لم يمارس الدكتور محمد حبيب النائب الأول السابق للمرشد العام لجماعة الإخوان هواية «التشفي» في الوضع الذي وصلت إليه الجماعة التي تركها بلا رجعة – كما أكد- ،لكن حديثه خلال استضافته في صالون «فيتو» بقدر ما حمل كما من الشجن, والحزن , علي الحال الذي وصلت إليه جماعة, عاش فيها أكثر من 35 عاما, منها 28 عاما عضوا في مكتب إرشادها ، بقدر ما كان واقعيا في تفسير وتشريح أمراض الجماعة, وقراراتها ,التي ساهمت بقدر كبير في تراجع أسهمها الشعبية علي مستوي الشارع.. تحدث الرجل عن الحلم الإخواني, أو ما يطلق عليه « أستاذية العالم» مؤكدا أن تحقيق هذا الحلم لن يكون الآن أو حتى في المستقبل القريب، كما كشف عدة حقائق من شانها أن تثير ضده صيحات الغضب ,والاستهجان التي –بلا شك- ستعلو- بعد تأكيده أن فكرة حزب الحرية والعدالة لا يد لأحد من القيادات الحالية فيها سواء من قريب أو بعيد. أزمات الخروج أمر آخر أزاح «حبيب» النقاب عن أسراره وتفاصيل السيناريوهات التي تمت سواء معه أو مع الدكتور «عبد المنعم أبو الفتوح» الذي وصفه النائب الأول السابق بأنه يساوي «ألف شخص». نظام مبارك قام بتسليم ملف جماعة الإخوان المسلمين, ومعه ملف القوي السياسية بشكل عام لجهاز مباحث أمن الدولة ,الذي كان يبني سياسته «الطريق الواحد» بمعني أنه لا يوجد نقاش ، وهذا بدوره أدي إلي أن الجماعة ظلت مضغوطة, ولديها حرص كبير علي التنظيم بقدر الإمكان ، لا يمكن أن يقوم أحد بتصريح غير مضبوط ,ويكون له أثر علي الجماعة، وكل فترة توجه مباحث امن الدولة ضرباتها القمعية للإخوان ، فكثير من أعضاء مجلس الشورى وبعض أعضاء مكتب الإرشاد في السجون والمعتقلات، وأصبح كل شيء مرحلا ،وثقافة السمع والطاعة هي الغالبة نتيجة تحول جسم الجماعة إلي شيء مصمت، وهذا كان مستهدفا من النظام السابق حيث لا حيوية، لا تفكير، لا حراك, لا حرية, لا خلق, لا إبداع, وحيث أننا نثق في قياداتنا , فقد انتهي الأمر ,فالقيادات مخلصة وواعية توفر لها ما لم يتوفر لغيرها من الخلق والعلم والإخلاص والتضحية وهي تري ما لا نستطيع أن نراه فالجسم سلم أمره ومقاليده ومقاديره لقيادته, وهذا أمر استهدفته السلطة والأجهزة الأمنية, وهذا وجد هوي لدي بعض القيادات الموجودة والسلطة أمامها جسم بلا حراك فيها, وأمامها قيادة تتعامل معها فإذا قامت بخنق هذه القيادة, فقد قامت خنقت القيادة ككل, وهذا أحد أهم الأسباب التي اختلفت فيها مع إخواني, بأنه لابد من إحداث حيوية وحراك داخل الجماعة حتى تكون هناك أفكار عبقرية وأطروحات فذة لا تفيد الجماعة فحسب وإنما تفيد الوطن والأمة بشكل عام ، هكذا وضعت الجماعة بشكل عام في ظل النظام السابق، أما وحدثت الثورة ونال الشعب المصري حريته ونالت الجماعة حريتها إذن يجب أن تكون نظرتها مختلفة.. تصورنا أكثر انفتاحا ونظرتنا أكثر انفتاحا ، فالاجتماع الذي كان يرتب في السر أصبح في العلن، والاجتماع الذي كان يستغرق الإعداد له أسبوعا يتم في عدة سويعات. وعندما نتحدث عن المرحلة الثالثة فظروف القمعية كان لها وضع والحرية لها وضع, وأنت الآن الأغلبية في مجلس الشعب, وقريبا من الممكن أن نكون صاحب سلطة 'أو جزء من السلطة وهو ما سيفرض عليك أطروحات وأوضاع وتصورات معينة مختلفة تمام الاختلاف عن المرحلتين السابقتين ' فيجب أن تتسع الصدور فأنت كنت معارضة لنظام قمعي' أصبحت اليوم تمثل غالبية وسلطة ' وهناك معارضة لا يجب أن تعاني من قمعك ، هذا بالإضافة إلي أن سقف تطلعات الشعب المصري صار كبيرا جدا بعد ثورة ألهبت مشاعر الشعوب علي مستوي العالم كله، ولن أقبل منك القليل والمحدود والمتواضع وإذا كان أداؤك هكذا فلن يعجبني، وأنت هنا ستصبح بين المطرقة والسندان كما يقولون. سقوط « دولة الأب» في الأمثلة القديمة يقولون «إن كبر ابنك خاويه، وأنا عمري 69 عاما, وأصبحت في حاجة ماسة للجلوس مع أولادي لأخذ أرائهم, واستطلاع تصوراتهم, وأطروحاتهم, وعلاجهم لمشكلاتهم وأزماتهم, وأنا أستفيد من وراء ذلك كثيرا, وأجد لديهم ما ينقصني ، فهم يعيشون في تواصل مع العالم بكل ما فيه من فلسفات وسياسة وآمال, ونحن لم نعش هذا الجو وتلك الظروف ،وواجب إذن علي قيادات الجماعة أن تعيد النظر فيما يتعلق بثقافة السمع والطاعة وأن تعيد النظر فيما يتعلق بثقافة الثقة في القيادة ,وأن تكون هناك مفاهيم أخري جديدة مطروحة, بها طبعا الرحمة بالصغير واحترام الكبير ، لكن نحن ظللنا فترة طويلة من الزمن لم تكن لدينا قدرة علي تحديد المشترك, وتحديد ما هو ثابت, وما هو متغير، ليس لدينا قدرة علي تحديد المختلف عليه, وبالتالي تحديد آلية لمعالجة أي مشكلة نحن مختلفون عليها، أحد الأفراد الذين يترددون علينا قال لي: يا دكتور أنتم تجيدون التحاور مع الآخرين, لكن الحوار بينكم وبين بعضكم كأنه حديد يتحرك فوق بعضه فلما هذا؟! أعود فأقول إن الجماعة في حاجة ماسة إلي أن تتسع صدورها وتصبح أكثر انفتاحا علي سين أو صاد وعلي الأفكار والطموحات والرؤى وهو ما سيعود بالفائدة علي الجماعة ومصر وفائدة كبيرة جدا علي العالم العربي والإسلامي. الخلط بين الجماعة والحزب حضرت حديثا جري بين الإمام الهضيبي والأستاذ مصطفي مشهور كنت موجودا معهم، الأستاذ المأمون كان مع أن تتحول الجماعة لحزب حتى لا تكون هناك ازدواجية في القيادة ما بين الجماعة والحزب, وبالمناسبة الصاحب الحقيقي لفكرة الحزب هو الأستاذ عمر التلمساني , وليس أحدا ثانيا فرد عليه الأستاذ مصطفي وقال له « معقول هل أنشطة الجماعة وممارساتها يضمها حزب.. مستحيل» فرد عليه الأستاذ المأمون» إن لم يكن الحزب علي هذا المستوي فليس هناك داعي»، وظل هذا الأمر موقوفا حتى آخر اجتماع لمجلس شوري الجماعة في يناير 1995 وعلي إثره قبض علي 83 من كبار أعضاء الجماعة ,وتمت محاكمتهم عسكريا، لكن أول اجتماع بعد يناير 95 كان 10 فبراير 2011 قبل تنحي مبارك بيوم، بمعني أنه طوال 16 عاما, لم يكن هناك مجلس شوري جماعة، نحن كنا حريصين علي أن يكون هناك حزب منذ منتصف الثمانينيات, وأخذنا هذا القرار في مجلس شوري الجماعة عام 89 وتعزز هذا القرار للمرة الثانية في يناير 95، ولكن نحن فوضنا مكتب الإرشاد في تحديد متى وكيف ، بمعني متى يعلن عن إنشاء الحزب ،الأمر الثاني كيف، هل يكون قسما من أقسام الجماعة أم يكون هو الوعاء الذي تصب فيه كل أنشطة الجماعة وتوقف الأمر عند هذا ، وبعد خروجي من السجن في أغسطس 2000 وجدت أعضاء الإرشاد أيامها يتناقشون في مسألة الحزب متى وكيف؟! ،وقلت لهم : بدلا من أن نتكلم عن كيف، لا الأهم نهيئ المجتمع والجماعة بأفرادها ومستوياتها لقبول فكرة إنشاء الحزب لأن التنظيم نفسه كان يرفضه ، وقلت لهم لا بد من وضع استراتيجية لمدة 5 سنوات كيف نهيئ أنفسنا والمجتمع لقبول الحزب فقالوا خذ أنت هذه المهمة، ومن جانبي وافقت حتى دعيت لاجتماع في إحدى الشعب بقري من قري أسيوط و تم مداهمة المكان وتم إلقاء القبض علينا وتقديمنا لنيابة أمن الدولة العليا، أعود فأقول إن مسألة التفكير في الحزب كانت أحد أهم الأسباب الرئيسية وراء أزمة العلاقة بين السلطة والإخوان وبالتالي مسألة الحزب كما يقال « دونها خرط القتاد» بمعني أننا سنسمح لكم بكذا لكن مسألة الحزب خط أحمر, لا ينبغي الاقتراب منه فضلا عن المساس به، إذن فكرة الحزب لم تكن تبلورت ولم تأخذ وقتها في الدراسة ، في ظل أجواء الحرية ، كنت حريصا وأرسلت لهم رسائل كثيرة وتحدثت مع الدكتور بديع أنه لا ينبغي أن يولد الحزب بشكل مشوه ,وألا تكون هناك حبال»سرية» ظاهرة أو خفية بين الجماعة والحزب لابد أن ينشأ الحزب مستقلا في رؤيته وممارسته لشئونه وقراره لأن الرأي العام يرصد ويحاسب ويراقب وهو لا يريد أن يكون بين الجماعة والحزب لكن للأسف نشأ الحزب بشكل ما وفرضت عليه قيادة قالوا إنها مرحلة انتقالية رغم أن أكثر من 95 % من أعضائه إخوان إذن حتى لو جلسوا واختارا من بينهم سيختارون من الإخوان القيادات التي يرضون عنها فلماذا يفرض عليهم من قبل مجلس الشورى سين وصاد وعين؟ هذا ما كنت أرفضه, وأخالفه ,ولا أرجوه, ولا أتمناه ، بعد هذا فوجئنا بأن نقول ما رأي حزب الحرية والعدالة في كذا وكذا...،يقولون فضيلة المرشد قال كذا وكذا..مالكم أنتم هم يريدون رأي الحزب وليس الجماعة ، لكن قيادات الحزب تدرك جيدا أنها لو دخلت انتخابات تحتاج لدعم وتأييد وحشد من الجماعة، فالذي دخل الانتخابات في حقيقة الأمر لم يكن حزب «الحرية والعدالة» ولكن جماعة الإخوان المسلمين بتاريخها ,ونضالها, وتضحياتها ,وكان موقف الشعب المصري تجاه الإخوان من باب رد الجميل للجماعة. اختيار المرشد سجلت كل ما دار من مواقف وممارسات سواء علي المستوي المركزي أو اللامركزي في الجماعة في كتاب سيصدر قريبا جدا حتى لا أترك فرصة لمن يريد العبث بالتاريخ، فلابد أن نضع في حيثياتنا أن الصف الإخواني غير مهيأ الآن لطرح مثل هذه الأمور أو الإجابة عليها بالتفصيل لأنه مازالت ثقافة الإحساس بالاضطهاد و لقهر موجودة ونسوا أن الحال تغير وما كنت تشكو منه بالأمس القريب أو البعيد زال وأنت الآن قريب من السلطة ، لذلك خلال الأيام المقبلة سأدلي بدلو في بعض القضايا التي أعتبرها من أخطر القضايا في تاريخ الجماعة خلال هذه الحقبة، وآمل من الإخوان أن يصححوا مواقفهم وأن يستفيدوا من تجاربهم وبالتأكيد هذا سيعود بالخير عليهم من ناحية وعلي الوطن من ناحية ثانية لأن العاقل من اتعظ بغيره وأعقل منه من اتعظ بنفسه ، ولا أريد أن يقال –كما ردد البعض- أن الدكتور محمد حبيب يبحث عن «القطط الفطسانة» في تاريخ الجماعة ، القضية ليست هكذا ولكن الرسول «صلي الله عليه وسلم» أطلق علي النصيحة «دين» وبما أن هذه الأخطاء والسلوكيات تتم في العلن والخطوط تكاد تكون مقطوعة بيني وبين إخواني والرأي العام يعرف أكثر مما تتصور قيادة الجماعة تفاصيل مذهلة يعرفها رجل الشارع وأواجه أناس يعرفون أشياء لم أكن أتصور أنها موجودة عندهم ، ولهذا أقول للإخوان لا داعي للحساسية المفرطة والإحساس بأنه يكون هناك حرج واجهوا الموقف بشجاعة وحاولوا بقدر الإمكان أن تكون هناك مراجعة ونقد للذات وهذا سيكون بداية الطريق الصحيح للنهوض بالجماعة أولا وبالوطن ثانيا. اختراق الجماعة مسألة اختراق الإخوان ترجع إلي أنه كان هناك جهاز متغلغل في كل أجزاء وأحشاء الوطن ككل، فالجلسات كانت مرصودة بالصوت والصورة وكنا في مناقشاتنا نقول ما يريد أن يسمعه وما لا نريد أن يسمعه كنا نقوله في الصحراء أو نكتب رأينا. فوجئت بعد اقتحام مقار أمن الدولة بمن يتصل بي بأنه هناك ملف خاص بالايميلات التي كنت أرسلها وأستقبلها فقط ، وهو لم يكن في حاجة أن يجند أحد داخل الجماعة فكل شيء كان علي قارعة الطريق، الأزمة أنني لم أكن أدرك ذلك وأجهزة الأمن كانت حريصة علي إعطاء إحساس لقيادات الجماعة أنها لا تعرف شيء ، لدرجة أنه تم استدعاء أحد قيادات الإخوان ليقولون له أنهم لا يستطيعون تحمل المزيد من الجماعة ، وطالبوه بان ينصح الجماعة بالتوقف، إذن الجماعة كانت ككتاب مفتوح للأجهزة الأمنية، وكان يتم استدعاء عدد من الأفراد وتحت وطأة التعذيب كان يقول الشخص ما يريدون، وبناء علي ما لديه من معلومات كان يرسم خطة عمله مع الجماعة، فقد اكتشفنا أن احد الشباب الذين كانوا يعملون في مكتب الإرشاد كان علي اتصال بأحد ضباط أمن الدولة وإحدى الصحف ويقوم بتسريب كل ما يجري داخل المقر لأننا لم نكن نهمس والثقة كانت أساس التعامل بيننا، ومسألة تجنيد موظف أو عامل واردة ولا يمكن إنكارها، إذن كان هناك نوع من الاختراق ليس من قبيل التجنيد ولكنه كان اختراق بالتقنية، وللأسف الشديد كانت هناك معلومات تم حجبها عن نائب المرشد الأول وكان جهاز أمن الدولة علي علم بها. اغتيال عبد المنعم أبو الفتوح الدكتور عبد المنعم يتمتع بشهامة ورجولة ومقاتل، وليس من النوعية التي تنسحب من الميدان»بيقلب الترابيزة علي الكل» وبالتالي هو شخصية ليس من السهل التعامل معها، رغم أنه علي الجانب الأخر رجل رقيق ولديه قدر من الشجاعة علي المواجهة، ثانيا هناك تفاوت في الرؤى والتوجهات ، فمثلا الدكتور عبد المنعم كان يشعر أنه يجب علي الجماعة ألا تنكفئ علي نفسها ويجب أن تكون أكثر انفتاحا، وهناك ممن يري عكس ذلك، هو كان يري أن جسم الجماعة يجب أن يظهر إلي العلن، وإذا كان سيكون هناك اعتقال لأعداد فلن يستطيعوا اعتقال كل الأعضاء ، وهذا لم يلق هوي ولم يلق صدي عند البعض وبالتالي الاختلاف كان في طريقة التصور والتفكير ، الدكتور عبد المنعم منفتح علي كل القوي وهناك من لا يريد ويعتقد أن التفاعل مع تلك القوي مضيعة للوقت، رغم أن الحقيقة والواقع كانت مع التوجه الأخر لأنه عندما يضيق عليك خناق تقول أين القوي السياسية والوطنية وعندما تفتح الدنيا ذراعيها ننسي القوي السياسية. وأذكر هنا كيف ان الأستاذ الإمام «البنا» سافر لفلاح بسيط في قرية من القري اختلف مع رئيس الشعبة وأخذ جانبا، وطيب خاطره وعاد الرجل إلي الجماعة، فقالوا لي إنه الأستاذ «البنا» فقلت «وهذا عبد المنعم أبو الفتوح» وهو رجل «يتفك» بألف أو ألفين ..رجل كهذا، له إسهامه وعمله، لما التعامل معه بهذه القسوة والحدة غير المبررة، خاصة وأنكم تغيرون مواقفكم والسياسة تسمح بهذا وموقفكم من مسألة مرشح الرئاسة خير دليل علي هذا، وقد كتبت بعدها أن «أبو الفتوح» بالفعل يحقق ما تطلبه الجماعة، وقد التقيت أحد أعضاء الإخوان وقلت له كيف تفصلون شخصا مثل عبد المنعم أبو الفتوح فقال «معلش» وأشار إلي صدره. مدرستان داخل الجماعة للأسف...عزز فكرة التنظيم واستدعاه بقوة خروج الإخوان لميدان التحرير في 28 و29 يناير 2011 فضلا عن 2 فبراير والوضع البطولي الذي كان موجودا بجانب الانتخابات، ورغم الأصوات التي طالبت بإعادة النظر في موقف الجماعة..وأسأل هنا هل حقا كان الاهتمام بالتنظيم وأنه سيقوم بالتخديم علي الحكومة الائتلافية القادمة، وأعود للتأكيد علي أنه بالفعل توجد مدرستان موجودتان وإن كان الأمر حسم وقتها لصالح التنظيم. الحوار مع القوي الخارجية كان هناك حوار هيئ له الدكتور سعد الدين إبراهيم وكنت وقتها في السجن لكن لا أعلم تفاصيله ولا أعلم كيف تم، لكن بعد ذلك كان لدينا حرص شديد كجماعة إخوان ألا نبدو وأننا دولة داخل الدولة وبعد ذلك كنا حريصين علي دعم مؤسسات الدولة وإضعافها خاصة وأن هذه الإدارات الغربية تحاول الالتفاف علي هذه المؤسسات وابتزازها لذلك قلنا مسالة اللقاء مع الغرب بشكل عام تتبع قواعد بروتوكولية معينة ومن يريد الاتصال بقيادات جماعة الإخوان فليكن بإذن من وزارة الخارجية حتى نعطي لها قيمتها ومعناها وهيبتها وأن يكون ذلك في العلن ووفق أجندة واضحة ويخدم المصلحة العليا للوطن، وليس خافيا علي أحد أن الإدارة الأمريكية ليست جمعية خيرية أو مؤسسة إصلاحية ولا تعطي المال من أجل» سواد عيون المصريين « فهي لها مشروعها ومصالحها سواء علي مستوي مصر أو علي مستوي المنطقة . التلمساني و الإخوان وفكرة الحزب فيما يتعلق بمسألة الحزب أذكر جيدا أن الأستاذ» التلمساني»هو أول من فكر فيها وقد عرض علينا الأمر, وهو علي فراش المرض لأنه كان هاجسه القانونية والمشروعية للجماعة، لأن النمو في جو صحي بعيد عن التربص والتضييق والضربات الأمنية الانتقائية العنيفة والشرسة التي كانت توجه للعناصر المفصلية داخل الجماعة والتي كانت تستغل عدم المشروعية للجماعة، وكان الأستاذ عمر لديه حرص بشدة علي أن تخرج الجماعة إلي السطح ولا يستفاد بما يقال عن الجماعة أنها تنظيم سري يعمل تحت السطح،» التلمساني» دافع عن الجماعة باستماتة وأعاد لها صورتها المشرقة وكان الرجل «ملهما» واستعير بعض ألفاظ المرشدين» كان الرجل ربانيا « وقلنا له «حزب ماذا..؟ « قال « فلتجتمعوا في المقر» وتأخذوا قرارا، لكن الرجل كان دخل في غيبوبة فانشغلنا بمسألة المرشد الجديد، لكن في أول اجتماع بعد رحيله اجتمعت مجموعة من الأخيار كان منهم الدكتور سليم العوا والمستشار مأمون الهضيبي والدكتور أحمد الملط كان موجودا وكثير من المثقفين والقانونيين، وكان الاختلاف هل تتحول الجماعة إلي حزب أم يكون الحزب قسما من أقسام الجماعة،والأستاذ صلاح شادي قال» ما فهمته من التلمساني أن تكون الجماعة كلها حزب»، وأقصد أن أقول إن الموضوع كان أسبق بذلك بكثير. خروج أصحاب الفكر من الجماعة يجب أن نضع في اعتبارنا أن أي حزب أو تشكيل أو جماعة يمثل قيدا علي التفكير والإبداع والتحليق، وهذا هو الفرق بين التكتيك والاستراتيجية فالأخيرة تعطي الأولي إشارات للتحرك والاثنان لا يعملان منفصلان، ونحن لم نعتد أن نضع آلية للاختلاف، وهذا مرض نعاني منه جميعا ولا استثني نفسي من ذلك، وأحيانا نحن لا نضفي قداسة علي أنفسنا لكن من حولنا يفعلون ونحن لا نحاول تغيير هذا الأمر. الجماعة وتوفيق وضعها القانوني أنا في حيرة مثل الجميع وكنت أتمني خاصة في أجواء الحرية التي نعيشها الآن أن نبادر ونسارع في توفيق الوضع ونخضع لرقابة الجهاز المركزي والرأي العام، وإذا كنا من نطالب بدولة القانون وسيادة القانون فيجب أن نكون أول من يسعي لتوفيق وضعنا، وقد سمعت أنهم ينتظرون إلي أن يغيروا قانون الجمعيات الأهلية، لكنني أشعر -وهذا هو المهم -أن العمل الدعوي ومسألة التربية والارتفاع والارتقاء بمنظومة القيم الأخلاقية والإنسانية الرفيعة توارت وتراجعت وهذا أمر يجب الالتفات إليه لأنه إذا لم نسارع برفع المناعة والحيوية علي المستوي المجتمعي العام فمن سنحكم إذن ، لأنه كما كشفت الثورة عن أعظم ما في هذا الشعب ، كشفت أيضا عن تغيب العقل المصري وتغيب الضمائر وتخريب الذمم. «والموعد الله» عندما توفي الأستاذ المأمون دعينا علي عجل والرجل توفي فجأة،واجتمع 12 فردا وكان الأستاذ المأمون لم يدفن فقلنا نختار المرشد وقلت لهم فلنوسع القاعدة إلي ثلاثة أصوات ليكونوا 39 فردا الذين يختاروا . تم الاختيار بالتصويت السري والنتيجة كانت الأستاذ مهدي عاكف وخيرت الشاطر وأنا ، فقمنا بعمل إعادة فخرج «الشاطر» ثم أصبح الأستاذ مهدي مرشدا بفارق صوت ومن هنا جاءت فكرة النائب الأول والثاني. حدث خلاف شديد جدا جدا جدا بيني وبين إخواني كان أمامي ثلاثة طرق وقلت لهم إما انفجر في وجوهكم جميعا أو أسكت علي ما يحدث وإما أن أمضي في صمت وبعد ذلك «الموعد الله» نتحاسب. «تجريف الإخوان من الأفكار المستقبلية» التجريف الذي حدث علي الساحة كلها كانت الجماعة جزء منه , ولم يكن الإخوان متفرغين بالقدر الذي يجعلهم قادرين علي استيعاب التجربة وإيجاد نوع من الاستشراف المستقبلي ، هذا بجانب أن الثورة التي حدثت لم يتوقعها أحد، فالآراء اختلفت بعد اندلاع الثورة في تونس ما بين من يقول إن الثورة ستنتقل لمصر وآخرون قالوا « مصر لن تكون تونس»، لكن الشعب أحدث هذه الثورة التي أذهلت الجميع بما فيهم هو، وهذا يفسر حالة الارتباك التي يعيشها الجميع. وأقول إنه لا يصح أن تقوم جماعة بهذا الحجم أن تأخذ كل الملفات وتضعها بين أيدي شخص واحد ..لا يصح، وفي الحقيقة أحسب أنه سيكون «قبض لريح» وسنكون كمن يلوك الماء ويمضغ الهواء، وهذا ما هو موجود الآن.