من غزة إلي أسيوط «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».. كلمات قالها الشاعر الفلسطينى محمود درويش.. فرد عليه شاعرنا القدير عبدالرحمن الأبنودى «خوفنى ليه الحجر.. وأنا ماشى ببارودة» وما بين أمل «درويش».. وأحلام «الأبنودى» لايزال الألم يعانق الأمل فى فلسطين كاملة.. وغزة بشكل خاص. الوطن.. لم يعد وطن الفقراء والمقهورين والمعدمين، بل صار وطن الإخوان ومن يدورون فى مدارهم، ويصدقون أكاذيبهم، ويسبحون بحمدهم.. فى غزة.. قوى البطش والاحتلال تقتل الأطفال والأبرياء والعزل، وسط صمت عالمى مخز، واهتمام مصري، رسمى وشعبي، فيما قدرت حكومة الإخوان ثمن الطفل المصرى ب 5 آلاف جنيه.. لتبقى النتيجة واحدة.. أرواح أطفالنا، فى مصر وغزة، تزهق بلا قيمة. 05 طفلاً، قتلوا فى أسيوط، فى غمضة عين، خرجوا صباحا إلى مدرستهم، واهمين أن لهم وطنا، يحافظ عليهم، ويحمى مستقبلهم، لكن الوطن كان غادرا، كان وحشا كاسرا، كان قاسيا، لا يعرف قلبه لينا ولا رحمة.. وفى غزة يترقب الأطفال القتل يوم يبصرون النور. أطفال أسيوط، مثلهم مثل أطفال غزة، يدفعون حياتهم ثمن صفقات مريبة، يولدون ليموتوا، فمن يحكمون غزة كمن يحكمون مصر، يدفعون شعبهم دفعا إلى الموت.. فيما يدافعون عن وجودهم فى سدة الحكم، لا يخجلون من أن يطحن الأطفال، ويتحولوا إلى أشلاء، ماداموا سوف يدخلون «جنة الخلد والنعيم الذى لا يبلي»، لماذا يقتل أطفالنا فى مصر وغزة بلا ثمن ؟ عن السيناريوهات القادمة لمحنة غزة، وعن الموت الذى يسقله القطارات ليقتلنا.. يدور هذا الملف.. خطة إسرائيل لتصدير أزمة غزة بالضرب والحصار السيناريو القادم..ضم القطاع لمصر أو تصفية حماس تصدير أزمة قطاع غزة إلى مصر بات من الأمور المُسلم بها داخل عقلية المخطط الإسرائيلي، ويتجدد ذلك الأمر مع كل ضربة توجهها إسرائيل للقطاع المحاصر لتجبر أكثر من مليون ونصف المليون «غزاوى» علي النزوح لسيناء، لتكون وطنا بديلا لهم. الباحث والخبير الإسرائيلي في كلية القيادة والأركان التابعة لوزارة الحرب الإسرائيلية «أيهود عيلام» كتب في دورية «إسرائيل ديفنس»، على وقع العدوان الصهيونى على القطاع:«السيناريوهات المتعلقة ب«الحرب المقبلة» بين الجانبين- المصري الإسرائيلي- لم تعد بعيدة، والأمر الجوهري فيها لا يتعلق فقط بقدرة القيادة المصرية الجديدة على إجراء فصل سياسي وميداني ما بين قضيتي رفع الحصار عن غزة، و"المقايضة" التي تثيرها بعض الأوساط حول إمكانية تغاضي الولاياتالمتحدة وإسرائيل واللجنة الرباعية عن التسهيلات المصرية لقطاع غزة، في مقابل تحصين اتفاقية كامب ديفيد، وإنما يتصل كذلك بالقدرة على التصدي لمساعي تل أبيب الهادفة إلى تحويل مسألة رفع الحصار عن غزة». فى الوقت نفسه فإن عملية تحضير المسرح الميداني لترجمة مخطط ربط قطاع غزة بمصر، بدأت بتعزيز القوات الإسرائيلية على الحدود، وإقرار جيش الحرب الصهيوني تجنيد ما لا يقل عن 22 فرقة احتياط عسكرية، وفق ما ذكرته صحيفة «معاريف»، التوصيات شملت أيضا «نشر شبكة إنذار من الصواريخ في المدينة، فضلاً عن نصب نظام القبة الحديدية ونظام دفاع صاروخي». وفى هذه الأثناء فإن وزير الدفاع الإسرائيلي دعا إلى قصف غزة حتى يهرب سكانها بشكل جماعي إلى شبه جزيرة سيناء في مصر. فيما قال إسرائيل كاتز- وزير النقل بإسرائيل، لموقع الحريديم:«إنه يجب على إسرائيل أن تتصرف في غزة مع سياسة واضحة للغاية، ويجب القضاء علي حماس، كما يجب علينا فصل غزة بطريقة مدنية- إلى سياسة الردع والانتقال، تماما كما في جنوب لبنان». تصور الوزير الإسرائيلي بتصدير قطاع غزة لمصر للتعامل معه.. قديم، حتي أن شيمون بيريز كان يطلق علي قطاع غزة.. "قطاع جهنم"، لأنه يسبب خطرا حقيقيا على الإسرائيليين، وبالتالي كان لدي إسرائيل بعد الثورة التفكير في كيفية تصدير قطاع غزة لمصر، وكانت إسرائيل تفكر فى أن تفتح غزة علي سيناء وليس مجرد فتح معبر فقط، حيث أدارت مصر غزة منذ سنوات بعيدة، ذلك ما أكده رئيس وحدة إسرائيل بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط الدكتور طارق فهمي. وبالنسبة للإخوان فغزة تمثل لهم قضية أمر واقع وتفكيرا عقائديا، ومن الممكن أن يكون الرئيس مرسي يتعامل مع غزة كمحافظة مصرية وفقاً لارتباطه العقائدي، والخطورة أن يتم نسف القضية الفلسطينية علي أرض الواقع بأن ينضم قطاع غزة لمصر والضفة الغربية للأردن. أما المجموعة الرباعية المجتمعة بالقاهرة- مصر، قطر، تركيا، حماس- فالغرض منها- بحسب فهمى- أن يتم إبرام اتفاق جديد محدد عما كان من قبل ويبني علي أسس جديدة، لضمان عدم إلقاء حماس أو المقاومة للصواريخ علي إسرائيل، خاصة أن تلك الصواريخ وصلت للعاصمة تل أبيب، وبالتالي فإسرائيل تريد الوصول لصيغة تفعيل لعدم إلقاء الصوريخ، خاصة أن هناك ضغوطا علي مصر من أوباما، لتقوم بعملية التهدئة لوقف إطلاق الصواريخ من جانب حماس لطمأنة الجانب الإسرائيلي. أما السيناريو المتوقع إذا لم يتم التوصل لتهدئة أن يتم ضرب حماس وفصائل المقاومة وتصفيتهم مع الجماعات الجهادية بغزة، وتقوم إسرائيل بالسيطرة علي قطاع غزة ومنحه للسلطة الفلسطينية لتسيطر عليها مقابل ألا يذهب الرئيس محمود أبو مازن للأمم المتحدة لإثارة القضية الفلسطينية هناك لتصبح دولة مراقب بالأمم المتحدة. والسيناريو الآخر أن يتم منح قطاع غزة وتصديره لمصر ليكون تحت إدارتها كما كان بالسابق.. هكذا أكد الدكتور طارق فهمى. وهناك خطة يقترحها مدير عام مجلس «يهودا والسامري» الاستيطاني نفتالي بينت وأوردتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» وتقضي بأن تقوم إسرائيل بضم مناطق «سي» التي تشكل 60% من أراضي الضفة الغربية إلى سيادتها بشكل أحادي الجانب، ويقترح إحداث قطيعة تامة مع غزة، كي لا تصدر مشاكلها الى الضفة، وضم غزة بشكل تدريجي لمصر، وهذه الخطة وجدت ترحيباً لدي السياسيين الإسرائيليين. «سيناريو توطين اللاجئين الفلسطينين من رفح للعريش سيناريو قديم، حيث ترفض إسرائيل سيناريوهات تعمير سيناء التي تعد مرتعا خصبا بموجب اتفاقية كامب ديفيد لكل العناصر الأجنبية التي تعبث بالأمن القومي المصري، وكل مخابرات الدول المهتمة بالمنطقة لها ضلع في سيناء الآن، خاصة مع الفراغ الأمني المصري هناك، وعملية توطين اللاجئين الفلسطينيينبسيناء تؤجله إسرائيل قليلاً، إلي أن تقوم إسرائيل ببناء الجدار العازل علي الحدود المصرية الفلسطينية الإسرائيلية، حيث تريد إسرائيل بناء الجدار وتصدير المشكلة من غزة لمصر لتتخلي تماماً عن غزة، ثم بعد ذلك تتخلي عن الضفة الغربية للأردن» ذلك ما أكده أستاذ السياسة والخبير الإستراتيجي الدكتور محمود عبدالظاهر الذي شدد علي أهمية تكاتف القوي السياسية لحماية الحدود المصرية المخترقة، فهناك خطر جم علي الحدود المصرية، خاصة في سيناء التي يتبلور بها مواقف حادة تزيد الفراغ الأمني المستمر في سيناء، ولابد أن يكون هناك اعتبارات أمنية عسكرية معينة حتي لا تتورط القوات المسلحة في حرب عصابات، ولابد أن نضع علي بدو سيناء مواقف محددة لأنهم مرتبطون بمواقف أخري كثيرة منها مواقف مع إسرائيل نفسها، فهناك 12 ألفاً من بدو النقب هُجِّروا إلي مصر منذ 1954، وكل سيناء الشمالية والجنوبية 350 ألفاً، وبالتالي فمعظم بدو سيناء مرتبطين ببدو النقب، وأهل قبيلة ترابين مثلاً منقسمون بين النقب وبين سيناء، وبالتالي عندما يقام الجدار ويمنع التعامل فسوف يكون هناك موقف آخر، حيث تفكر إسرائيل تهجير أهل النقب إلي مصر في خطة جمع الشمل، ثم يحدث بعد ذلك ارتباطات مع أهل غزة. وحرب غزة الآن حرب تكسير عظام وفرض إرادات بتدمير البنية التحتية والقوة العسكرية بغزة لتصبح لها اليد الطولي في العملية البرية التي تعد لها، وتعيد إخضاع غزة بإغتيال القيادات القديمة سواء لحماس أو الجهاد وغيرها, وسيناريو تهجير وتصدير قطاع غزة لمصر مفهوم جداً، وهو سيناريو إسرائيلي أن تكون مصر مسئولة عن قطاع غزة وتكون لها المسئولية الإدارية والتامة عن القطاع، وتريد أن تقول للعالم إنها ليست منطقة احتلال وقد أخرجت قواتها من غزة، وغزة محاصرة، وليس هناك أي منافذ مفتوحة علي غزة سوي المعبر المصري في رفح وكرم أبوسالم والأنفاق التي يجب التعامل معها بحزم أكبر من مصر- ذلك ما قاله دكتور عبدالظاهر. وما حدث من اجتماع رباعي يأتي بالدرجة الأولي لوقف العدوان الإسرائيلي علي غزة، حيث إن تركيا لها علاقات مع إسرائيل، كما أن قطر تمتلك مكتبا تجاريا لإسرائيل بالدوحة بمثابة قنصلية إسرائيلية، ولقطر نوع من التأثير في هذا الأمر، ومصر أخذت موقفا سياسيا متقدما في الأزمة والتهدئة هي الأساس الآن سواء من الجانب العربي أو الإسرائيلي، وعلى الفلسطينيين العودة لممر قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك ما تتبناه الرباعية الدولية، ذلك ما دعا إليه دكتور عبدالظاهر.