سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ظاهرة انتحار الأدباء.. الحاوفي أنهى حياته بسبب عدم الاهتمام بكتاباته.. "السبول" أطلق النار على نفسه.. "عليش": المجتمع جعلني أكفر بكل شيء.. "مارتا لينش" انتحرت بعدما ظهرت على وجهها علامات الشيخوخة
يعتبر الانتحار هو نقطة النهاية التي وضعها العديد من الشعراء والأدباء لحياتهم، ما جعل البعض يطلق عليها ظاهرة، فإن تقودك حياة اليأس والنقم على الحياة إلى الانتحار فهذا شيء مقبول، وإنما أن ينتحر أديب أخذ من الدنيا الكثير ما بين شهرة ومكانة اجتماعية مرموقة هذا ليس مقبولا. فقد اهتز الوسط الأدبي المغربي، عندما اختار الشاعر المغربي "عبد القادر الحاوفي" أن يضع حدا لحياته يوم الثلاثاء الماضي، في غرفة بمدينة سيدي بنور، بعدما عاش حياة بها عذاب ولم يكن أحد يعير أي اهتمام لنصوصه التي كان ينشرها في صفحته، لا تعليق ولا إعجاب. ولم يلق أي دعم من الناس المحيطين به، فتحدث في صفحته عن الانتحار، ووصف الموت بكونه مجرد نوم تنقصه الأحلام، لكن لم ينتبه لحاله أحد، وقبل أن يشنق نفسه كتب رسالة طويلة، وجاء فيها: "أخفقتُ في الشعر والكتابة والرسم ولم أوفق حتى في حماقاتي الجميلة في حضن الحياة.. وأمام كل الإخفاقات التي واجهتني في الحياة سأقف اليوم قويا في وجه الموت.. وداعا". حادث انتحار الحاوفي ليس الأول ولن يكون الأخير، طالما وجد الأسباب لذلك، فبين كلمات معبرات وأحاسيس ترسمها الحروف، تجد أوجاع لا يمكن اختزالها في عبارات، وتقود صاحبها اضطراريا لوضع نقطة نهاية لحياته. تيسير السبول ففي الخامس عشر من نوفمبر عام 1973 اهتز الوسط الاجتماعي والأدبي الأردني بحادثة انتحار الأديب والشاعر الأردني تيسير السبول عن عمر يناهز الرابعة والثلاثين، وعاد تيسير السبول من عمله في الإذاعة الأردنية وكان يشغل منصب رئيس البرامج الثقافية فيها، وطلب فنجان قهوة من زوجته الأديبة والطبيبة المشهورة مي يتيم، ثم تمدد على فراشه وأطلق على رأسه النار. أما الكاتب والقاص المصري محمد رجائي عليش، فقرر إنهاء حياته في عام 1979 بإطلاق النار على رأسه، وجاء في تقارير رجال الشرطة أن الكاتب المذكور وجد في سيارته منتحرا على مقربة من شقتين كان يمتلكهما في الحي نفسه، ولم تعرف الأسباب الكامنة وراء الانتحار إلا بعد وصول رسالة منه إلى النائب العام فيها اعتراف صريح بالانتحار، ومن أسبابه قال: "عشت هذه السنين الطويلة وأنا أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع الذين أفلحوا في أن يجعلوني أكفر بكل شيء". علامات الشيخوخة فيما قادت علامات الشيخوخة الكاتبة الأرجنتينية الشهيرة مارتا لينش، إلى الانتحار في منزلها عن عمر يناهز الستين، عندما وقفت أمام المرآة لتنظر إلى التجاعيد التي زحفت على وجهها، وأخرجت المسدس من حقيبتها وأطلقت النار على رأسها، وقال زوجها: "إن مارتا لينش كلت من المعركة التي خاضتها طوال عشرين عاما بلا أمل ضد الخوف من الشيخوخة.. إن مارتا سمحت لنفسها أن تقول للموت: لقد تعادلنا في المباراة فقد نلتني ولكنني أنا الذي اخترت التوقيت". الكاتب والروائي الياباني الشهير ياسوناري كاوباتا، فقد انتحر بطريقة الهاراكيدي المعروفة، بعد عامين فقط من حصوله على جائزة نوبل للآداب، التي توجت شهرته الأدبية وجعلته ثريا ميسور الحال بين ليلة وضحاها. بينما انتحر الروائي الأمريكي الشهير أرنست همنجواي صاحب "ثلوج كليمنجارو" و"لمن تقرع الأجراس"، رغم أنه كان يتقاضى أجره عن كل حرف يكتبه وليس عن كل صفحة أو رواية، ومع أنه وضع قبل انتحاره رواية "الشيخ والبحر" التي تحولت في حياته إلى فيلم سينمائي حطم كل الأرقام. والشاعر عبد الله بو خالفة أنهى حياته منتحرا، في قسنطينة مدينة الجسور المعلقة، ووقع بيان "الخيبة"، ثم رمى بنفسه تحت القطار في أحد أيام أكتوبر. أما انتحار الشاعر اللبناني خليل حاوي كان احتجاجا على الدعارة والوحشية التي ارتكبها الإسرائيليون بحق الفلسطينيين، وقل الشيء نفسه عن الأديب الياباني يوكيو ميتشيما، الذي صعد إلى شرفة كلية الأركان وألقى كلمة دعا فيها إلى رفض الخضوع للحضارة الأمريكية وتعديل الدستور الياباني، ثم تناول خنجره وغرسه أسفل معدته. كما أبدع الكتاب في حياتهم، وتفننوا أيضا في إنهائها، فجاك لندن، وفالترهازنكليفر، وكورت توخولسكي، وآرثر كوستلر وزوجته، انتحروا بالسم، وستيفان زفايج وزوجته تناولا حبوبا منومة وانتحرا في يوم المهرجان الكبير الذي يقام في ريو دي جانيرو، ومثلهما فعل جورج تراكل الذي انتحر بالكوكايين. صلاح جاهين ورغم كثرة عدد الأدباء المنتحرين، يظل لغز موت صلاح جاهين هو الأكثر جدلا، ففي إحدى مقالاته كتب الناقد السينمائي سمير فريد مؤكدا إقدام شاعر العامية ورسام الكاريكاتير اليساري المصري الشهير صلاح جاهين على الانتحار بعد إصابته بمرض الاكتئاب. عنوان المقال: "عاصرت الموقف بنفسي والساكت عن الحق شيطان أخرس.. صلاح جاهين مات منتحرا"، ويختم سمير فريد مقاله قائلا: "قاوم صلاح جاهين الاكتئاب بروحه الإنسانية العالية وسخريته المصرية الصميمة، ولكن المرض الوحشي هاجمه عام 1986م فانتحر.. وأنا لا يعنيني هنا من ينكرون انتحاره.. فقد عاصرت الموقف بنفسي والساكت عن الحق شيطان أخرس.. وعاصرت محاولات المنتج السينمائي حسين القللا وهو يأتي بالدواء المضاد للاكتئاب التي تناولها صلاح جاهين ولكنها وصلت من سويسرا بعد فوات الأوان".