اتفق أو اختلف معه .. قل إنه مثير للجدل أو كان من حواريى النظام السابق ، اتهمه بمعاداة الإسلاميين، أو انتقد أعماله الفنية ، لكنك لا تملك إلا أن تعترف بأنه فنان من طراز خاص ، يعيش فنه بنبض قلبه .. بإحساس عقله .. بدمه .. بأحلامه .. بأيامه ولياليه . هو عادل إمام .. زعيم دولة «فن الضحك»، وهو جزء من تاريخ وطن بما فيه من آمال آلام .. انتصارات وانكسارات ..وتحولات وتغيرات، ولا يمكن اختصاره فى لقب «فنان الكوميديا الكبير» حين وافق عادل إمام على زواج ابنته من ابن رجل الأعمال الإخواني نبيل مقبل قامت الدنيا ولم تقعد ، اتهموه بمصاهرة «طيور الظلام» والانضمام لقافلة الإسلاميين الذين طالما انتقدهم في أفلامه، لكنه بقى ذلك الفنان الحريص على فنه والمدافع عن آرائه بقوة واليوم يغٌتال فنان الكوميديا الأبرز في ال 04عاما الأخيرة برصاص محام يدعى عسران منصور أقام ضده دعوى قضائية بتهمة ازدراء الإسلام والسخرية من اللحية في أفلام عرضت منذ سنوات ، والمثير أن الحكم صدر بالحبس ثلاثة أشهر وكفالة ألف جنيها هنا .. نحن لا ندافع عن عادل إمام، وهو يستحق بالطبع أن ندافع عنه لأنه قيمة وقامة فنية، لكننا ندافع عن حرية الفكر والإبداع.. ندافع عن قيم نخشى أن تختفى فى المستقبل القريب على وقع تغيرات قد تأخذ من مصر أحلى ما فيها، وتستبدله ب«فقه المصادرة والانغلاق». الحكم الذى صدر أخيرا بحبس الفنان الكبير عادل إمام ثلاثة أشهر أثار الكثير من علامات الاستفهام فالرقابة كانت قد أجازت الأفلام التى حوكم بسببها وشاهدها عشرات الملايين فى مصر والدول العربية خلال السنوات الماضية، كما أن الأزهر وهو المؤسسة الدينية المنوط بها الحفاظ على القيم الإسلامية لم يعترض فهل وصل مغازلة المحامى - مقيم الدعوى - للتيار الإسلامى لدرجة مقاضاة فنان عاش حياته من أجل إسعاد جمهوره، بتهمة ازدراء الدين الإسلامى. تتفق أوتختلف مع عادل إمام لكنك لا تستطيع أن تنكر أنه قامة وقيمة، أدخل السرور فى قلوب الجميع، فهل يستحق حكما بالحبس؟ «أنا ضد هذا الحكم، وليس من حق أحد مصادرة الإبداع»، هكذا قال الكاتب الكبير يسرى الجندى مضيفا: هذا الحكم صدر بأثر رجعى عن أعمال قديمة، وإذا سارت الأمور على هذا النمط فسوف يحاكم جميع المبدعين على ما قدموا من أعمال، وهذا غير معقول وغير مقبول، هذا مؤشر سلبى. بدوره قال: رئيس اتحاد النقابات الفنية، ممدوح الليثى، هناك حكم آخر صدر ضد سبعة من الفنانين والمبدعين ومنهم لينين الرملى ووحيد حامد ونادر جلال ،هو حكم ضد النقابات الفنية جميعها، لا أرغب فى تسييس القضية، لكن هذا اتجاه لتحويل السينما المصرية إلى سينما إيرانية، والفن لن يرضخ لأى اجراء قانونى ولن يخضع لأية قيود تحد من إبداعه. «الأمر أصبح مخيفا»، بهذه العبارة بدأ السيناريست بشير الديك كلامه وأضاف : أرى التهديد يتجه نحو الإبداع والمبدعين ، ويجب على الكتاب والمبدعين الدفاع عن أفكارهم وإبداعاتهم، إنها معركة فرضت نفسها عليهم، وأقول لكل مبدع مصرى لابد أن تخوض هذه المعركة بقوة ودون تنازلات لأية ضغوط، ويتساءل الديك: كيف يصدر حكم على أعمال تم عرضها منذ خمسة عشر عاما وتم عرضها على الرقابة - آنذاك - وأجازتها؟! مطالبا بوضع قوانين تحمى حرية الإبداع. أما نقيب الممثلين أشرف عبدالغفور فقد بدأ حديثه قائلا: «الإسلاميون يرحبون بالحوار، هم يريدون الفن الهادف المفيد، موضحا أن الإسلاميين ليس لهم تحفظات على الفن بشكل عام، وسوف تعقد اللجنة الثقافية بمجلس الشعب جلسات حول السينما والمسرح وسوف تلتقي جبهة الإبداع التى أسسها عدد من الفنانين لبحث هذه الأمور، والقضية ضد عادل إمام هى قضية ضحلة لا تمثل أى خطورة، وأقامها المحامى بغية «الشو» الإعلامى، ولو حضر عادل إمام الجلسة لحصل على البراءة. «أحد المحامين المهووسين هو الذى أقام الدعوى القضائية، هو يبحث عن الشهرة»، هكذا يؤكد المخرج مجدى أحمد على، مضيفا: هل اكتشف المحامى فجأة أن عادل إمام يسيء إلى الدين الإسلامى؟ هذا أمر مفهوم فى هذا التوقيت الذى صعد فيه الإسلاميون إلى البرلمان، هل الأزهر لم يشاهد أفلام عادل إمام؟ لقد شاهدها ولم يعترض عليها، ولم تعترض الرقابة على المصنفات الفنية. ويتساءل: هل «الحسبة» عادت من جديد لتسقط فى يد محام بدلا من النيابة العامة؟ هذا الحكم غير مفهوم وغير مبرر ولا أساس له من الصحة، غاضبا يقول المخرج داوود عبد السيد، موضحا: لا توجد واقعة محددة لإساءة عادل إمام للدين الإسلامى، وفى حال وجودها فكيف صمت الأزهر والرقابة على المصنفات الفنية طوال هذه المدة، هذا الحكم غامض ولا يستند إلى الدقة، وفى مرحلة الاستئناف سوف ينتهى الحكم تماما، مؤكدا أن الحكم بحبس «الزعيم» كارت إرهاب لكل من تسول له نفسه أن يكون ضد التيارات الدينية، وهذا إرهاب للفن. وبغضب شديد يقول د.ناجى فوزى الاستاذ بالمعهد العالى للسينما:لا يوجد فى العالم مثل هذه السخافات التى تهدف لمحاربة الإبداع فى مصر والعالم العربى، مواصلا: نحن نعيش فى القرن الحادى والعشرين وليس فى العصور الوسطى، هذه الكوارث لم تحدث فى ثلاثينيات أو أربعينيات القرن الماضى، هذه المصائب بدأت مع حكم العسكر، فمنع فيلم «شىء من الخوف» مثال حقيقى لحالة الحصار الفكرى التى عاشتها مصر، فقد فسر الرقيب أن المقصود به هو جمال عبدالناصر، لكن ناصر بعد أن شاهد الفيلم سمح بعرضه، واليوم وبعد ثورة يناير يجب دعم جميع الحريات من أجل أن نواكب العالم، لكن الواقع الحالى هو أن البعض يعيدنا إلى كهوف الظلام. الفنان الكبير عادل إمام يقول: احترم رأى القضاء ولن أعلق على الحكم بأى كلمة، وسوف أوضح وجهة نظرى فى الجلسة القادمة لأن هذا حقى، ولا أعلم كيف تتم محاسبتى على أعمال قدمتها منذ أكثر من عشر سنوات وكانت تناقش قضايا هامة فى المجتمع المصرى بشهادة كبار النقاد، والفنان ما هو إلا عنصر من بين عناصر كثيرة فى العمل الفنى.