أولاً لابد لنا أن نقف طويلاً لكى نتأمل هنا الوصف السياسى المبتدع «المرشحون المحتملون للرئاسة»! وقد سمح هذا الوصف الفضفاض, الذى يفتقر إلى أى أساس قانونى, أو دستورى, أن يعلن أى عابر سبيل, حتى ولو كان «إمعة» أنه مرشح محتمل للرئاسة! ومن ظواهر الإعلام المرضية أن تهرول القنوات التليفزيونية وراء هؤلاء «المحتملون» «لكى تجرى معهم حوارات تافهة, لا تلمس جوهر أفكارهم الأساسية، ولا تناقش برامجهم المحتملة»! ولواستعرضنا الطابور الطويل «للمحتملين» (اختصاراً للجملة الطويلة المملة!) لوجدناه يضم خليطاً غير متجانس من البشر! فى هذه المجموعة «المحتملة» شخصيات قومية , لها تاريخ مثل البرادعى (الذى انسحب من السباق) و«عمرو موسى» و«عبد المنعم أبو الفتوح» و«حمدين صباحى». وكل واحد منهم له سيرة ذاتية متميزة. وفى المجموعة أيضاً شخصيات سياسية مثل الدكتور «سليم العوا» واللواء «أحمد شفيق»، وشخصيات دينية سلفية مثل «حازم أبو إسماعيل». غير أن المجموعة تضم أيضاً مجموعة من «المحتملين» الذين مهما كانت الوظائف التى شغلوها من قبل عسكرية كانت أو مدنية، فأعضاؤها ليس لهم أى وزن سياسى. ونصل أخيراً إلى مرشحين محتملين ليسوا سوى «نكرات سياسية»! لأنه ليس لهم أى وزن، ولا يمثلون أى رصيد سياسى، وليست لهم أى جماهيرية! ويحار الإنسان فى فهم ما الذى دفعهم دفعاً إلى حماقة ترشيح أنفسهم «احتمالاً» لرئاسة الجمهورية، بالرغم من تأكدهم أنهم راسبون راسبون! هل هو السعى الرخيص إلى الشهرة الكاذبة؟ هل بعد السقوط المدوى والذى سيكون فضيحة لكل منهم ولا شك، سيسعد إذا كتب كل منهم على بطاقته «مرشح سابق فاشل للرئاسة»؟ عجيبة تصرفات البشر! غير أنه أعجب منها التصريحات التى أدلى بها عدد من المرشحين المحتملين للرئاسة من الشخصيات المحترمة، والتى ما كان ينبغى عليها أن تقع فى فخ التصريحات العنترية التى أطلقوها! سُئل «البرادعى» يوماً- حين كان مازال فى السباق- ما هو أول قرار ستتخذه حين تصبح رئيساً للجمهورية؟ تأمل معى سذاجة الرد حين قال الرجل :«سأعقد أول مؤتمر صحفى فى «اسطبل عنتر» لكى أشعر سكان العشوائيات أننى أحس بهم»! وذلك بدلاً من أن يتفضل سيادته ويذكر لنا ما هى الحلول العبقرية التى سيحل بها هذه المشكلة الجسيمة! ومن العجيب أن يصدر «عمرو موسى» صاحب التجربة الطويلة كرجل دولة تصريحاً لأهل سيناء يقول فيه: «سأعفو عن كل السجناء من سيناء لو أصبحت رئيساً للجمهورية»! وفى تصريح أحدث قال: «لن أعفو عن مبارك لو صدر عليه حكم»! يتحدث الرجل وكأنه سيكون «الحاكم المطلق «الذى لا راد لقراره! مع أنه بعد ثورة 25 يناير لن يقبل الشعب بأى رئيس للجمهورية ينفرد باتخاذ القرار, بدون استشارة مجلس الشعب , والوزارة بالإضافة إلى المؤسسات القضائية، مضى هذا الزمن الكئيب الذى تشخصنت فيه السلطة، حيث كان شعار أى رئيس جمهورية «أنا الدولة والدولة أنا»! أما الدكتور «سليم العوا» -وبرغم فصاحته الظاهرة- فقد وقع أيضاً فى الفخ «الأنوى» حين قرر «إن لم أطبق الشريعة فسيحاسبنى الله يوم القيامة». وهكذا انتقلنا بكل بساطة من حساب الشعب إلى حساب الله سبحانه وتعالى! ومن خوله أن يطبق الشريعة أولا يطبقها؟ أليس هناك رأى عام؟ أليست هناك مجالس نيابية؟ ثم ماذا يعنى تطبيق الشريعة؟ وما رأيه لو قلنا له إن الشريعة فعلاً مطبقة بحكم المادة الثانية الشهيرة من الدستور، والتى تنص على أن «مبادئ» الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع. وسنضرب صفحاً عن عديد من «النكرات السياسية» التى رشحت نفسها «احتمالاً» لرئاسة الجمهورية، لنصل إلى آخر مرشح محتمل وهو الدكتور النشائى، عالم الطبيعة المعروف دولياً بأبحاثه المتميزة، والذى لديه عقدة مستحكمة لأنه لم يحصل على جائزة نوبل! أعلن الرجل ترشيح نفسه، غير أنه زيادة فى الجرعة الكوميدية لمسرحية المرشحين المحتملين أعلن – لا فض فوه- أنه إذا نجح وأصبح رئيساً للجمهورية فإنه سيقوم بتوظيف «عمرو موسى» للخارجية، و«سليم العوا» لشئون الشريعة الإسلامية! هؤلاء «المحتملون» لن تصمد الغالبية العظمى منهم أمام شرط الثلاثين ألف صوت من 15 محافظة، أو ترشيح ثلاثين نائباً من مجلسى الشعب والشورى، ومع ذلك هم ماضون فى إمتاعنا بتصريحاتهم الهزلية!