مظاهرات واعتصامات واشتباكات، إسقاط نظام وكشف فساد، مصطلحات غريبة لم يسمعها الأطفال من قبل، وأحداث عنف يراها أطفالنا على شاشات التلفاز وعلى أرض الواقع تسبب ذعرا وصدمة وتوترا وخوفا ورعب وقلقا، ويدور فى أذهانهم تساؤلات لا يستوعبها عقلهم الصغير، فكيف نساعد أطفالنا على التغلب على مشاعر الخوف والذعر بعد مشاهدتهم للعنف والقتل والدماء التى أصبحت تغطى الشارع المصرى وتبث الرعب فى نفوس الكبار فما بالنا بالأطفال الصغار الذين لا يستوعب عقلهم ما يشاهدونه أمامهم بعد أن كانت مصر بالنسبة لهم هى بلد الأمن والأمان. مما لا شك فيه أن ما يراه الأطفال يؤثر عليهم بصورة سلبية تنعكس بالتالى على سلوكيتهم وطرق تعاملهم مع المحيطين بهم، والأهل عليهم مسئولية محاولة التخفيف عنهم وتقديم شرح مبسط عن الأحداث الراهنة التى يعاصرونها بما يتناسب مع قدراتهم العقلية ومع سنهم وقدرتهم على الاستيعاب. وحتى نجنبهم السلوك العدوانى الذى قد يظهر بصورة تلقائية نتيجة لما يشاهدونه من مظاهر عنف، إلى جانب ضرورة إشعارهم بالأمن والأمان، ويجب أن يتم تفسير ما يحدث من خلال منظومة متكاملة أطرافها الوالدان ووسائل الإعلام والمدرسة حتى لا يتولد لديهم مشاعر الخوف والفزع وتؤدى إلى مشاكل نفسية فيما بعد، مع ضرورة توضيح أن ما يرونه من عنف ليس هو الوسيلة المناسبة لحل الخلافات والمشاكل، وأن الوسيلة الأنسب هى الحوار والنقاش والتوصل لحلول ترضى جميع الأطراف من خلال المنطق والعقل، مع ضرورة تقديم شرح مبسط لما يعرض على الشاشة أمام الطفل وتعريفه أن جميع الثورات تمر بهذه المراحل وأن هذا هو الثمن الذى تدفعه الشعوب للحصول على حريتها وحقوقها من أجل التغيير للأفضل وحرية التعبير عن الرأى. يجب الا نشعر الأطفال بالغياب الأمنى حتى لا يؤدى لحالة من عدم الاستقرار النفسى لدى الطفل وشعوره الدائم بالتهديد والخوف والفزع واضطربات النوم والاحلام المزعجة، وفى نفس الوقت لا يجب أن نعزل الأطفال عن ارض الواقع ونمنعهم من مواكبة الأحداث وتطورات المشهد السياسى بل نحاول أن نحاورهم ونشركهم فى الحوار وتوعيتهم وانه سيكون هناك استقرار وأن كل عملية هدم يليها عملية بناء وهذه سنة الحياة. وفى نفس الوقت لا يجب أن نترك الطفل يشاهد الأحداث بصورة مستمرة بل يشاهدها على فترات متباعدة تحت إشراف ومتابعه من الوالدين، وعدم نقل الشعور بالخوف والقلق إليه حتى لا يؤدى به إلى حالة من عدم الاستقرار النفسى ومما قد يعرضه فى المستقبل لاضطرابات نفسية كالقلق والتوتر والاكتئاب والعدوانية والخوف، ويحدث لديهم مشاكل فى التكييف مع البيئة والمجتمع . مع ضرورة أن ننمى داخل الطفل قيمة الانتماء والدفاع عن الحق والعدل والإحساس بالمواطنة ونعرفه حقوقه وواجباته، ونضع فى اعتبارنا أن عالم الطفل ملىء بالصفاء والنقاء والسلام النفسى، لذلك علينا أن نشعره بالأمان والاستقرار ونعطيه الفرصة ليعبرعن مشاعره ومخاوفه وأفكاره بصورة إيجابية، لأن ذلك من شأنه أن يخفف الضغوط النفسية التى قد يتعرض لها، حتى نجنبهم مستقبلا أى امراض نفسية قد تحدث نتيجة الأحداث الراهنة.