قسمة ونصيب

لحظات كئيبة صعبة تعيشها اليوم أسرة بأكملها -سبحان مغير الأحوال.. بالأمس القريب كانت الفرحة تدب في نفوس الجميع، أقيمت الاحتفالات فرحا بخطبة الابنة الغالية، هاهم اتفقوا على كل شيء ( المهر، الشبكة، الفرح، حتى قائمة المنقولات) وأصبح الزواج وشيكا، لكن حدث ما ليس منه بد وتم فسخ الخطبة؛ سن الله فترة الخطوبة من أجل التعارف، وقد يصل الطرفان من خلال هذا التعارف إلى أنهما يقفان على طرفي نقيض بحيث يستحيل أن يتم الزواج بينهما، وهنا يكون الفسخ هو الحل، ويجب أن يفهم الخطيبان وأسرتاهما أن الخطبة ما هي إلا مقدمة لعقد، وليس بالضرورة أن يترتب على مقدمة العقد إبرامه.
فالخطبة وعد بالزواج، والعدول عن إنجازه حق من الحقوق التي يملكها كل من المتواعدين.. في كثير من الحالات أرى أسرا وعائلات تعتبر فسخ الخطبة كارثة كبرى، فتأخذ في نعي حظها وحظ ابنتها التي قد يهجرها الخُطّاب، والعدول عن الخطبة في أغلب الأحوال يترك آثارا نفسية سلبية في نفس الفتاة، والجزء الأكبر من معاناة الفتاة التي تفسخ خطبتها يأتي من خوفها من ألسنة الناس وقسوة المجتمع.
لكن تجاوز آثار هذه التجربة يتوقف عليها هي في المقام الأول، ويجب ألا تعتبر ما حدث مصيبة أو كارثة وتطرد أي إحساس سلبي يراودها حول ثقتها بنفسها، وتنظر، ومن ناحية أخرى يأتي دور الأسرة والأم على وجه الخصوص، إذ يجب على الأسرة أن تقوم ببث الثقة في نفس ابنتها، وإحاطتها بالمشاعر الإيجابية، والحرص على عدم لومها، ومن الأمور الحسنة شغل وقتها بأشياء تجذب انتباهها، بالإضافة إلى إحاطتها بالدفء الأسري.
على الجميع أن يستقبل الموضوع برضا وتقبل، ولتطلق الأسرة لخيالها العنان، وتتصور أن الزواج قد تم، وأصبحت حياتهما الزوجية جحيمًا لا يطاق بحيث لم تجد له مخرجًا إلا بالطلاق بعد إنجاب الأبناء، عندئذ تتمنى لو كانت قد فسخت الخطبة وتدرك أن ذلك أخف وطأة من الطلاق.
ولأن الأمر أصبح شائعا -وطرحنا أسبابه سابقا- ولتجنب تلك التبعات، أرى التمهل والتأكد من الارتياح وحسن الاختيار قبل إتمام الخطبة، وألا يتم الزواج إلا بعد الاطمئنان التام والتوافق بينهما، ولا تنسوا أن خطوبة ناجحة وضعت خلالها كل قواعد الحياة الزوجية تعني زواجا سعيدا.