يستعد العراق لطي صفحة نوري المالكي، المثير للجدل، إثر تكليف رئيس وزراء جديد يوم أمس، الإثنين، الذي سيكون من أبرز مهامه الصعبة إخراج البلاد من الحرب مع المتطرفين التكفيريين ومنعها من التفكك. وعن الخارطة السياسة اليوم فتبدو حسب التالى: يقف العراق اليوم على عتبة تغيير المشهد السياسي فيه، بعد أن كلف رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، السياسي الشيعي حيدر العبادي، بتشكيل حكومة جديدة منهيا بذلك حقبة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي التي امتدت لثماني سنوات "عجاف"، كما يقول بعض العراقيين. وكان المالكي يتحكم بالمشهد السياسي في السنوات الأربع الأخيرة من ولايته لكونه رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس حزب الدعوة والزعيم المتنفذ في التحالف الشيعي الحاكم. كما كان المالكي يتولى مسئولية وزارات عديدة وكالة والتي لم يتم تعيين وزيرا لها، كوزارة الدفاع والداخلية ووزارة الأمن الوطني. وهو واقع ساهم بشكل كبير في تغيير في مواقف القوى الفاعلة والمتنفذة في المشهد العراقي والذي هو في حركة تغيير مستمرة منذ سقوط نظام صدام حسين. مكونات المجتمع العراقي مكونات العراق اليوم هي نفسها تقريبا كما كانت عليه قبل أكثر من ألف سنة. فهناك اليوم المكون العربي بشقيه السني والشيعي، سياسيا أضيف إليه الشق العلماني والليبرالي. كما هو الحال مع المكون الكردي أيضا بأغلبيته السنية الكبيرة، وأقليته الشيعية وأيضا إلى جانب قواه الديمقراطية القومية والليبرالية غير الدينية. وعموما لا ينخرط الكرد في الصراعات الدينية لا من بعيد ولا من قريب، وإلى جانب القوميتين الكبيرتين العربية والكردية، هناك المكون التركماني الذي ينقسم بدوره إلى شريحتين شيعية وسنية. وهناك مكونات أصغر تتمثل بالمسيحيين بكل مذاهبهم المختلفة، إلى جانب المكون الديني الصغير الإيزيدي. وتعتبر الديانة الإيزيدية من أقدم الديانات في العراق، حيث يتمسك أتباعها بتعاليم الدين تحت كل الظروف التي مروا بها عبر الزمن. المشهد السياسي العربي تنوع المكونات العراقية انعكس بدوره على المشهد السياسي بعد حرب عام 2003، حيث انتقلت السلطة من الأقلية العربية السنية إلى أيدي الأكثرية العربية الشيعية وبمشاركة المكونات القومية والدينية الأخرى. وعلى ضوء المعطيات الجديدة بات المشهد السياسي متنوعا ولم يعد هناك أحد يدعي الهيمنة الكاملة على باقي المكونات المختلفة. وما نلاحظه اليوم في المشهد السياسي العراقي يدل على أن عصر الهيمنة السياسية على المجتمع العراقي قد ولى ويأمل الكثير من العراقيين أن يكون قد ولى وإلى الأبد. محاولات المالكي في التشبث بالسلطة تحت حجج مختلفة ومتناقضة أحيانا يواجه برفض كامل من مختلف المكونات العراقية، بما في ذلك المكون العربي الشيعي. ورغم ذلك تبدو الخارطة السياسية ضبابية ومشوشة للكثير من العراقيين ولعموم المتابعين من غير العراقيين. مكونات المشهد العربي الشيعي رغم أن العرب الشيعة في العراق يشكلون كتلة تظهر موحدة نحو الخارج وتحت الغطاء المذهبي، إلا أنهم يختلفون في حراكهم السياسي اليومي بشكل كبير. الأحزاب الدينية الشيعية وتياراتها السياسية شكلت ما يسمى بالتحالف الوطني والذي حصل على أكثر من 130 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تتوزع هذه المقاعد بشكل عام بين قوى صغيرة وأخرى كبيرة. فمثلا حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي حصل على أكثر من ثلاثين مقعدا بقليل. لكن تحالفه الحاكم تحت اسم "دولة القانون" حصل على مقاعد أكثر من حزبه لكنها لن تكفي لتشكيل حكومة أغلبية، كما كان ينوي أساسا. ويملك البيت السياسي الشيعي "التحالف الوطني" أكبر عدد من المقاعد في البرلمان مع حساب مقاعد قائمة نوري المالكي، وهو بذلك يعتبر الكتلة الأكبر ولها الحق في ترشيح رئيس للوزراء من بين صفوفها. وبدون مقاعد نوري المالكي لا يوجد ما يمكن تسميته بالكتلة الشيعية الأكبر. وتبقى في هذه الحالة قائمة المالكي "دولة القانون" هي الكتلة الأكبر رقميا، لكنها لا تحظى بدعم القوى السياسية الأخرى لتشكيل حكومة جديدة. مكونات المشهد العربي السني تعتبر قائمة "متحدون للإصلاح" العربية السنية من أقوى القوى السياسية العربية بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى جانب كتلة القائمة الوطنية بزعامة إياد علاوي. وتشكل الكتلتان قاعدة عريضة للعرب السنة في العراق، إلا أن تشكيلة هذه الكتلة تعتبر فضفاضة قابلة للتفسخ تحت ظروف سياسية معينة. وهناك قوى عربية سنية تعمل تحت مسميات مستقلة، لكنها لا تمثل وزنا سياسيا ثقيلا في المعادلة العراقية، بيد أن العشائر العربية السنية في شمال وغرب العراق لها وزن سياسي كبير يأخذ طريقه إلى بودقة صناعة القرار السياسي العراقي عبر الكتل العربية في البرلمان أو عبر القيادات العسكرية في الجيش العراقي التابعين لها. المكون الكردي يشكل الأكراد القوة القومية البرلمانية الثانية بعد كتلة العرب من السنة والشيعة مجتمعين، ويتحد الكرد عموما في البرلمان العراقي تحت مظلة الكتلة الكردستانية. وطرأ عليها بعض التغيير في الانتخابات الأخيرة، ففي حين دخلت الكتلة الكردية انتخابات 2010 بقائمة موحدة جمعت الحزبين الكبريين، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، والحزب الأخير شهد انشقاقا في السنوات الأخيرة ما دفع الأحزاب الكردية إلى دخول الانتخابات البرلمانية بشكل فردي، لكنها عادت واجتمعت تحت خيمة التحالف الكردستاني تحت قبة البرلمان العراقي. إلى ذلك تمثل بعض الأحزاب الدينية التيار الإسلامي الكردي ولكن بمقاعد قليلة ولا وزن لها سياسيا يذكر، جميع الأحزاب الكردية اتفقت على رفض ولاية ثالثة لنوري المالكي، وبدون مشاركة الكرد في حكومة عراقية لا يمكن لها أن تكون حكومة وطنية شاملة أو حكومة توافقية. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل