دفع تشدد الإسلاميين وأعمال العنف التي يتبعونها مع معارضيهم واستخدامهم للدين بما يتوافق مع مصالحهم،بعد الثورة بصفة عامة،وقفز الاخوان المسلمون على السلطة بصفة خاصة، عدداً كبيراً من الشباب والمدونين إلى الإلحاد، وهو ما أكدته العديد من الاحصائيات، ومنها استقصاء عالمي أجرى على أكثر من 50 ألف شخص في 57 بلدا، أكد أن الإلحاد يزداد و يقل بحسب الظروف المجتمعية. يقول المدون المصري أسامة درة في الأيام القليلة الماضية من خلال مدونته: « قررت أن أعطّل العمل بالإسلام في حياتي كدين، لأن «التنافر المعرفي» بين بعض تفاصيله وبين ما أظنه الرشاد والعدالة والمنطق وصل عندي حداً لا أستوعبه، وأن أخفّض رتبته إلى «مستند ثقافي» يملأ فراغات صورة العالم في عقلي وقلبي ويضبط أخلاقي، إلى أن أجد أساساً غيره أو أعيد اعتماده كدينٍ لي». ويسرد درة أسباب تحوله إلى الإلحاد أنها تتمثل في الاحتجاجات العنيفة على الفيلم المسيء للنبي محمد، التي أبرزت عقوبة سب النبي في الشرع بالقتل، وأن ذلك ليس من «السماحة» و»الرحمة» و»الحرية» التي نضيفها للإسلام، على عكس ما يبديه الغرب في فكره من شريعة موضوعة تتيح حرية التعبير والعدل. وقال إن تصريحات الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية عن تزويج الطفلة، وأنه لا يمكنه أن يحرّم ما «أحلّه الله و رسوله»، وأن تزويج القاصرات جائز « جعله يتجه إلى الإلحاد، فمن عينوا أنفسهم «حراس العقيدة» و»حملة لواء الدين» ويظنون أنهم في مهمة مقدسة وأنهم أولى بالبلد وأقرب للرب وأفضل من الناس، ثم يكذبون ويُخلفون الوعد ويعقدون الصفقات التي نشك في براءتها». ويضيف من أطلق على نفسه «هوبي البوني» أنه لم يراوده أدنى شك أن الارتداد عن الدين والشك فيما أوحى إلى الأنبياء بل في وجود الله سيظهر وبشدة خلال الايام المقبلة نتيجة لما نسمعه من المحسوبين على الاسلام من المشايخ، الذين يتكلمون في الدين بغير علم ولا دراية كافية ويفسرون كلام الله على غير محله ويأخذون عن المفسرين ما يتوافق مع أهوائهم. الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس الاجتماعي بكلية الآداب جامعة عين شمس يقول إن زيادة نسبة الملحدين جاءت نتيجة زيادة الاستقطاب الشديدة في المجتمع مع حالة من التوتر والقلق لمدة عامين متصلين ولا نستطيع معرفة ما سيأتي به الغد, مؤكدا أن عملية التحول إلى الإلحاد ليست سهلة على الذين يدينون بالإسلام أو المسيحية. ويضيف أن التحول آلية من آليات موازنة الضغوط التي نعيش بها, وأحياناً نتيجة للضغوط هناك من يدمرون أنفسهم وهذه أمور معروفة, عندما يكون الشخص غير قادر على مواجهة الوضع الذي يعيش فيه, وعدم فهم ما حوله, وتشدد كل طرف لرأيه، يدفعه إلى الاتجاه المعاكس. ويؤكد خليل أنه مع حالة التطرف نجد أطرافا تنأي بعيداً لتأخذ آراء أخرى, وربما تكون عملية التحول للإلحاد موقفا ثالثا مختلفا عن الأطراف الأخرى, مشيراً إلى أننا يجب أن نميز بين التدين والإسلام السياسي حيث يستخدم الناس الدين في السياسة وهذه كارثة كبرى التي يمكن أن تضيع البلد, وهذا ما يحير الناس ويجعلهم يبحثون عن أشياء تصل للإلحاد وهذا إفراز طبيعي للتناحر وغياب المنطق في الحوار، فعندما يستخدم الدين في السياسة بشكل انتقائي حسب المصالح السياسية فإن ذلك يجعل الناس في حالة «لخبطة» وخاصة البسطاء الذين لا يستطيعون التعامل مع الكم الهائل من الحوارات و»اللخبطة» والمصادمات اللفظية، مما يدفع البعض إلى تغيير الدين لعدم مقدرته التأقلم. من جانبها تري الدكتور مني أبوشادي أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر أن هناك بعض الناس نتيجة للعنف الذي يحدث الآن في المجتمع قد ينصرف ويتحول للإلحاد, لكن صاحب الإيمان القوي لا يذهب للإلحاد ولا يتحول لأي سبب من الأسباب, لكن الضغوط الكثيرة علي الإنسان مع صعوبة الظروف المعيشية والمجتمعية جعلت الناس تلجأ للإلحاد. وتشير أبوشادي إلى أن تحول الناس إلى الإلحاد نتيجة ظروف طارئة لا نستطيع القياس عليها, فخروج الناس عن الملة لا يجوز ولكن هناك ظروفا طارئة, مؤكدة أن الجماعات التي تسمي نفسها الآن بالجماعات الإسلامية للأسف سلوكها بعيد تماماً عن الإسلام وعلينا أن نفرق بين الإسلام وبين تصرفات المسلمين. وتقول أبو شادي إن الإسلام دين يعتمد على العمل فهناك العشرات من الآيات التي دعت إلى إعمال العقل, كما أن الإسلام به أوامر ونواه لكن الاعتبار بالنظر وإعمال العقل. وتؤكد أن التحول للإلحاد الآن حدث نتيجة ظروف قاسية، مستنكرة إدعاءات البعض أن أفعال من يدعون أنهم مسلمون والعنف الزائد جعلهم يكفرون بالإسلام والمسلمين, لكن ينبغي عليهم التفرقة بين الإسلام وبين أفعال المسلمين, وأن هذا لن يستمر كثيراً وسينتهي بانتهاء العنف والأوقات العصيبة التي يعيشها المجتمع. الدكتور محمد حسني سليم أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر،يرى أن الإنسان سليم العقيدة،يجب ألا تتأثر عقيدته بأي متغيرات مجتمعية،فالمؤمن الحقيقى،مسلما كان أو مسيحيا، يجب ألا يكون تدينه مرتبطا بأحداث متغيرة،واصفا الملحدين بضعاف القلوب والنفوس وسيئى الفطرة. «سليم» تابع: إن من يلحد بعد ذلك فلا نريده, فالإنسان ضعيف الإيمان بهذا الشكل لا يحتاج إليه الدين فى شيء, كما أنه بمرور الوقت يتحول إلى وبال على أهله ومجتمعه. أستاذ الفقه المقارن،يجزم بأنه ليس هناك ما يسمي ب»الإسلام السياسي», فالإسلام يؤخذ من علماء الشريعة والعقيدة،وليس من دعاة الشهرة والمتاجرين به. معترفا فى الوقت نفسه بأن كثيرا من المنتمين إلى تيارات الإسلام السياسى،أهانوا الإسلام وأساءوا إليه بسبب عدم فهمهم واستيعابهم لحقائقه،ولقلة علمهم،وضحالة ثقافتهم.