تأتي اليوم ذكرى وضع أول حجر في أساس البيت الأبيض الأمريكي، ذلك البيت الذي ضم أكبر غرف العمليات السياسية والسرية في العالم، حُكمت من خلاله دول، وتوقفت قرارات وسيرت أخرى. يحوي هذا البيت من الحكايا ما لا حصر لها، ولكنه يمثل في حد ذاته حكاية مستقلة، فقد بدأ العمل على بنائه عام 1792، حيث أقيمت مسابقة لاختيار مهندس يقوم بتصميمه، وقد تم اختيار المهندس جيمس هوبن، لكنه في نهاية الأمر لم يكن راضيا تمام الرضى عن تلك التصميمات المعمارية، لأنها تمت بصورة سريعة دون إتقان منه أو من سواه. بعد اكتمال بنائه لأول مرة، سكنه الرئيس جون آدمز عام 1796، وقد كان أول رئيس أمريكي تطأ أقدامه البيت الأبيض، إلا أن الحال لم يدم كثيرًا على حالته الأولى، فقد حرق البريطانيون البيت بالكامل أثناء حرب 1812 ولم يتبق منه إلا جدرانه الخارجية. تبدأ من هنا الحكاية، كعادة الأمريكيين بمحاسبة العالم بطريقة غير تقليدية، فربما أرادت أمريكا محاسبة بريطانيا على حرق بيت رئاستها، فسرقت الأحجار اللازمة لإعادة بنائه مرة أخرى من اسكتلندا، وهي إقليم يتبع بريطانيا. حيث تشتهر اسكتلندا بالأحجار الكريمة والفخمة، من أكبر المدن الاسكتلندية التي اشتهرت بالجرانيت الرمادي هي مدينة "أبردين"، وهي ثالث أكبر مدينة اسكتلندية، فقد كانت مباني أبردين خلال منتصف القرن ال 18 وحتى منتصف القرن ال 20 موحدة محليًا بقطع الجرانيت الرمادية، حيث يتألق معدن المايكا الموضوع بها مثل الفضة. لذا فإن الاحتمال الأكبر أن تكون أحجار البيت الأبيض تمت سرقتها من هذه المدينة الاسكتلندية، دون أي وجه حق ولا مبايعات أو صفقات يمكن أن تكون قد عقدت. فقد كانت حصيلة الحرب بين أمريكا وإنجلترا، 1600 جندي بريطاني، 2260 جنديا أمريكيا، وحجارة رمادية تكفي لبيت رئاسة جديد. فلا عجب في أن يطالب الاسكتلنديون بعد فترة، بحقهم في الإقامة مع الرئيس الأمريكي، ولا عجب أن بروده وصقيع الجبال الاسكتلندية قد انتقلت إلى قلوب رؤساء هذا البيت من خلال حجارته المسروقة.