أكدت مصادر قضائية مطلعة، أن الساعات الماضية شهدت اتصالات مكثفة، جرت بين مؤسسة الرئاسة، والنائب العام المستشار طلعت عبدالله، يتوسط فيها المستشار محمود مكي، النائب السابق لرئيس الجمهورية، مفادها ترتيب استقالة النائب العام. وكشفت المصادر في تصريحات خاصة ل"فيتو"، أن مبادرة الرئاسة، جاءت بناءً على رغبة إخوانية، لمحاولة ترضية حزب النور السلفي، وعودته مرة أخرى لتحالف الجماعة، خوفاً من تقاربه الأخير مع قيادات جبهة الإنقاذ الوطني، على خلفية المبادرة التي تقدم بها لحل الأزمة السياسية، ومن ضمنها إقالة النائب العام. وترغب جماعة الإخوان، في كسب ود السلفيين، خاصةً مع اقتراب إجراء الانتخابات البرلمانية، في غضون أشهر قليلة، لذا ترتب الرئاسة استقالة النائب العام، عن طريق تقديمه طلباً إلى مجلس القضاء الأعلى، بإعفائه من منصبه، وعودته مرة أخرى إلى منصة القضاء، على أن يرشح الأخير ثلاثة أسماء، يختار الرئيس من بينها، نائبا عاما جديدا. ووضع مجلس القضاء الأعلى، عدة معايير لاختيار الأسماء المرشحة لشغل المنصب، في مقدمتها ألا يكون النائب العام الجديد سبق ترشحه فى أى انتخابات بأندية القضاة المختلفة، وأن يكون مستقلاً، غير محسوب على فصيل أو تيار سياسي، بجانب عدم ظهوره فى وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية. في سياق الأزمة أيضاً، أجمع عدد كبير من القضاة والقانونيين،على وقوع المستشار طلعت عبدالله، في خطأ قانونى فادح، بإصداره قرار ضبط وإحضار للمنتمين إلى مجموعة "البلاك بلوك"، مخالفة للمادة 375 من التعليمات العامة للنيابات، والتى تقضي بوجوب أن يشتمل الأمر الصادر من النيابة، على (اسم المتهم - لقبه – وظيفته - محل إقامته - التهمه المسندة إليه - تاريخ الأمر - توقيع الصادر باسمه - الختم الرسمي للنيابة). وقد تقدم عدد من شباب القضاة والنيابة العامة، بمذكرة عاجلة إلى مجلس القضاء الأعلى، ضد النائب العام، اعتراضاً على القرار، ومطالبين بالتحقيق مع المستشار طلعت عبدالله، ليقينهم من مخالفته لصحيح القانون وأحكام المحكمة العليا، وتعليمات النيابة العامة. لم يكن الخطأ السابق هو الأول من نوعه، بل سبقه بأيام تصريحات منسوبة للمستشار حسن ياسين، المتحدث باسم النائب العام، بأن المستشار عادل السعيد، النائب العام المساعد السابق، أراد حبس الإعلامي محمود سعد، لكن المستشار طلعت عبد الله رفض هذا الأمر، وهو ما يعتبر أيضا مخالفة للقانون. وإذا صحت الواقعة، فإن الإفصاح عنها يشكل كارثة، لإفشاء أسرار المداولة، وهو أمر يعد إخلالاً بواجبات الوظيفة، وفقاً لنص المادة 43 من قانون السلطة القضائية، يقتضي إحالة مرتكبه للتأديب. المستشار شادى خليفة، عضو مجلس نادى القضاة، وممثل النيابة العامة به، قال: إن "قرار النائب العام، بضبط وإحضار أعضاء "بلاك بلوك"، وأيضاً تصريحات المستشار حسن ياسين، دعت شباب النيابة العامة لإصدار بيان برفض ممارسات طلعت إبراهيم، ومخالفته للقانون، وتحديداً المواد رقم 40 و 126 و 127 من قانون الإجراءات الجنائية والتعليمات القضائية للنيابات وأحكام محكمة النقض". وأضاف "خليفة"، أن المواد السابقة استقرت على أنه "يجب أن يشتمل كل أمر بالقبض، صادر من سلطة التحقيق، على أسم المتهم ولقبه وصناعته ومحل إقامته والتهمة المنسوبة إليه وتاريخ الأمر وإمضاء من أصدره والختم الرسمي"، وهذا ما لم يتناوله الأمر المطعون بحقه. من جانبه، طالب المستشار زكريا شلش، رئيس محكمة جنايات الجيزة، بضرورة إحالة المستشار طلعت عبد الله، إلى لجنة صلاحية، لارتكابه خطأ قانونيا فادحا – بحسب وصفه - ووضعه أعضاء النيابة العامة فى مأزق. وقال "شلش"، "من المفترض أن يعلم النائب العام كل نصوص القانون، ومواضع تطبيقها، وكونه يجهلها فهذه مصيبة كبرى ينبغى تداركها".