, ولكن عودته لم تلق قبولا وارتياحا من الاعضاء واصبحوا ينظرون اليه كما لو كان ضيف شرف بها. العنف عاد من جديد بين الجماعة الاسلامية والثوار وبحسب مذكرات الشريف بسبب مشكلة بين مسلم ومسيحى فى قرية صنبو بمركز ديروط باسيوط بدأت برفض المسيحى إعادة مبلغ من المال للمسلم, وتخللها وساطة من جمال زهيرى امير الجماعة هناك, واخل المسيحى بشروطها, وانتهت بمعركة قتل فيها مسلم واربعة مسيحيين, وتدخلت الشرطة, ودخلت معها الجماعة فى معارك ضارية قتل فيها المئات من الطرفين, واستمرت لمدة عامين . «سر العودة » شدة الوطأة على الجماعة من جانب قوات شرطة نظام مبارك فى الداخل, دفعت اعضائها فى افغانستان الى العودة الى مصر, لمساندة اخوانهم, وعادت مجموعات بالفعل ,ومعها تكليفات عسكرية, وصارت اسيوط كلها مسرحا لاعمال العنف, وسرعان ما امتدت المواجهات الى القاهرة, ونفذت الجماعة عملية انتحارية ضد حسن الالفى, ولكنها اصابته فقط اصابة طفيفة فى ذراعه هذا بحسب مذكرات الشريف. طلعت ياسين قيادى بالجماعة الاسلامية لايمكن للشريف كما قال لنا ان ينساه لأنه كان عسكريا محنكا ومقاتلا شرسا فقد قاد العمليات العسكرية لعدة سنوات, بنجاح, وبعد قتله على يد قوات الامن ضعفت قوة الجماعة ,وتراجعت قدرتها على المقاومة, ومن اشهر عملياته.. رفعت المحجوب, وفرج فودة, ومحاولة اغتيال مبارك فى اثيوبيا وقتل اللواء رءوف خيرت , والاستيلاء على اموال عدة بنوك وقتل 17 سائحا يونانيا فضلا عن حادث الاقصر الشهير الذى راح ضحيته 63 سائحا واقيل على خلفيته حسن الالفى. عن علاقة امن الدولة بالجماعة الاسلامية ,وغيرها من الجماعات الاسلامية, ووقائع التعذيب, قال الشريف إن التعذيب كان على اشده اثناء التحقيقات بعد اغتيال السادات, ولم ينقطع الصراخ بسببه ليل نهار, لعدة اسابيع متواصلة, مشيرا الى انه اعفى منه فترة من الوقت, لجهل الامن بشخصيته ولكنه تعرض له , وبقسوة بعد انكشاف امره. «وساطة الشعراوى » واثر فشل محاولة الصلح التى قام بها الشيخ متولى الشعراوى تحولت السجون الى مايشبه جهنم على السجناء لشهور طويلة, حيث الحبس الانفرادى, وقفل الزنانزين طوال ال24 ساعة, والاطعمة السيئة وحرق الكتب, والحبس فى غرف خرسانية 2 متر, وعدم صرف ملابس للسجناء , وحرمانهم من البطاطين فى برد الشتاء, وهكذا دواليك -بحسب قول الشريف- لمدة ثلاث سنوات, حتى اصبح السجناء يشبهون اهل الكهف, لأنهم لم يروا الشمس لثلاث سنوات كاملة فى عهد مبارك.