كلما مر الوقت سوف تزيد الضغوط أكثر على جماعة الإخوان من أجل توفيق أوضاع جماعتهم التى تنفرد وحدها بالعمل من خلف ظهر القانون، بينما تمتثل أكثر من أربعة آلاف جميعة أهلية ومنظمة مجتمع مدنى لقانون الجمعيات الأهلية، وإن كان مؤسسوها غير راضين بهذا القانون ويبغون تغييره.. حتى تلك الجمعيات القليلة التى تعمل فى المجال الحقوقى والتى أرادت أن تتفادى رفض القبول بها من قبل وزارة الشئون الاجتماعية سعت إلى تسجيل جمعياتها كشركات غير هادفة للربح. لقد صبر الفرقاء السياسيون على الجماعة نحو السنة ونصف السنة أملا فى أن توفق أوضاعها قانونا، خاصة أنها صارت تحكم البلاد الآن وتسعى للهيمنة على كل شئ فيها. ولم يعد مقبولا أن تتخفى الجماعة وراء بعض التبريرات الغريبة، مثل أنها قائمة منذ أكثر من 08 عاما وتعمل ويتعامل معها الجميع، حكم ومعارضة... أو مثل أنها ترجئ توفيق أوضاعها حتى يتغير قانون الجمعيات الأهلية الذى لا تعترف به.. وأيضا مثل أنها ليست مضطرة للامتثال لرقابة الدولة، وتحديدا جهاز المحاسبات، لأن أموالها ليست أموال عامة إنما هى أموالا خاصة من اشتراكات أعضائها! فكل هذه التبريرات تطفح بالمغالطات الفجة.. لأن الجماعة قانونا ليست قائمة.. فقد صدر قرار بحلها فى بداية خمسينيات القرن الماضى ولم تعد بقرار أو حكم قضائى... وإذا كانت قيادة الجماعة ترى أنها كيان قانونى فكان عليها أن تفصح للرأى العام عن أسرارها التى ما زالت تحرص على اخفائها حتى الآن، وأهم هذه الأسرار عدد أعضاءها وأسماءهم، وحجم ميزانيتها ومصادر تمويلها، وفيما تنفق أموالها.. كما يجب على الجماعة ألا ترفض رقابة الجهة المنوط بها الرقابة على الجمعيات الأهلية مثل بقية الجمعيات الأهلية الأخرى. وإذا كانت الجماعة ترفض قانون الجمعيات الأهلية الحالى وتريد تغييره، فإن ذلك لا يبرر أبدا أن تماطل فى توفيق أوضاعها، خاصة بعد أن صارت فى الحكم، ولن ترفض حكومتها لها طلبا بل وربما تغض الطرف عن تجاوزات لها، مثل تم السكوت على تجاوزتها خلال الانتخابات البرلمانية ومن بعدها الرئاسية. ثم إذا كان ما يعطل الجماعة عن توفيق أوضاعها هو قانون الجمعيات الأهلية الحالى فلماذا لا تغيره، بعد أن امتلكت سلطة التشريع عندما سيطرت على البرلمان ثم عندما منح الرئيس نفسه هذه السلطة فيما بعد حل البرلمان.. لماذا لا تصدر الجماعة من خلال الرئيس الذى ينتمى إليها القانون الذى يعجبها حتى توفق أوضاعها فى ظله؟! باختصار لم يعد لدى الإخوان الآن حجة مقبوله أو مقنعة للمراوغة والمماطلة فى توفيق أوضاع جماعتهم منذ أن صار لهم حزباً سياسياً فاز بأغلبية فى الانتخابات البرلمانية ودفع برئيسه إلى القصر الرئاسى. الإخوان الآن أمام خيارين أحلاهما مر! إما الأمتثال للقانون أو الاحتفاظ بريشة على رأسهم وموقعا فوق القانون.. فإذا امتثلوا للقانون سوف يضطرون للاعتراف علنا بأنهم جزء من تنظيم دولى له أهداف سياسية وليسوا مجرد منظمة من منظمات المجتمع الدولى.. كما سوف يضطرون للكشف عن مصادر تمويلهم، وكلها أمور يرغبون فى الاحتفاظ بها سرا لأنها قد تسوءهم.. أما إذا احتفظوا بموقع فوق القانون فإنهم سوف يزيدون الشكوك فى نواياهم السياسية والديمقراطية. وربما يتصور الإخوان أن الخروج من هذا المأزق يكمن فى توفيق جزئى لأوضاع جماعتهم.. أى الإعلان عن بعض وليس كل أعضائهم وكل تمويلهم.. أى الجمع بين العلنية والسرية فى العمل، خاصة أنهم لم يحكموا سيطرتهم كاملة على الحكم وعلى كل مفاصل الدولة كما قال مرشدهم السابق مهدى عاكف لكن ذلك لن يحل مأزق الإخوان.