مع الوقت، والمواقف، بدأت أنظر إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعين الاعتبار، وأدركت أنّ في تركيبته وشخصيته ما يفتح ثغرة للأمل فى جدار هذا الليل المعتم قرارات الفريق أول عبد الفتاح السيسي تعطينا الثقة أن المؤسسة العسكرية ستظلّ حرّة مستقلة لا تنحاز إلى فصيل على حساب بقية أبناء الوطن لم تخِب آمالنا في يومٍ ما في جيشنا العظيم ، مصنع الأبطال والبواسل حُماة العرين ، يتناثرُ الغبار الكثير، والكثيفُ أحيانا ، لكنه ما يلبث أن يتساقط من تلقاءِ نفسه ليعود ثوبهم ثوبُ الشرف ناصعًا نظيفا ! قوّاتنا المسلحة ، تكادُ تكونُ المؤسسة الوحيدة المتماسكة في دولتنا التي تترنحُ بين أنياب أبنائها الذين أعماهم الطمعُ إلى درجة الغباء والغرور المدمّر ، ففعلوا بها ما لم يحلم به ألدُّ أعدائنا، لتتحوّل مصر العظيمة على أيدينا من «أمّ الدنيا» إلى مضحكة الدنيا، وبعد أن كانت «سلّة خبز البشريّة»، أوشكت أن تتسوّل بعض حبّات القمح من دولٍ أصغرَ منّي سنًّا، ولا يزيد عدد سكّانها ومساحتها علي عزبة غرب البسلقون !! تقيّأت الثورة فلفظت نظاما خائنا باعنا من أجل طفلين مدللين ، ولكن لم يتخيّل عميد أهل الشؤم واليأس أن الثورة بعد أن تغسل فمها وتتطهّر ستتركنا نتخبّط في وحلِ قيئها ودماء أحلامنا المُهدرة على مذابح الغلّ والطمع والاستبداد الأهوج، اجتمع علينا الهواة من كلّ جانب، وراحوا يجرّبون فينا منتجات غبائهم وقلة حيلتهم ، فانحدرنا إلى أزهى عصور الفوضى والارتباك والتخبّط، ووقفنا نتفرّجُ علينا ونحن نتآكل ونهترئُ ونتسابق في أكل لحمنا ! الفريق أوّل عبد الفتّاح السيسي، سأكونُ كاذبا إذا قلتُ إنني كنتُ مرتاحا له أو متفائلا به، مجرّد التفاؤل، ربما لأن أعيننا اعتادت رؤية قدماء المصريين في جميع المناصب الكبرى والمؤثّرة في مفاصل الدولة، وربّما لمفاجأة الاختيار والطريقة التي تمّ بها، وربما لسوء نية الخبثاء أمثالي والشك الدائم فيما وراء الاختيار، وربما للاقتناع التام بعمى الرؤية وعشوائيتها، فوجدتني أسبح في خضم ال..«ربّمات» هذه، بالرغم من ثقتي الكاملة في كلّ جندي في هذه المؤسسة العريقة، وأن زرارا في سترة أحدهم يعادل قبيلة من الرجال، وأنهم تاج رءوسنا ومبعث اطمئناننا وفخارنا دائمًا ( وهذا لا يمحو ولن يمحو تحفّظي على أداء المجلس العسكري في المرحلة الانتقامية التي أودت بنا إلى ما نحن فيه الآن، وسأظل أردد هذا مقتنعا به، والفرق كبير وشاسع بين مجلس إداري قاد الدولة بلا خبرة في مرحلة مرتبكة، فتركها مزرعة للارتباك، وبين جيش عظيم من فلذات أكباد المصريين يمثلون حائط الصدّ المنيع، ولا يقبلون بغير شرف الوطنية والبطولة تاجا ) مع الوقت، والمواقف، بدأت أنظر إلى الرجل الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعين الاعتبار، وأدركت أنّ في تركيبته وشخصيته ما يفتح ثغرة للأمل في جدار هذا الليل المعتم، وأنه من النوع الذي يصعبُ ترويضه أو تلوينه أو طيّه تحت أي جناح، وبدا واضحا أنه يحظى بحبّ أبناء هذه المؤسسة واحترامهم، وأن جسرًا من الثقة والتفاهم يصلُ بينه وبين قادة الفروع المتعددة في هذا البنيان القويّ الشاهق، ومع إحساسنا بعودة التدريبات الشاقة والاستعدادات التي تليق بما يتهددنا من كلّ الجوانب، انسحبت الصور السلبية من أذهاننا شيئا فشيء، وتأكدنا أن فترة الاسترخاء والتثاؤب راحت لحالها، وأن جيشنا عاد إلى موقعه السليم والمناسب ليظل أبناؤه خير أجناد الأرض . كانت ثقتنا في الجناح الآخر للأمن والأمان وزارة الداخلية قد بدأت تعود بالفعل مصحوبة بكثير من الأمل، ولكن للأسف الشديد ثقة أبناء هذه المؤسسة العظمى في أنفسهم لم تعد بعد، وبالرغم مما يبذلونه على مدار ساعات الليل والنهار، وتلك الخبطات التي يحققونها في ضبط الهاربين واصطياد المجرمين وإجهاض محاولات إغراق البلاد بكلّ أنواع الأسلحة، إلا أنهم يشعرون بنوع من الكراهية المستمرة من المواطنين، وهذا به جانب من الحقيقة، والكرة في ملعب الشرطة، لا يجب أن يشعر رجل الشرطة أنه كائن مستورد، أو نوع من المنتجات منزوعة الدسم أو منتهية الصلاحية، علينا أن نساعدهم على التمسّك بدورهم والحرص على أدائه على أكمل وجه، وكثيرا ما أرى صور السيد وزير الداخلية تملأ الصحف والشاشات، غير أنني أشعر أن حاجزا ما يقوم بينه وبين رجاله في الأقسام والمراكز والميادين، وأن كلّ هذه الخبطات والإنجازات على أرض الواقع ناتجة عن كفاءات خاصة لرجال الشرطة، بمعنى أدق وأقرب : لا أرى ما أراه على الساحة العسكرية متحققا على الساحة الشرطيّة، وهذا ليس راجعا إلى تطبيق نظرية «الاستعانة بصديق»، أو نزول الجيش للمشاركة في بعض العمليات ودعم الشرطة، أو ظهوره بهذا المظهر الحضاري الرائع في تأمين الاستفتاء على الدستور ( غير الحضارى) رجال القوات المسلحة على مستوى الشكل والمضمون أصبحوا كائنات مضيئة تمشي في شوارعنا إلى المستقبل، بينما أبناء الشرطة، أبناء هذا الشعب وأشقاء رجال الجيش، يمشون منطفئين منكسرين بلا مبرر، وعليهم أن يستعيدوا الثقة أو يستعيروها من الجيش بسرعة، فهم منّا ولهم احترامهم وتقديرهم بالرغم من سيئات بعضهم التي تصل إلى حد الإجرام في حق الوطن وحق هذه المؤسسة العظيمة، وقد انزعجنا للصدام الذي حدث بين بعض أبناء المؤسستين، وتحرّك الوزيران بسرعة فائقة وتم احتواء الموقف، شكليّا، لكن قلقنا سيظل أكبر من الاحتواء، فهما كما قلت جناحان لطائر الأمان الذي لا يمكن أن يحلّق بدون أحدهما، وإن اختلفا إلى درجة التشابك فعليه العوض . قرارات الفريق أول عبد الفتاح السيسي تعطينا الثقة أن المؤسسة العسكرية ستظلّ حرّة مستقلة لا تنحاز إلى فصيل على حساب بقية أبناء الوطن، وهذا هو المانشيت الرئيسي الذي نجاهد من أجل أن يظلّ ناصعا على جبهة الوطن ، هذه القرارات الصارمة التي يتخذها السيد وزير الدفاع تليق بحجم هذه المؤسسة، وقد أرضانا كثيرا موقفه من حظر البيع أو الانتفاع بالأراضي في المناطق الاستراتيجية، خصوصا منطقة شبه جزيرة سيناء، حتى لا تتحوّل هذه البقعة الملتهبة إلى قنبلة تنفجر تحت وسائدنا ونحن نائمون، غير أننا كنّا نأمُلُ أن يوضع أهل سيناء في الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار متعلّق بما تحت أيديهم ( لا أركب موجة الإخوان الذين أشيع أنهم حرّضوا زعماء القبائل السيناوية ضد القرار، وأعتقد أنهم قاموا بذلك ردّا على الموقف الصارم للسيد الوزير ضد تصريحات بعضهم الهوجاء ضد قادة سابقين بالقوات المسلحة ) . أهل سيناء - يا سيادة الوزير- حائط صدّ شريف يكمّل دور القوات المسلحة ويعضده، وهم عاشوا مرارة الاحتلال، ثم مرارة التجاهل فيما بعد التحرير، وكأنهم مجرّد كمالة عدد أو مجموعة من الأرقام الوهمية المتناثرة على خريطة التعداد السكاني، هؤلاء الأفذاذ أقدر مَن يدافع معكم عن حدودنا الشرقية التي يلعب فيها الإسرائيليون والحمساويون لعبة الاستغماية، وكما قال القدماء : أهل مكة أدرى بشعابها ( أي بطرقها الصغيرة الملتوية )، فإن أهل سيناء أدرى بشعابها أيضا، ومن العدل واللائق بهم أن يوضعوا في بؤرة الاهتمام في كلّ تحرّك وقبل أي قرار، وحتى لا نترك أصابع الإخوان تلعب في مفاصل الدولة كلها، أو تتمكن من إلقاء فيروساتها في هارد ديسك سيناء كلّها، من أجل التنغيص على قائد محترم رفض أن يمشي طبقا لكتالوجاتهم، أو من أجل عيون الأحباب في الناحية الأخرى ، ولا أعني الفلسطينيين، حتى لا تفهموني بالخطأ، بل أعني الإسرائيليين الذين أصبحوا من الأصدقاء الأوفياء على آخر الزمن ! وما يُقال عن أهل سيناء ينطبق على أهل مطروح، وأهل النوبة، وكلّ المهمشين من أبناء الحدود، فلا يليق بنا أن نضعهم بين عذابين : عذاب القلق والمواجهة، وعذاب التجاهل والنكران، وحتى نقطع الطريق أمام اللاعبين الجدد الذين فاقوا الحزب الوطني في السوء، فهم يختلقون المشكلات والمصائب، ثم يتقدمون الصفوف المطالبة بالحل ! ولذلك أكلوا بعقل الشعب «حلاوة « من خلال الكلام المعسول والشعارات الكاذبة، ومن خلال التجارة بالدين، وبكرامات الزيت والسكر والبطاطس وأنابيب البوتاجاز المخطوفة من أيدي الغلابة ! سأنتظرُ كلّ يومٍ أن يتحقق ما قاله الفريق أوّل عبد الفتاح السيسى : « إن المؤسسة العسكرية تمارس مهامها بتجرد تام لا يعنيها إلا شعب مصر الذي تنحاز إليه دائما، في إطار عقائد استراتيجية راسخة بأهمية عدم التدخل في الصراعات والممارسات السياسية وحتي لا تكون طرفا ضد آخر، إدراكا منها بمخاطر ذلك علي الأمن القومي والاستقرار الداخلي» . معه، ومع كل المخلصين الواثقين في جيشنا النبيل أردد : عاش الجيش المصريّ حُرّا مستقلاًّ».