أكد الدكتور محمد الزغبى- رئيس جامعة قناة السويس السابق، الأستاذ بقسم الدراسات الفندقية بكلية السياحة والفنادق جامعة قناة السويس- أن الاقتصاد الزراعى بالإسماعيلية يواجه مشاكل كثيرة تهدد أهم المحاصيل الزراعية بالمحافظة، وفصل فى حواره ل«فيتو» أسباب توقف المشاريع الصناعية الكبرى فى المحافظة ، فضلا عن الخدمات التي قدمتها جامعة قناة السويس لأبناء محافظات القناة.. وإلى نص الحوار: ما الخريطة الاقتصادية للاستثمار فى الإسماعيلية؟ - عند إنشاء الإسماعيلية تركز اقتصادها على الناحية الزراعية، واشتهرت بانتاج عدد من المحاصيل الزراعية مثل المانجو والفراولة، والبطاطس، والعديد من الفواكه مثل الكانتلوب، وكانت تلك المحاصيل تتم زراعتها على أسس علمية سليمة لتصديرها إلى دول أوروبا، التى لا تقبل استيراد أى سلعة غذائية إلا إذا كانت لها اشتراطات خاصة, تضمن خلوها من التلوث والكيماويات، وبقدر الإمكان كانت الإسماعيلية تلتزم بتلك الاشتراطات فى زراعتها حتى تصدر محاصيلها الزراعية.. لكن للأسف الشديد مع كثرة تهريب المواد الكيماوية والمبيدات، ودخولها فى الزراعة بدأت هذه المحاصيل فى التأثر بتلك الملوثات،ومن ثم بدأت الصادرات للخارج تقل, وقل الطلب على هذه الحاصلات، فبدأ المسئولون عن الدولة - فى الأنظمة السابقة- التفكير فى تنويع المشروعات داخل الإسماعيلية بغرض تنميتها, فتم إنشاء عدد من المناطق الصناعية، مثل المنطقة الصناعية بالإسماعيلية ، ومنطقة «خمسين خمسين» فى «أبو خليفة» و«وادى التكنولوجيا»، وبالإضافة إلى ذلك كانت جامعة «قناة السويس» مسئولة عن إنشاء قناة بعمق من 10 إلى 20 كيلومترا داخل سيناء، بحيث تقدم الدعم « اللوجيستى» للسفن المارة فى القناة، ويكون بها ميناء وورشة لإصلاح وصيانة السفن، ويتم إنشاء منطقة سياحية على ضفتى تلك القناة، كذلك تقدمت الجامعة بمشروع لتطوير بحيرة التمساح، واستغلالها الاستغلال الأمثل، وبدلا من أن تكون الإسماعيلية منطقة سياحة اليوم الواحد،تصبح منطقة سياحية مستديمة، وتوضع على الخريطة السياحية لمصر، وكانت هناك منظومة لتنمية إقليم القناة وسيناء، لكنها تعطلت كثيرا، ثم عاد الحديث عنها الآن مرة أخرى، ولو اكتملت هذه المشروعات اعتقد أنها سوف تغير الخريطة الاقتصادية داخل الإسماعيلية، وستجعل الاقتصاد فى الإسماعيلية متعددا ومتنوعا, بحيث اذا حدث قصور فى نشاط معين - كما حدث فى الجانب الزراعى- فإن الأنشطة الاخري تعوض هذا القصور. كيف ترى مستقبل الزراعة فى الإسماعيلية؟ - تمتاز ثمار المانجو بالإسماعيلية بميزات عديدة فى الطعم والنكهة والقيمة الغذائية، وفى اعتقادى أنه لو تم إعداد تلك الثمار، وزراعتها بطريقة علمية وبيولوجية سليمة، فإنها ستتفوق على المانجوالمصدرة إلى دول أوروبا من باكستان والهند، كما أن الإسماعيلية تمتاز بإنتاج «الطماطم»،ورغم أن الاستثمارات فى الطماطم وكمية الأراضى المزروعة بها كبيرة جدا إلا أن العائد الاقتصادى للفلاح قليل للغاية، وقلة العائد المادى للمزارعين سيؤدى إلى انحسار زراعة الطماطم، ويرجع هذا إلى قلة تصدير تلك المحاصيل، وغياب المصانع التى من شأنها إعادة تصنيع تلك الثمار، سواء بإنتاج الصلصة أو عصير الطماطم، وتصديرها للخارج. كم يمثل حجم الزراعة بالنسبة للاقتصاد فى الإسماعيلية؟ - لا توجد احصائيات دقيقة لهذه العملية، ولكن الواقع يؤكد أن الجانب الزراعى يستحوذ على النسبة الأكبر فى الاقتصاد بالإسماعيلية، وهو يتراوح ما بين 60 و70% من حجم الاقتصاد، تليه الصناعة, وتأتى السياحة فى ذيل القائمة الاقتصادية بالإسماعيلية . ما أبرز المشكلات التى تعيق التنمية الزراعية فى الإسماعيلية؟ - أبرز تلك العوائق ما أشرت إليه من الاستخدام المفرط للمبيدات، ما يؤدى إلى انحسار التصدير، وكذلك هناك مشكلة عدم الاستخدام الأمثل لمياه الرى، لأن هناك إهدارا شديدا للمياه فى الزراعة، ولو تم استغلال المياه الاستغلال الامثل فسوف تزداد المساحة المزروعة، إضافة إلى غياب الأيدى العاملة فى الزراعة، واليومية للعامل الزراعى تصل إلى 80 جنيها، ومع ذلك هو غير متوافر، ولذلك فمزارع الإسماعيلية تعتمد على عمال وبنات التراحيل. ماذا عن نسبة البطالة فى الإسماعيلية؟ - البطالة ارتفعت نسبتها بشكل كبير فى خلال السنوات الماضية، وأصبح شأنها فى ذلك شأن البطالة فى كل ربوع الجمهورية، وفى تصورى أن حل مشكلة البطالة يتطلب من الجامعات تغيير سياستها، فلابد من التركيز على المدارس والجامعات الفنية، والخروج من فكرة أنها مؤسسات خدمية إلى أنها مؤسسات إنتاجية تنتج سلعا بشرية، ويتطلب أن تكون تلك السلع البشرية ذات جودة عالية، تتطابق مواصفاتها مع مواصفات السوق المحلى والإقليمى والعالمى، لأن الدراسات تؤكد أن أوروبا خلال السنوات المقبلة ستحتاج إلى عدد كبير جدا من العمالة الفنية المدربة، وتلك مسئولية الجامعات ووزارة التربية والتعليم. كيف أثر المجرى الملاحى لقناة السويس على الاقتصاد فى الإسماعيلية؟ - لو أن هذا المجرى موجود فى اى دولة من الدول المتقدمة فسوف يستغل استغلالا أمثل، وسيكون العائد الاقتصادى على المنطقة المحيطة به كبيرا جدا، لكن للأسف الشديد فإن محددات الأمن تعيق عملية التنمية على طول خط المجرى الملاحى، وهى تعيق عملية التنمية فى مدن القناة وسيناء، وبالرغم من ذلك فقد كان للهيئة مردود كبير على اقتصاديات مدن القناة، وتمثل ذلك فى مساهمتها فى تطوير البنية الأساسية لتلك المدن، من خلال توفير المياه والكهرباء، وتساهم فى ميزانية المحافظات الثلاث سنويا، وأعتقد أنه لو تم تنمية جانبى القناة، والتوغل بصورة أكبر فى الجانب الشرقى من القناة، ناحية سيناء، فسيكون المردود أفضل بكثيرعلى كل محافظات القناة وسيناء. هل تعتقد أن التواجد الأمنى المكثف للجيش فى منطقة القناة يمثل عائقا من عوائق التنمية فى تلك المنطقة؟ - نحن ما زلنا نعيش فى فوبيا الأمن، وعلى قيادتنا أن تدرك أن العالم من حولنا تغير، ولا بد أن ندرك أننا قرية صغيرة فى هذا العالم، ولابد ان نتعايش بآليات سوق هذا العالم، ولذلك لابد من إعادة صياغة الأمن وأفكار السيادة مرة أخرى، وعلينا أن نخرج من دائرة أفكار المؤامرات العالمية التى تحاك ضد مصر، ونسأل انفسنا لماذا لدينا هذه الاعتقادات الراسخة، ولابد ان نتعايش معا جميعا ، لكن ما يحدث حاليا يؤسف له,وبدأنا نقسم أنفسنا داخل مصر إلى سنة وشيعة، والسنة إلى سلفيين وإخوان، وجماعة إسلامية، وليبراليين وعلمانيين، وتلك التقسيمات بداية الانزلاق إلى الهاوية. لماذا توقف مشروع « وادى التكنولوجيا» ؟ - وادى التكنولوجيا عبارة عن مدينة تكنولوجية متكاملة،ويقع على بعد 10كيلو مترات من شرق القناة, بعد المعدية رقم 6، وهى منطقة تتبع محافظة الإسماعيلية، والمشروع عبارة عن عدد من المصانع المخصصة لانتاج الأدوات الإليكترونية المغذية للصناعات الكبيرة، وكان هناك اتفاق أن تتم الاستعانة بخبرات عدد من الشركات العالمية العملاقة، وكان مرصودا لهذا المشروع 50 مليون جنيه، صرف منها 16 مليونا وبعدها توقف المشروع بضغوط خارجية . ولماذا توقف مشروع « خمسين خمسين»؟ - هو مشروع كان مقررا إنشاؤه بمنطقة «أبو خليفة» على مساحة خمسة آلاف وخمسين فدانا، ولذلك عرفت بمنطقة «خمسين خمسين»، والمشروع كان عبارة عن منطقة صناعية كان مقررا لها أن تطرح كتقسيمات صناعية على المستثمرين، بغرض إنشاء عدد من المصانع التكميلية، لتحقيق الاكتفاء الذاتى، وكان مقررا أن يتم إنشاء منطقة سياحية بها، ومنطقة سكنية تخدم العاملين فى الجانبين الصناعى والسياحى، ولكن توقف المشروع دون سبب واضح. ما الذى قدمته جامعة قناة السويس لطلابها، ولأبناء القناة؟ - طورنا مستشفى الجامعة لخدمة كل منطقة القناة وسيناء، من حيث تحديث الادوات الطبية فى المستشفى، فاشترينا جهازا للرنين المغناطيسى، وأنشانا مركزا لعلاج الأورام فى منطقة القناة وسيناء، وتم إنشاؤهما بمساهمة عدد من رجال الأعمال بمنطقة القناة، بالإضافة إلى القوافل الطبية المجانية، وصندوق الرعاية الطبية، وعقد بروتوكولات مع مستشفيات وزارة الصحة، وأرسلنا ثلاث قوافل طبية لغزة، فى إحدى الزيارات لمركز الأوارم تلاحظ زيادة عدد مرضى الأورام فى محافظتى شمال سيناء وبورسعيد، فقررنا إجراء بحث طبى لمعرفة السبب فى ذلك، فأشارت النتائج المبدئية لمحافظة بورسعيد إلى أن نسبة التلوث العالى ووجود بحيرة المنزلة، وأسماك المنزلة الملوثة، واختلاط الصرف الصحى بالماء، كل هذه الأسباب تؤدى إلى الأورام، وفى منطقة شمال سيناء أشارت النتائج المبدئية الي أن الأورام تصيب أهالى المنطقة نتيجة للاستخدام المفرط للمبيدات المهربة، والسبب الآخر أنه نتيجة للحروب الكثيرة التى مرت بها منطقة سيناء فإنه ما زالت هناك آثار من الأسلحة والذخيرة المستخدمة فى التربة وهى تؤثر على النباتات، ومن ثم تؤثر على المواطنين.