ساعة ونصف الساعة.. هي زمن الرحلة التى قطعتها بنا السيارة من من القاهرة الى قرية «شنتا الحجر» التابعة لمركز بركة السبع فى محافظة المنوفية.. ما ان وصلنا الى القرية حتى لاحظنا علامات الحزن على كل الوجوه .. سألنا على منزل الحاج «سعيد» والد الشاب الضحية.. اصطحبنا احد ابناء القرية الى منزل كبير يشبه الفيلا من الخارج وتجرى فيه اعمال تجديد وبناء من الداخل .. استقبلنا الأب المفجوع فى وحيده، وهو يغالب دموعه.. قدمنا له واجب العزاء وطلبنا منه ان يشرح ما حدث بالتفصيل .. كفكف دموعه وقال: « ابنى سعد كان مثالا للشاب الملتزم.. ولم أتخيل أبدا ان تكون نهايته بهذه الطريقة البشعة على يد ضابط شرطة ورجاله من المخبرين والعساكر.. لم اتخيل ان اشاهد وجهه وقد غطته الدماء من شدة الضرب والتعذيب.. يوم الحادث وقعت مشاجرة عنيفة بين بعض جيراننا فى منطقة المنيب بالجيزة، فنحن نقيم هناك منذ زمن طويل.. لم تحضر الشرطة إلا بعد ان انتهت المشاجرة، وبدأت فى مطاردة بعض اطرافها فوق السطوح، وأطلقت النار فى محاولة لإرهابهم .. خرجت من شقتى وسألت الضابط هشام عبد الجواد -معاون مباحث الجيزة- عما يحدث.. تجاهلنى ولم يرد علىّ، ثم دخل معى فى مشادة كلامية بلا داع ثم صفعنى على وجهى .. لم يحتمل ابنى سعد الإهانة التى تعرضت لها وتشاجر مع الضابط.. ترك أفراد الشرطة مطاردة أطراف المشاجرة وتجمعوا على نجلى، وراحوا يضربونه ويركلونه بأقدامهم، بمشاركة الضابط ثم سحلوه على السلم من الطابق الثالث وخرجوا به امام أهالى المنطقة، ووضعوه فى البوكس وانطلقوا به الى قسم الشرطة، وهناك رفضوا أن ندخل إليه أو نطمئن عليه.. فى اليوم التالى شاهدناه فى النيابة، وقد ظهرت على وجهه علامات الضرب المبرح، ونزيف من الانف والفم والأذنين.. وبصعوبة بالغة تحدث مؤكدا تعرضه للضرب والتعذيب على ايدى ضابط المباحث هشام عبد الجواد وأفراد الشرطة، وهنا أمر وكيل النيابة بإعادته الى قسم الشرطة والزام المسئولين هناك باستدعاء طبيب وتوقيع الكشف عليه واعداد تقرير بما فيه من إصابات وأسبابها». صمت الاب قليلا واستطرد: « فى اليوم التالى ذهبت الى القسم للاطمئنان على سعد، وامامه شاهدت تجمع عدد كبير من الاشخاص وحضور اللواء كمال الدالى - مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة- سألت عما يحدث وعلمت ان احد المساجين توفى داخل القسم.. شعرت بأنه ابنى وأسرعت بالدخول الى المأمور وطلبت منه رؤية سعد فورا.. حاول تهدئتى ثم قال لى :«البقاء لله».. اسودت الدنيا فى وجهى، وكدت أفقد الوعى، وتعالت صرخاتى وخرجت الى طرقات القسم لأجد ابنى الوحيد ممددا على نقالة، والدماء تغطى وجهه ورأسه.. ألقيت بنفسى عليه وحاولت إفاقته.. ناديت عليه ولم يجبنى.. احتضننى المأمور وابعدنى عنه مؤكداان التحقيقات ستأخذ مجراها وان المتسبب فى وفاته سينال جزاءه العادل»..عاد الأب الى صمته مرة أخرى ثم قال: « دم ابنى فى رقبة رئيس الجمهورية ووزير الداخلية.. هما المسئولان عن الجريمة البشعة التى تعرض لها، ولو لم آخذ حقه بالقانون فسوف أقاضيهما ولن اتركهما حتى اقتص منهما.. جميعنا فى اسرتى الصغيرة فرحنا واستبشرنا خيرا بصعود الاخوان، وأيدنا الرئيس محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، على أمل ان يقضى على الفساد والاستبداد، فكنا اول من تذوق كأس المرارة على أيديهم .. حسبى الله ونعم الوكيل فى كل ظالم جبار».