مر عامان على قيام ثورة ليبيا، وقد رافقتها تنبؤات عديدة منذ بدايتها مابين متفائلة ومتشائمة، سارت مسيرة التحول فى ليبيا، وبدات معالم الدولة الليبية الجديدة تتضح، وإن كان يغلب على الصورة العامة ملامح الفوضى والانفلات الأمني؛ غير أن هناك تغيرات كبيرة لايمكن تجاهلها والنظرة المتفحصة للوضع الليبى عن قرب تكشف أن هناك مسيرة جادة نحو البناء والتطوير، وان كان الطريق ملىء بعوائق وصعاب المرحلة الانتقالية ، فمن الصعب تغيير الواقع الليبى بين يوم وليلة، أو أن يتخلص الليبيون من سلبيات الدكتاتورية التى عاشوا فيها طويلًا . الآن وبعد انتهاء مدة المجلس الانتقالى وإجرائه للانتخابات فى موعدها وانتخاب المؤتمر الوطنى بالاقتراع المباشر من الشعب واستصدار قانون الأحزاب السياسية وانتخاب الحكومة المؤقتة وفق معايير مشددة ومحددة، وكلها إنجازات تحسب للثورة، تم إنجازها فى زمن قياسى نظرًا لطبيعة المرحلة وهى مكاسب للثورة استطاع الليبيون تحقيقها رغم العقبات، ولكن ماالذى تم تحقيقه للشعب والدولة بعد عامين من الثورة..؟ لقد بدأت الحكومة الانتقالية أعمالها وأمامها العديد من الملفات التى لم تنجز من الحكومة السابقة، بالإضافة إلى ملفات جديدة أخرى ومنها : أولاً:الملف الشائك المتأزم وهو الأمن، ثانياً: تشكيل الجيش، ثالثاً: إعادة وتطوير الشرطة، رابعاً: تأمين الحدود، خامساً: تهدئة الأوضاع فى الجنوب، سادساً: معالجة إشكالية الهجرة غير الشرعية ، سابعاً: إعادة بناء الدولة والمؤسسات، ثامناً: إعادة الأموال المهربة والمجمدة، تاسعاً: إعادة الأزلام ومحاكمتهم وتحقيق العدالة الانتقالية، عاشرا:ً ملف الجرحى والمفقودين ، الحادى عشر: جمع السلاح من الشارع ، الثانى عشر: النظر فى أوضاع أسر الشهداء والمفقودين والبطالة بين الشباب ورفع مستوى المعيشة وتحقيق العدالة فى توزيع الثروة . لقد عملت حكومة الدكتور "عبد الرحيم الكيب" جهدها لمعالجة هذه الملفات لكن الوقت لم يسعفها للانتهاء منها، وها هى حكومة الدكتور على زيدان تعمل جاهدة لمعالجة هذة الملفات والإشكالية فى الأمر أنه يتطلب من الحكومة أن تعالج كل هذة الملفات وأن تمضى فى سبيل بناء الدولة وتحقيق الرفاهية فى نفس الوقت، فعلى الرغم من الأموال التى صرفت على الجرحى لايزال هناك الكثير إلى جانب الحاجة لإعادة قطاع الصحة المتهالك وترميم المستشفيات الكبرى فى الدولة وخاصة فى مدينتى بنغازى وطرابلس، ورغم محاولات جمع السلاح ورغم المتطوعين الذين سلموا سلاحهم طواعية وأعلنوا انضمامهم للجيش لايزال هنالك الكثير خارج السيطرة ، ولايزال العديد من كتائب الثوار خارج إطار الجيش رغم محاولات الداخلية والدفاع لاستمالتهم ورغم مجهودات هيئة شئون المحاربين إلا أن عدم اكتمال بناء الجيش حقيقة خطيرة ومحزنة فى آن واحد. خلاصة القول أن هناك أعمالًا كثيرة وكبيرة تم تحقيقها ولكن فى المقابل هناك مطالب أكبر وآمال أكثر؛ هذا بالإضافة إلى وجود العقبات التى تعيق التقدم؛ فهناك الفساد الإدارى والمالى وماسببه من ضياع للأموال والجهود ، هناك السلبيات والقناعات الراسخة فى عقلية الكثير من الشعب الليبى موروثات الدكتاتورية والطغيان والتى من شأنها إفشال أى خطط مستقبلية مالم يتم معالجتها والقضاء عليها. وعليه لن نكون منصفين إذا قلنا إن الثورة أو الحكومة فشلت فى تحقيق أهدافها وإنما نكون منصفين أكثر لو قلنا إننا وفى نهاية العام الثانى من الثورة حققننا الكثير للشعب والدولة ولايزال هناك الكثير ينتظر الإنجاز ولكن الأمر يتطلب تكاتف الحكومة والشعب، الدولة والمواطن فى فهم متبادل للحقوق والواجبات حتى تتحقق الأهداف . وختامًا نقول حفظ الله ليبيا .