طريق رملى تحيط به زراعات التين الشوكى وأشجار البرتقال التابعة للمزرعة هو الذى يربط المستشفى بسجن المستعمرة..عبارة عن مبنى منقسم إلى جزءين الأول هو سجن الرجال والآخر سجن النساء.. اقتربنا من باب الرجال المغلق ومددت يدى كى أطرق الباب فإذا بالباب مفتوحا وليس مغلقا.. نظرنا إلى الداخل والدهشة تملؤنا فلم نجد حرسا ولا أى أحد سوى مريضين جالسين على الأرض فى زنزانة مفتوحة هى الأخرى.. ألقينا السلام ودخلنا لنتعرف عليهما.. محمد وأحمد هذه هى الأسماء ولكن كل اسم منهما تختفى وراءه قصة وحكاية مليئة بالآلام والمعاناة. «أنا مظلوم».. بتلك الكلمة بدأ محمد عبدالشافى إبراهيم حديثه معنا مؤكدا أنه مسجون منذ 71 سنة فى قضية مخدرات لا يعرف شيئا عنها وباقى له ثلاث سنوات على الخروج مؤكدا أن ساقه بترت بعد اصابته بالجذام. مضيفاً: يوم الثورة أولادى أتوا ليأخذونى فرفضت الهروب والذهاب معهم وقلت لهم إنى رجل عاجز وباقى لى مدة بسيطة وأطلع.. رغم أن الحراس قالوا لى امشى عشان نقفل السجن وإن كل السجون هربت ولكنى رفضت أنا وزميلى ومن يومها ومفاتيح السجن معى. وبجوار أحد الأسرة فى الزنزانة يجلس شيخ كبير فاقد البصر.. حفر الزمان على ملامحه عذابا وحزنا رسم صورة للألم الذى يعيشه.. حاول مرارا مقاطعتنا أثناء الحديث مع محمد وهو يصرخ قائلا «عاوز أخرج.. حرام عليكم».. انتقلنا له لنعرف حكايته ولكن ليتنا ما سمعناها.. اسمه أحمد عبدالرحيم إبراهيم 76 سنة من الإسكندرية متزوج وله سبعة أبنآء وسجين ومصاب بالجذام. يقول : أنا لم أعرف معنى «ياما فى الحبس مظاليم» حتى أصبحت منهم.. أنا هنا منذ ثلاثة سنوات وأربع شهور فى قضية صدر ضدى فيها حكم بأربع سنوات ظلم.. فقد فوجئت بوجود 46 محضرا ضدى بدعوى قيامى بالبناء على أرض زراعية بدون ترخيص رغم أننى لا أعرف شيئا عما يتحدثون عنه ولم أبن عمارات ولا أملك عمارات ولا أى شىء ولكن منهم لله اللى ظلمونى.. فقد صدرت ضدى أحكام بالسجن 31سنة وغرامة 201 ألف جنيه ولكن الحمد لله حصلت على براءة فى 06 محضراً ولم يتبق سوى 4 محاضر صدر ضدى فيها حكم بالسجن 4سنوات و04 ألف جنيه غرامة.. والذى يحيرنى أن الجميع يعلم من هو المتهم الأصلى ولكنهم تركونى أكون الضحية.