[email protected] لم تتجاوز نسبة التصويت فى الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة ال50% ، إن لم تكن أقل، ممن لهم حق التصويت، بخلاف ما كان متوقعا، فقد كانت نسبة التصويت فى انتخابات مجلس الشعب حوالى 62%..بالطبع لا يمكن اعتبار النسبة الأكبرالمتبقية التى لم تذهب للتصويت أنها كلها كانت رافضة أو مقاطعة لذلك، لكن كان هناك بالتأكيد من منعته ظروفه القسرية، كالسفر والمرض وما إلى غير ذلك، وأعتقد أنها لم تكن نسبة قليلة كان من الممكن أن يكون لها تأثيرها على النتيجة. من المؤكد أن دفع جماعة الإخوان بمرشح لها فى انتخابات الرئاسة كان له أثره القوى على تفتيت الأصوات التى كان من الممكن أن تذهب للدكتور أبوالفتوح أو الدكتور سليم العوا، ومن ثم فوتت الفرصة على أى منهما فى حسم المعركة الانتخابية ربما من الجولة الأولى..ومن المؤكد أيضا أن عدم اتفاق أبوالفتوح وصباحى والعوا على مرشح واحد منهم قد أضاع فرصة ثمينة وتاريخية فى الفوز بمنصب الرئيس..ومن المؤكد كذلك أن هذين الموقفين لعبا الدور الأخطر فى ما حققه الفريق شفيق من الوصول إلى جولة الإعادة. لقد كانت إحدى مفاجآت الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة هى تقهقر عمرو موسى إلى المركز الخامس، وأبوالفتوح إلى المركز الرابع..وكانت المفاجأة الثانية هى احتلال صباحى للمركز الثالث، وشفيق للمركز الثانى بفارق ضئيل للغاية مع مرسى الذى جاء ترتيبه الأول..ومن ثم أصبحت جولة الإعادة بين مرسى وشفيق، بعد أن كانت متوقعة بين موسى وأبوالفتوح. واضح أن شفيق نال أصواته من حزب "الكنبة" وفلول الحزب الوطنى والأقباط، معتمدا فى ذلك على الهاجس الأمنى لدى هؤلاء، وتصدير فكرة أنه يمثل الرجل القوى القادر على استعادة الأمن والأمان والقضاء على الفوضى العارمة فى البلاد وتحقيق الاستقرار المنشود..وواضح أيضا أن صباحى حاز أصواته من خلال خطابه المباشر والصريح فى انحيازه للطبقة الفقيرة والمسحوقة التى تمثل الغالبية العظمى من شعب مصر، إضافة بطبيعة الحال إلى تاريخه كمناضل منذ أن كان شابا فى الجامعة. لاشك أن هذه النتيجة كانت صادمة للكثيرين، بل إنها ألقت بظلال من الإحباط على طيف واسع من المصريين، خاصة الشباب..هناك من يفكر فى الاصطفاف حول مرسى، على اعتبار أن الإخوان لم تتلوث أياديهم بدماء شهداء أو ضحايا، ولم يعرف عنهم أنهم كانوا جزءا من منظومة الفساد قبل الثورة، بل على العكس كانوا مضطهدين ومقهورين من قبل نظام المخلوع عبر عقود..هذا إضافة إلى دورهم فى ثورة ال 25 من يناير، خاصة أيام 28 و 29 يناير وحتى 2 فبراير 2011..وأظن أن دورهم الفذ يوم موقعة الجمل لا يستطيع أحد أن ينكره..صحيح أن الإخوان كانت لهم أخطاؤهم وسلبياتهم خلال الأربعة عشر شهرا الماضية، أى بعد تنحية المخلوع، وهو ما أفقدهم جزءا كبيرا من رصيد الثقة لدى الرأى العام، لكن هذه الأخطاء لايمكن مقارنتها بالجرائم التى ارتكبها نظام المخلوع والذى ينتمى إليه شفيق.. إن جزءا من الذين يريدون مساندة مرسى فى جولة الإعادة سوف يأتى بدافع الخوف من فوز شفيق، على اعتبار أن هذا الفوز يعنى إعادة لاستنساخ نظام المخلوع بكل ما فيه من مآس وأوجاع، وكأنه لم تكن هناك ثورة على الإطلاق، فضلا عن أنه إهدار لدماء الشهداء والجرحى والمصابين..على الجانب الآخر سوف يستميت شفيق فى الحصول على الكتلة التصويتية التى حازها موسى، بل سيسعى لاكتساب أصوات منافسيه الآخرين، فضلا عما يمكن أن يحصل عليه من حزب "الكنبه"، خاصة أولئك الذين لم تمكنهم ظروفهم من التصويت فى الجولة الأولى. فى اعتقادى أنه فى حالة عدم وجود موانع قانونية تحول بين شفيق والمنافسة مع مرسى من الضرورى أن يفهم الإخوان أنه لكى يفوز مرشحهم لابد من توجيه رسائل تطمين للشعب المصرى، يستعيدون بها ثقته فيهم التى أهدروها فى الفترة الماضية، ويجب أن تتضمن هذه الرسائل خطوات إجرائية واضحة من مثل: التعهد أمام الرأى العام بتعيين نائبين من غير الإخوان، الفصل الكامل بين حزب الحرية والعدالة والجماعة، أن تكون الحكومة القادمة حكومة وحدة وطنية يكون الإخوان جزءا منها وليس على رأسها، وأن تكون اللجنة التأسيسية التى تقوم بكتابة الدستور من خارج مجلسى الشعب والشورى وتعبيرا عن كل شرائح المجتمع المصرى..دون ذلك أتصور أن قطاعا كبيرا من الناخبين ربما يمتنع عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وهو ما قد يؤدى إلى فوز الفريق شفيق، وليتحمل الإخوان ومن يلف لفهم مغبة موقفهم.